مستقبل صناعة النسيج في المغرب رهين توسيع الاستثمار

ماموني

عزز المغرب رهانه على إحداث قفزة في نشاط قطاع النسيج والملابس خلال السنوات المقبلة من خلال البحث عن سبل تفكيك العقبات أمامه لرفع القدرة التنافسية للشركات المحلية وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية وزيادة الصادرات.

 ينظر العاملون في قطاع النسيج المغربي إلى وجود إمكانيات كبيرة لتطوّر هذه الصناعة بسبب جودة المنتجات وتكاليفها الرخيصة، وأيضا للفرص الاستثمارية الكثيرة في سياق توظيف معايير الاستدامة بما يدعم رقم المعاملات السنوية ويعزز الإيرادات.

وأكد رئيس مجلس جهة طنجة – تطوان – الحسيمة عمر مورو خلال افتتاح النسخة التاسعة عشرة للمعرض الدولي للنسيج، التي احتضنتها مدينة طنجة مؤخرا، أهمية القطاع من حيث توفير فرص العمل والمساهمة في تنمية قيمة صادرات البلاد سنويا.

وقال إن “مستقبل قطاع النسيج رهين بتعاون الحرفيين والتقاء سياساتهم واهتماماتهم، وكل المؤسسات العمومية والخاصة”.

ويتمتع القطاع بالقوة الكافية للدخول في مرحلة جديدة بفضل إمكانياته بدءا بالمهارات ذات الصيت العالمي لدى أكبر العلامات التجارية الكبرى وجودة إنتاجه وقدرته التنافسية، مما يسمح له بفتح أسواق جديدة للتصدير.

 

أنس الأنصاري: القطاع وازن ومحرك للاقتصاد كونه أكبر مشغل صناعي
أنس الأنصاري: القطاع وازن ومحرك للاقتصاد كونه أكبر مشغل صناعي

 

وركزت هذ الدورة من المعرض على معايير البيئة والاستدامة في صناعة النسيج والألبسة، والتي لم تعد خيارا، بل ضرورة ملحة في إطار المسؤولية الاجتماعية والبيئية للشركات.

وباتت مختلف حلقات سلسلة قطاع النسيج والألبسة في البلاد مهتمة بالتنمية المستدامة بمختلف جوانبها البيئية والاقتصادية والاجتماعية.

ويؤكد مسؤولون ومهنيون على ضرورة الاستجابة لرهانات تموين القرب، وتوفير منتج “صنع في المغرب” مندمج، مع تعزيز التنافسية وتمكين السوق الداخلية والاستدامة والريادة الإقليمية، إضافة إلى دعم المبادرات المستدامة واعتماد إنتاج خال من الكربون.

واعتبرت الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة أن ملامح تحقق طموح جعل المغرب منصة إنتاج مستدامة وتنافسية للنسيج والألبسة بحلول 2035 بادية الآن لدى مختلف العارضين المشاركين في معرض “ماروك إن موود”.

وقال رئيس الجمعية أنس الأنصاري إن “النسيج والألبسة قطاع وازن ومحرك للاقتصاد على اعتبار أنه أكبر مشغل صناعي”. وأشار إلى المساهمة الكبيرة للقطاع في الميزان التجاري.

وبلغت صادرات القطاع مستوى قياسيا خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية فاقت 30 مليار درهم (2.86 مليار دولار)، أي بنمو يتجاوز 20 في المئة على أساس سنوي.

 

رياض مزور: علينا تعزيز الشراكات والتعبئة لبناء قطاع نسيج مستدام
رياض مزور: علينا تعزيز الشراكات والتعبئة لبناء قطاع نسيج مستدام

 

وذكّر وزير الصناعة والتجارة رياض مزور بالمستوى القياسي الذي بلغته صادرات قطاع النسيج التي سجلت ارتفاعا بنسبة 33 في المئة في الثلث الأول من هذا العام.

ودعا جميع الفاعلين للعمل المشترك والتعبئة من أجل بناء قطاع نسيج مستدام بغية خلق المزيد من فرص العمل، وتنمية حصص السوق إزاء الطلب المتزايد.

وترفد صناعة النسيج الاقتصاد المحلي بنحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنها تعد من بين القطاعات الحيوية التي تستأثر بمكانة كبيرة في الأسواق الأوروبية والأميركية.

وطالبت جمعية الشركات المتوسطة والصغرى لصناعة النسيج والألبسة من الجهات الحكومية بالإسراع في تنفيذ مخرجات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات 2019.

ويتعلق الأمر بمراجعة تدابير ورسوم الاستيراد والتصدير بالنسبة إلى المواد الأولية التي تدخل في صناعات المنتجات المحلية والمصنوعة في الخارج أو المنتجة بشكل غير كاف.

وأكدت الجمعية على ضرورة اتخاذ قرارات جريئة من أجل دعم علامة “صنع في المغرب” ودعم القدرة التنافسية للمنتجات المحلية في وجه المنتوجات الأجنبية مع بناء جدار حماية قوية له.

ويعتقد الأنصاري أن النسيج المغربي كان على الدوام قطاعا وازنا وأحد أكثر القطاعات ديناميكية في الاقتصاد، مشددا على أن الاستدامة “تشكل جواز النمو بالنسبة إلى صناعة النسيج والألبسة”، وأنها لا تمثل خيارا بل ضرورة.

وحاليا يتم توجيه الصادرات بالأساس إلى سوقين رئيسيين، هما إسبانيا وفرنسا، وتعمل جمعية صناعة النسيج على تطوير الصادرات عبر اقتحام أسواق جديدة واستقطاب زبائن آخرين.

20

في المئة نسبة نمو صادرات القطاع في أول تسعة أشهر من 2022 لتبلغ 2.86 مليار دولار

كما تعمل الجمعية على تنظيم معارض محلية ودولية تتيح للمهنيين المغاربة الالتقاء بزبائن جدد من السوقين المحلية والخارجية، بهدف التخفيف من التبعية إلى عدد محدود من الزبائن.

وتسعى كذلك إلى فتح آفاق جديدة للقطاع، لاسيما مع التحول العالمي تجاه الاعتماد على مناطق الإنتاج القريبة وإدراج معايير الانتاج النظيفة والمستدامة في قطاع النسيج والألبسة.

وبحسب مدير مكتب المغرب العربي لمؤسسة التمويل الدولية كزافيي ريل فإن التحدي الذي يواجهه القطاع الآن هو اغتنام مختلف الفرص التي تتيحها المتغيرات الجارية، والتحول من أجل الاستجابة للطموحات البيئية والاجتماعية للسوق.

وأوضح ريل أن الابتكارات وأنماط الاستهلاك الجديدة والاهتمامات الاجتماعية والبيئية تغير القطاع على نحو عميق، بينما تفسح النماذج الإنتاجية التقليدية المجال لممارسات جديدة أكثر شمولا واحتراما للبيئة.

ووفق أرقام جمعية صناعة النسيج يبلغ عدد الشركات العاملة في القطاع 1628 شركة، تشغل 189 ألف شخص، أي ما يعادل نسبة 22 في المئة من القوى العاملة النشطة في البلاد.

ويقول المسؤولون إن القطاع يمكنه تحقيق رقم معاملات سنوي يصل إلى 5.6 مليار دولار مع صادرات تصل إلى نحو 4 مليارات دولار، ناهيك عن قيمة مضافة تبلغ نحو 1.7 مليار دولار.

وتم إطلاق رؤية “نسيج 2035″، والتي تطمح من خلالها جمعية صناعة، إلى ضخ ديناميكية جديدة في القطاع للاستجابة بطريقة سريعة وتنافسية لأصحاب الطلبيات وللأسواق المستهدفة.

Thumbnail

وترتكز الرؤية على أربعة محاور تنموية، هي المرونة والابتكار والجودة والاستدامة لزيادة قيمة الصادرات إلى 60 مليار درهم (5.73 مليار دولار)، مع زياد الحصة في أسواق أميركا الشمالية وأوروبا إلى نسبة 20 في المئة من إجمالي الصادرات.

وقال رئيس الغرفة الجهوية للتجارة والصناعة والخدمات عبداللطيف أفيلال إن “الظروف الحالية تتطلب تضافر الجهود من أجل دعم القطاع لتجاوز تداعيات الجائحة الصحية وارتفاع أسعار الطاقة في العالم”.

ويبدو أن العاملين في قطاع النسيج مهيأون من خلال رؤيتهم الجديدة لدخول مرحلة جديدة في تطوير هذه الصناعة ليجعلوا منها أرضية مستدامة وتنافسية والاستجابة بسرعة للإستراتيجية العالمية.

وترى المديرة العامة لجمعية صناعة النسيج فاطمة الزهراء العلوي أن الإمكانات التي يمتلكها القطاع، والتي تتمثل أساسا في تفاعليته ومرونة المصنعين والقرب من أوروبا، مكنت من توفير حلول حقيقية لإشكاليات الموردين خلال هذه الأزمة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: