المغرب: أمين عام حزب معارض يصف إعفاء وزيرة الصحة بـ«الارتباك والتخبط الحكومي» وقيادية اشتراكية: إما الوزارة وإما رئاسة المدن

يوسف لفرج

تفاعل سياسيون وإعلاميون مع طلب الإعفاء الذي تقدمت به نبيلة الرميلي، وزيرة الصحة المغربية المعينة حديثاً من منصبها، بحكم وجودها على رأس بلدية مدينة الدار البيضاء، وهو الطلب الذي وافق عليه العاهل المغربي مساء الخميس، حيث أعاد الوزير السابق خالد أيت الطالب إلى المنصب نفسه.
في هذا الصدد، دعت حنان رحاب، البرلمانية السابقة عن حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” المعارض، ثلاثة وجوه سياسية إلى الاقتداء بنموذج الوزيرة المعفاة من منصبها، وعدم الجمع بين الحقيبة الوزارية ورئاسة مجالس بلدية.
وكتبت على فيسبوك: “لنأخذ منطق أمينة الرميلي، ولنسلّم بأنها طلبت الإعفاء لتتفرغ لسكان الدار البيضاء، وتكون قريبة منهم، وهذا منطق إيجابي وجميل. لكن، لا يعقل أن تكون رئيس حكومة وترأس بلدية أغادير، أو تكون وزيراً للعدل وترأس بلدية تارودانت، كما لا يعقل أن تكوني وزيرة للإسكان وعلى رئيس بلدية مراكش في وقت واحد”، في إشارة ـ على التوالي ـ إلى عزيز أخنوش وعبد اللطيف وهبي وفاطمة الزهراء المنصوري.

الرميلي نموذجاً

وخاطبت القيادية الاشتراكية هؤلاء: اجعلوا نبيلة الرميلي نموذجاً، واختاروا أين تمارسون سلطتكم على المغاربة: إما الوزارة وإما رئاسة البلدية، لكن الجمع بين الاثنين فلا يجوز”. ورفعت وسماً إلكترونياً: “لا لتعدد المهام”، “لا لتعدد التعويضات”.
وكتب إسحاق شارية، أمين عام “الحزب المغربي الحر”، تدوينة أوضح فيها أنه “بعدما اقترح رئيس الحكومة وزيرته نبيلة الرميلي رغم علمه المسبق أنها عمدة الدار البيضاء، اليوم وبعد أسبوع على تعيينها سيتقدم إلى جلالة الملك بملتمس إعفائها وإرجاع خالد آيت الطالب إلى منصبه السابق”. وبعدما سجل أن “العذر أكبر من الزلة” تساءل شارية: “كيف اكتشف رئيس الحكومة هذا الاكتشاف، وقد كان يعلم وقت اقتراحه أن السيدة قد انتخبت لرئاسة بلدية الدار البيضاء؟. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يتقدم بطلب إعفاء كافة الوزراء الذين انتخبوا على رأس مدن، ويبدأ من نفسه بصفته رئيساً لبلدية أغادير؟”.
واستطرد القيادي الحزبي قائلاً: “إن الأعذار التي صاغها رئيس الحكومة لتبرير ملتمس إعفاء وزيرة من حزبه وحكومته بعد أسبوع من توليها لمنصبها وأدائها للقسم بين يدي الملك لهو دليل على حجم الارتباك والتخبط الذي تعانيه هذه الحكومة منذ ولادتها رغم المساحيق التجميلية الكثيرة التي يراد منها تغطية تشوّهاته”. وتواصلت الانتقادات الموجهة إلى البرنامج الحكومي الذي تقدم به رئيس الوزراء المغربي، عزيز أخنوش. ولاحظت أسبوعية “الأيام” في افتتاحية عددها الجديد أن ذلك البرنامج “خلا من الأرقام والمواعيد رغم أن هذه حكومة التكنوقراط”. وتساءلت: “كم ستكلف هذه الإصلاحات الطموحة التي تتوخى جبر الضرر الاجتماعي ميزانية الدولة؟”. وأضاف نور الدين مفتاح، مدير الصحيفة نفسها: “نحن أمام أوراش فرعونية، من الحماية الاجتماعية إلى تثوير قطاع الصحة فالتعليم، ثم خلق أكثر من مليون منصب شغل وخلق طبقة فلاحية متوسطة والزيادة في أجور الموظفين. فمن أين سيأتي رئيس مجلس الإدارة الحكومية بالموارد؟ وكيف سيدبر الاحتجاجات الطبيعية الناجمة عن ضرورة مباشرة أولويات وتأجيل مطالب فئات وقطاعات؟ والمشكل الخطير في هذا الورش الطموح والضروري هو تحديد المعوز والفقير بحيث إن من يحصل على الحد الأدنى للأجر قد يكون خارج التصنيف، فهل سيقوى المواطن البسيط بدخل لا يتجاوز 3000 درهم على تحمل تحرير أسعار المواد المدعومة لحد الآن؟”.
وأكد الإعلامي نفسه أن “البلد محدودة الموارد، والدخل القومي لا يتجاوز المئة مليار دولار إلا بقليل، والمشكل ليس في البرنامج الطموح أو الكفاءات “الخارقة” ولكن في القدرة السياسية على تنزيل الإصلاحات دون أحلام ولا أوهام، ولا خلط بين مسؤولية الحكم ومهارات التدبير”.
وتوقع أن يكون الاختبار “عسيراً بالنسبة للسيد أخنوش ومن معه، وسيمتحنون في مواجهة الشعب ولهيب الخصاص”. وفي اعتقاد نور الدين مفتاح فإن المشكلة الأكبر في هذه الحكاية “هي النماذج التي تسيطر اليوم على مقاليد التحكم في البلديات والجهات والمؤسسات المنتخبة، غالبيتهم مركّب مصالحي مخيف، موكول له تنزيل أكبر مشروع إصلاحي في العهد الجديد. والخوف كل الخوف أن يفترس المصالحي الإصلاحي، ويتم افتراس النموذج التنموي والطبقة المتوسطة والمعوزة، فلا سلطة مضادة اليوم لهذا المد الهادر. ولهذا نسأل الله اللطف في ما ستأتي به الأيام”.
في سياق متصل، كتب أحمد جزولي، الخبير في الحوْكمة الديمقراطية: “كنت أتوقع من رئيس حكومة قادم من مجال الأعمال أن يأتي ببرنامج حكومي يحترم المواصفات الدنيا للبرنامج: رصد الواقع بإحصائيات دقيقة تعكس خط الانطلاق، وأهداف واضحة تعكس التنمية البشرية المراد تحقيقها، وخطة عمل، وتصور/ توقعات مالية (الموارد والمصاريف)، ومعايير للتقييم، ورزنامة زمنية دقيقة للإنجاز، كل ثلاثة شهور وكل سنة”. ولاحظ أن “كل هذا لم يتم، وتم استغلال وجود أغلبية عددية لتمرير إنشاء فاقد للمواصفات العلمية للبرنامج، وهو مجرد تصريح حكومي في أحسن الأحوال”.
ووجه جزولي السؤال التالي إلى رئيس الحكومة: “لو أن أحد موظفيك بإحدى شركاتك جاءك بمثل هذا “البرنامج” لتطوير مجال ما، هل كنت ستقبله وتموله؟”، ليجيب “لا أعتقد”.

من أين سيأتي التمويل؟

واعتبر الإعلامي حسن اليوسفي المغاري أن البرنامج الحكومي حين يتحدث عن التزامات من قبيل “إحداث مليون منصب عمل صاف على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة”، و”تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة”، و”حماية وتوسيع الطبقة الوسطى”، و”توفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي”… فيجب طرح السؤال العريض عن مصدر تمويل هذه السياسة الطموحة، الأمر الذي لم يتم التطرق له في البرنامج ذاته ولو بإشارات، وبالتالي ستظل علامات استفهام كبيرة حول طُرق تحصيل الموارد، بعيداً عن القروض المالية من طرف المؤسسات الدولية المانحة التي أغرقتنا بالمديونية وملفات الخصخصة طيلة العشرين سنة الماضية.
واستدرك بالقول: “الأكيد أن هناك تحديات أمام برنامج يهدف إلى تحقيق عدالة اجتماعية، لكن الواقع أيضاً يفرض علينا البحث عن المؤشرات التي بإمكانها تحقيق ذلك البرنامج، أو جزء منه، لا سيما أمام الوضع الاقتصادي الوطني والإقليمي والدولي الناتج عن ظروف الجائحة خلال سنتين، وكذلك مدى توفر آليات تنزيل المشروع المجتمعي المسطر في تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد”.
وأضاف قائلاً: “لقد خاض المواطن المغربي معارك عديدة من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية، وهنا وجب التذكير بما اصطلح على تسميته إعلامياً بحراك الريف، وحراك جرادة، ومجموعة أخرى من الوقفات الاحتجاجية والمسيرات كان أبرزها ملف الأساتذة وأزمة التعاقد وملف هيئة التمريض بمختلف تنسيقياتهما… كذلك الشأن بالنسبة لحملة المقاطعة التي خاضها المغاربة سنة 2018”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: