أين أنا من عصر النفاق والتطبيل ؟

بوشعيب البازي

ليس الذنب ذنبي… أنه ذنب الذي سكب النفاق والغش والخديعة في النهر … ماذا يفعل ذو مروءة بين أهل الخداع في أرض النفاق؟

النفاق الذي أريده في مقالي هذا ليس النفاق الشرعي المذكور في القرآن الكريم والسنة، بل المقصود هو النفاق الدنيوي الذي أصطلح على تسميته بـ«التطبيل».
ولو أردنا تعريف المنافق اليوم لقلنا:
«هو عازف بارع على آلة طبل غير مرئية»
النفاق سبعون درجة، أدناها أن تقول لمسؤولك الذي يأكل فحل بصل: الله الله… ما أجمل هذه الزهرة بين يديك.
النفاق موهبة، نعم موهبة، فليس كل من أراد أن يكون منافقا طبالا يستطيع.

النفاق موهبة تحتاج لصقل، ويتم صقلها بالعلم والتعلم، وما من جامعة تعلمها أكثر من جامعة الشارع.
النفاق يحتاج لكاريزما، فالتطبيل من صاحب الكاريزما كأنه عزف بيانو، والتطبيل من الشخص غير الموهوب كأنه مارشات عسكرية.
كل المسؤولين إلا باستثناءات نادرة، يحبون المنافقين أكثر من الناصحيـــن.
فعندما
اتصفح سير الأولين والحياة التي كانوا يمتلكونها، أقف مذهولا أتساءل هل الحياة نشأت على أطوار أم البشر تراتلو عليها، من المُفسدمن الفاسد نحن أم هي؟ بالطبع أقصد حياة أسلافنا أجدادنا، كبوة الإشراق والازدهار الإسلامي من الذي حققه ولم يكن هناك أي مصباح ولا حاسب ولا جوال ولا عربات ولا طائرات! فليخبرني أحدكم عن مصداقية التطور عن رقي الحضارة من أين تنبع؟

نعيش في وسط لا يعرف للصدق مكان، كل من حولك يعانون من متلازمة بالكاد تقارن بالحرباء، إنه النفاق يا صاح! إنه أسوء الأزمنة علىالإطلاق ولا ندري لعلّ القادم أشد وزراً، أراه ملاكاً أمام البعض على عكس ما يبديه أمامي فأقف أتفرج، أهذا هو! أم أني كعابر فيالصحاري يتوهم بالواحة! وكما يُقال في الأمثال عن أمثاله (آية مصحف) لغلو السلام الذي يظهره لك، ورقي الكلمات التي ينطقها، أنا لمأصدق بوجود مثل هؤلاء حتى اُبتليت بعشرتهم ويا نقمة هذا البلاء.

صرت أظن بنفسي أني قد اقترفت إثم عظيم أو فاحشة لا قدر الله، لأنّ توغلت في قضاء أوقات مع فاسق منافق، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً، كرهت الأمر لدرجة أني أظنّ بنفسي لكني تعلمت، وقد أيقنت تماماً ما معنى الحضارة الحقيقة وأن ما آل إليه العالم من اختراعات وتطورات ليس جديراً بما حققه الأولون، الفرق شاسع هم كانوا بالصدق والأمانة يحييون أما نحن فصار ندرة أن تلقى الصادقين، تجردّوا من قيم ديننا ومن رقيه العظيم وصارت الحضارة والتحضر تؤخذ من آراء المستشرقين، وأن تتبع أحد علمائنا فأنت بنظرهمتقليدي!

عن نفسي والله بعد أن عرفت أحد المنافقين وغلوه في فسوقه وكذبه، والله أني صرت أخشى على نفسي منه، تأكد تماماً أنك ستكون مخطئاً أمام الجميع إن لم تتحرر من أخلاقيتك التي تمنعك أن تكذبه وتجادله في حقك أمام الآخرين، سيتكبر وسيزداد غلواً وكذباً وسيجتهد ويستمربأن يرمي كل عثراته بثقلها على أعتابك، في مجتمعنا المتأسلم، هو منافق إذاً هو الرابح، الكذب دهاء، والغلو فيه شطارة، فلن يجرؤ أحد وإن كان صادق أن يقف أمامه سيحاول مراراً أن يتجنبه سيسكت ويتغاضى قدر استطاعته، فقط كي يتجنب زوره وبهتانه، لكن عليك أن تكون وقحاً حتى تستطيع الرد بالمثل، أو أن تكون شيخاً عالماً بلغت من الحياة مبلغاً حتى توقفه وتضع له حداً، أما إن كنت في مطلع شبابك ثائرعلى الحياة تتعشق الصدق وتسعى لإحياء الحق، فوقوعك فريسة مع منافق سيكون السلّم الذي تتسلقه أما أن يبقيك على طريقك في محاربة الباطل أو أن تسقط أخلاقياً لتصير مثله وتحلق في أجواءه، فاحذر الضلالة يا صاح.

يا أيها المجتمع قد قالت الأعراب آمنا، فحاجهم الله في قرآنه وقال لا تقولوا آمنا بل قولوا أسلمنا، لا تضعوا هذا المنافق موضع لا يستحقه ليس كل ما ينطق به مؤمن به، كم من الوعود أقرّها وكرر بها ولم يحرك ساكن حيالها، كم من الأمم والحضارات سقطت وزالت بسبب هؤلاء الفاسقين، ألا زلتم تعلّقون آمالكم على من يُشهد الله على أمره وهو ألد الخصام!

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: