المغرب يسعى لتحصين أمنه القومي بتشديد الرقابة على جرائم غسيل الأموال

سارعت المملكة المغربية منذ عقد من الزمن إلى وضع الأدوات القانونية والمؤسساتية اللازمة في مجال مواجهة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تعبيرا عن إرادتها القوية في مجال مكافحة الجريمة وتنفيذ التزاماتها الدولية في هذا الإطار.

وشدد مسؤولون في القضاء والنيابة العامة ووزارة العدل بالمملكة الخميس على ضرورة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالنظر إلى ما يترتب عليه من مخاطر جسيمة، مؤكدين على هذا الجهد المؤسساتي لمحاصرة مخاطر وتهديدات هذه الآفة التي قد تواجهها البلاد في القطاعين العام والخاص، حيث تبنت المملكة استراتيجية وطنية للحد من تلك المخاطر والتحكم فيها.

وأمام ارتفاع خسائر جرائم غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، أكد مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المغرب يقود تجربة تنموية متفردة، بتحديات جيواستراتيجية كبيرة، كما عمل على تقوية بنيته الاقتصادية والإدارية، ويباشر إصلاحات كبرى في مجالات مختلفة ترتكز على آليات متعددة، وفق المعايير الدولية لمكافحة هذه الظاهرة الإجرامية العالمية.

وأبرز المتدخلون في ندوة نظمتها وزارة العدل بمدينة العيون، حول “تفعيل التزامات المحامي في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”، أن الدولة مطالبة بتطوير ترسانتها التشريعية، والتنظيمية، والمالية، لتكون قادرة على التصدي لأساليب التمويه، ولبنية الإجرام التي تتطور باستمرار، وأن هذا الموضوع يتطلب مقاربة تشاركية مندمجة حقيقية بين مختلف الفاعلين، والمهنيين، لتطوير بنية رقابة وقائية وردعية للوصول إلى المؤشرات والمعايير العالمية.

وأكد خبراء القانون أن هذا الأمر ينطبق على جميع المرتبطين بمجال القضاء والعدل كالمهن القانونية ومنها العدول والموثقون والمحامون، حيث أن الكل ملزم بتفعيل الالتزامات المفروضة قانونا على تلك المهن كواجب الالتزام باليقضة والتصريح بالاشتباه والمراقبة الداخلية، وفق ما تنص عليه مقتضيات القانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال.

وفي هذا الصدد أشار بوشعيب الفضلاوي، رئيس الهيئة الوطنية للعدول، إلى أن العدول يقومون بكتابة مجموعة من أنواع العقود في العقار المحفظ وغير المحفظ والمعاملات المالية الأخرى، مسجلا أن الحفاظ على استثمار البلاد واقتصادها رهين أيضا بالتزام العدول بالانخراط في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الذي يهمهم وأن يبلغوا بجميع الحالات المشتبه بها “لا من أجل فضح الأسرار ولكن من باب الاحتفاظ على استثمار واقتصاد الوطن”.

وساهمت جهود المغرب في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في كشف العديد من الجرائم، حيث تم برسم سنتي 2019 و2020 تسجيل ما مجموعه 390 قضية (229 قضية سنة 2019 و161 قضية سنة 2020)، منها ما هو في طور البحث الجنائي ومنها ما هو في التحقيق الإعدادي أو المحاكمة.

وأكد محمد عبدالنباوي، رئيس النيابة العامة، أن إخفاء الأموال غير المشروعة وإضفاء الشرعية عليها يؤديان إلى احتكار المجرمين لهذه الأموال، وبالتالي التحكم في الحركة الاقتصادية، مما ينعكس بشكل مباشر على مستويات مختلفة اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، وبالتالي على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وتتجدد المنظومة القانونية الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، نظرا لطبيعة الجريمتين وخصوصية مرتكبيها وتعدد المتدخلين فيها، وفي هذا السياق أشاد محافظ بنك المغرب عبداللطيف الجواهري بالقفزة النوعية التي شهدتها المنظومة المغربية في هذا المجال، مبرزا أن الترسانة القانونية الوطنية في مكوناتها الوقائية والردعية، عرفت تعديلات أساسية لجعلها تتوافق مع المعايير الدولية من أجل مواجهة مخاطر عولمة الاقتصاد ورقمنة المعاملات.

وأكد مصطفى فارس أن حاجة المغرب الذي يقود تجربة تنموية متفردة بتحديات جيواستراتيجية، تبدو كبيرة لتطوير ترسانته القانونية والمالية ولتقوية بنيته الاقتصادية والإدارية ومباشرة إصلاحات كبرى في مجالات مختلفة ترتكز على آليات متعددة وفق المعايير الدولية لمكافحة هذه الظاهرة الإجرامية العالمية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: