ثغرات قانونية تصعب مهمة الحكومة المغربية في محاربة الاحتكار

ماموني

تواجه الحكومة المغربية صعوبات في التصدي لظاهرة الاحتكار والمضاربات في الأسواق ويعود ذلك إلى وجود خلل في المنظومة القانونية، الأمر الذي يستغله البعض، وهو ما يتطلب حاليا تحركا برلمانيا جديا لتحديث النصوص التشريعية المتعلقة بهذا الجانب.

حذر نواب الأغلبية في البرلمان المغربي من وجود فراغ تشريعي يعرقل جهود الحكومة في مراقبة الأسعار ومحاربة الاحتكار والمضاربة، مشيرين إلى أن النصوص الموجودة حاليا غير فعالة.

ولم يستطع البرلمان اعتماد قانون مستقل يحارب المضاربات والاحتكار والتخزين العشوائي، فيما يواجه المغرب ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضراوات واللحوم البيضاء.

ويرى مراقبون أن الاحتكار والمضاربات ليست حكرا على المغرب بل هي ظاهرة تغزو العديد من الدول، لافتين إلى أن احتواءها يتطلب تضافر جميع الجهود، بما في ذلك تحديث التشريعات المتعلقة بها.

واقترح محمد غياث، رئيس تكتل التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، على الأغلبية البرلمانية التي تشكل الحكومة، قانونا من أجل “سد الفراغ القانوني القاتل وغير المبرر في ما يتعلق بالاحتكار والمضاربة وحماية سلاسل التوريدات، مع ضبط الأسعار وتنظيم أسواق الجملة، في حال تأخرت الحكومة في ذلك”.

 

رشيد لزرق: الاقتصار على لجان مراقبة الأسعار لن يعطي مردودية كبيرة
رشيد لزرق: الاقتصار على لجان مراقبة الأسعار لن يعطي مردودية كبيرة

 

وأكد نورالدين مضيان، رئيس تكتل حزب الاستقلال، المنضوي ضمن الأغلبية، بمجلس النواب، في اجتماع للجنة المالية والتنمية الاقتصادية، أن الارتفاع في الأسعار يستدعي تعزيز المراقبة ومحاربة الاحتكار والمضاربات، مع ضرورة اعتماد بعض الإصلاحات واتخاذ بعض الإجراءات القانونية للتصدي بكل حزم لجميع أشكال المضاربات والتلاعب بالأسعار ومحاربة الاحتكار في المواد الأساسية.

ورغم أن الأغلبية لم تتبن بعد اعتماد قانون مستقل يحارب المضاربات والاحتكار والتخزين العشوائي، لكن الناطق الرسمي باسم الحكومة أقر خلال ندوة صحافية أعقبت جلسة المجلس الحكومي الخميس الماضي، بصعوبة تتبع المضاربين والمحتكرين للسلع التي لم تنخفض أسعارها رغم وعود الحكومة.

وقد فتح العاهل المغربي الملك محمد السادس المجال أمام البرلمان والحكومة، في خطاب العرش، في يوليو الماضي، لمواجهة هذه الظاهرة، عندما دعا المؤسسات الدستورية وهيئات إنفاذ القانون إلى محاربة الاحتكار والمضاربات وتحقيق الربح دون اعتبار للمصلحة الوطنية العليا.

وعلق رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن تواصل النسق التصاعدي للأسعار رغم كل المحاولات لكبحها، يأتي نتيجة غياب قوانين جديدة وفعالة وإرادة حكومية لمواجهة الاحتكار والمضاربة، موردا أن غياب التشريعات حاليا لا يمكن أن يكون ذريعة للحكومة بعدم التصدي للمضاربين والمحتكرين الذين يتحايلون لضمان أرباح غير مشروعة، إذ يمكنها أن تقوم بتسقيف الأسعار عندما تتجاوز حدا معينا.

وتحفيزا للمشرع المغربي، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره حول تسويق المنتجات الزراعية الصادر في 2022، إلى وضع إجراءات للحد من تضخم الوسطاء بين المنتجين المزراعين والمستهلكين، مسجّلا أن “دورة تسويق المنتجات الزراعية في المغرب تتسم بالحضور القوي للوسطاء الذين يشكلون حلقة حاسمة في سلسلة القيمة”.

وينعكس الحضور القوي للمضاربين بشكل سلبي واضح على المنتج والمستهلك على حد سواء، خاصة بالنسبة للفواكه والخضراوات، حينما لا تواكبها مراقبة صارمة ومستمرة ومكثفة بالقدر الكافي، بحسب تقرير أخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، (مؤسسة دستورية).

البرلمان لم يستطع اعتماد قانون مستقل يحارب المضاربات والاحتكار والتخزين العشوائي

ومع التأثير السلبي للوسطاء على الأسعار خصوصا في شهر رمضان، هناك أيضا ضعف المراقبة، ويؤكد لزرق، في تصريح لـه، أن هناك تهربا من تحمل المسؤولية في ما يخص المتسببين في ارتفاع الأسعار، حيث إن الحكومة ترمي الكرة في ملعب مؤسسة الحكامة كمجلس المنافسة والمجلس يرمي الكرة في ملعب الحكومة تحت مبرر فراغ تشريعي، وبينهما يختنق المواطن أمام غلاء غير مسبوق.

وبلغت أسعار بعض الخضر التي يستهلكها المغاربة بكثرة إلى مستويات قياسية، كالطماطم والبصل، اللذين قفز سعرها بين 12 و16 درهما للكيلوغرام، ما جعل الحكومة توجه أصابع الاتهام إلى الوسطاء والمضاربين والمحتكرين باعتبارهم السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار.

وأكد محمد صديقي، وزير الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ضرورة ضبط سلسلة تسويق وتوزيع وتصنيع المنتجات البحرية، ومكافحة احتكار المنتجات الغذائية من طرف الوسطاء، وأن يكون المشتغلون في مجال الوساطة “معروفين”، وذلك بهدف تسهيل مهمة ضبط مجال تدخلهم من طرف السلطات المعنية، بما يفضي إلى خفض الأسعار التي تباع بها المنتجات الغذائية إلى المستهلك المغربي.

أسعار بعض الخضر التي يستهلكها المغاربة بكثرة بلغت إلى مستويات قياسية

وبينما لا يزال الوسطاء مهيمنين على السوق المغربية، ووصول أسعار أنواع من الخضر إلى مستويات قياسية، يبدو أن التدابير التي أعلنت الحكومة اتخاذها قبل أسابيع قليلة من اليوم، لم تنجح في كبح الارتفاع في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية والزيادات المتواصلة في أسعار هذه المواد، خصوصا في ما يتعلق بأسعار الخضر واللحوم الحمراء والبيضاء.

وأقر مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال ندوة صحافية أعقبت التئام المجلس الحكومي الخميس الماضي، بأن المجهودات التي قامت بها الحكومة من أجل الحد من ارتفاع الأسعار لم تحقق الأهداف المطلوبة.

وأكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك،  لـه، أن التحكم في الأسعار أمر صعب كون السوق محررة منذ 23 سنة، ولا تستطيع الحكومة سوى مراقبة المواد المدعمة والمقننة، وأنها حاليا مطالبة بمراقبة مراحل الإنتاج للقضاء على الوسطاء والمضاربين.

وواصلت اللجان المكلفة بمراقبة الأسعار وجودة المواد الغذائية على مستوى بعض المحافظات منها أكادير – إداوتنان، جنوب المغرب، وذلك في إطار عمليات ضبط أسعار وجودة المنتجات الغذائية بمختلف الأسواق وبنيات التوزيع، وتهدف هذه العملية إلى التحكم في أسعار المنتجات وجودتها، وكذلك حماية المستهلك من جميع أنواع الممارسات الاحتيالية المتعلقة بالأسعار والتلاعب بتموين الأسواق.

ويرى رشيد لزرق، في تصريحاته لـه، أن خروج لجان مراقبة الأسعار إلى الأسواق، في ظل غياب منظومة قانونية ومؤسساتية فعالة في مواجهة المحتكرين والمضاربين، لن يعطي مردودية كبيرة، لأن هذه اللجان تعمل فقط على إظهار الأثمان دون أن تكون لها القدرة على تسقيف الأسعار.

وأكد رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بمحافظة أكادير – إداوتنان خالد حسونة، في تصريح صحافي، أن هذه العملية تهدف بالأساس إلى ضمان التزويد المنتظم بالمواد الأكثر استهلاكا، ومحاربة أشكال المضاربة على السلع والمواد الاستهلاكية، وضمان شفافية المعاملات، خاصة في شهر رمضان المبارك.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: