أحزاب مغربية تدعو إلى تقليص دور وزارة الداخلية في تدبير الاستحقاقات الانتخابية وتشكيل لجنة وطنية يترأسها قاض للإشراف عليها

دعت أحزاب مغربية إلى تقليص دور وزارة الداخلية في تدبير الاستحقاقات الانتخابية وتشكيل لجنة وطنية للانتخابات يترأسها قاض من أجل الإشراف على الاستحقاقات المقبلة، وتكون مكلفة بالتنسيق والتتبع ومواكبة الانتخابات، وتكون ذات طابع مختلط.
وكشفت أحزاب المعارضة البرلمانية المكونة من حزب الاستقلال (أعرق الأحزاب المغربية) وحزب الأصالة والمعاصرة (ليبرالي) وحزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي سابقاً) عن مواقفها من الإصلاحات السياسية والانتخابية في مذكرة جديدة شهوراً قبل انتخابات 2021 قدمتها في ندوة صحافية في الرباط أمس الأربعاء.
وأكدت الأحزاب الثلاثة في مذكرتها للحكومة وقدمتها في ندوتها الصحافية، أنها تؤمن بقيم الحرية والعدالة والديمقراطية والمشاركة، وتستحضر مسارات التطور السياسي والدستوري والمؤسساتي في المغرب ونضالات الشعب المغربي من أجل توطيد الديمقراطية الحقة، وإقرار الحريات العامة وحقوق الإنسان، وبناء الدولة الوطنية القوية، وتجد نفسها اليوم كذلك مطوقة بأمانة تحصين المكتسبات الديمقراطية والحقوقية والسياسية التي تحققت في عهد الملك محمد السادس، ومواصلة العمل على التثبيت النهائي للديمقراطية، وتقوية دولة القانون والعدل والمؤسسات.
واعتبرت الهيئات السياسية الثلاث أن دستور 2011 شكل «لحظة مفصلية في تاريخ المغرب، بالنظر إلى أهمية الإصلاحات الكبرى التي أقرتها الوثيقة الدستورية على مستوى الحقوق والحريات وإقرار العديد من المبادئ المؤطرة لعلاقات السلط فيما بينها على أساس الفصل والتكامل والتعاون وترسيخ الاختيار الديمقراطي كأحد الثوابت الدستورية للدولة».
وأشارت إلى أن الأحزاب السياسية الوطنية لعبت «أدواراً مهمة في دينامية الإصلاح الديمقراطي ببلادنا من خلال نضالاتها التواقة لإقرار الحرية والديمقراطية، جسدتها مختلف مذكرات الإصلاح السياسي والدستوري التي رفعتها إلى الملك، والتي كان لها أثر مباشر على تطور المتن الدستوري، والمسار الديمقراطي في بلادنا».
واقترحت الأحزاب الثلاثة أن تتكون اللجنة الوطنية للانتخابات، بالإضافة إلى ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية الممثلة في البرلمان، من ممثلي الحكومة والسلطة القضائية، وتكون بمثابة آلية للتشاور والإعداد والتتبع، على أن تتكلف الحكومة بالتدبير الإداري للانتخابات. وتشكل لجان إقليمية على صعيد كل عمالة أو إقليم لدى اللجنة الوطنية للانتخابات.
ودعت إلى الحفاظ على نظام الاقتراع المزدوج: أحادي/لائحي، في الانتخابات الجماعية، واعتماد الانتخابات باللائحة في الجماعات التي يفوق عدد سكانها 50.000 نسمة، وفي الجماعات التي تقل ساكنتها عن هذا العدد شرط وجود مقر العمالة فوق ترابها، واعتماد الاقتراع الأحادي الاسمي في باقي الدوائر الانتخابية. كما دعت إلى تقوية مشاركة النساء والشباب باعتماد لوائح جهوية للنساء، والشباب ذكوراً وإناثاً، بدل اللائحة الوطنية، مع رفع عدد المقاعد التي كانت مخصصة للائحة الوطنية، في أفق تحقيق المناصفة بالنسبة للنساء ومراعاة تمثيلية الأطر والكفاءات والجالية المغربية بالخارج.
قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إن المذكرة تهدف إلى استعادة الثقة في الحقل السياسي ومصالحة المواطن مع السياسية وتقوية الديمقراطية والمؤسسات المنتخبة وخدمة للمواطنين، وإحداث انفراج سياسي وحقوقي قادر على بعث الثقة في نفوس المواطنين، والعمل على توضيح الرؤيا السياسية وأدوار الفاعل السياسي والتكنوقراطي.
وأبرز أن الأساسي في الإصلاحات الانتخابية هو أن تتحقق ثلاثة أهداف أساسية، أولها تحقيق نسبة مشاركة مرتفعة، لأنها هي من ستعطي المصداقية للعمل السياسي وللمؤسسات المنتخبة، وثانياً ضمان نزاهة الانتخابات، والمحور الثالث هو ضرورية أن تكون هناك تمثيلية حقيقية للمواطنين والمواطنات.
وقال عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إن أحزب المعارضة البرلمانية (الاستقلال، التقدم والاشتراكية، والأصالة والمعاصرة)، لا تقترح التصويت الإجباري، بل تدعو إلى تحفيز المواطنين للمشاركة في الانتخابات، وأكد أن الديمقراطية إن لم تقبل بالأحزاب الصغيرة، فإنها ليست ديمقراطية، لأنه لا ينبغي أن تبقى الأحزاب الكبيرة والمتوسطة مهيمنة على العملية الديمقراطية، بل يجب أن تقبل أيضاً تلك المناقضة لها.
وقال نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن تقديم الأحزاب الثلاثة لمذكرة مشتركة بدل أن يبقى كل واحد يرى المشهد السياسي كما يريد وكل واحد يقدم مذكرة على حدة، فالفائدة كبيرة بتقديم مذكرة مشتركة من أجل عقلنة وترشيد المشهد السياسي، «إذ لو تمكنت الأحزاب السياسية أن يكون لها موقف مشترك فيما يتعلق بالمشهد السياسي والانتخابي، سيكون مفيداً، مشيراً إلى أن المذكرة المشتركة لا تعني تحالفاً بين الأحزاب الثلاثة في الاستحقاقات القادمة التي «يفصلنا عنها ما يناهز السنة، وكل شيء في وقته».
وحول تمثيلية الجالية، قال نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، إن تمثيلية مغاربة العالم أمر أساسي في العملية الانتخابية، مضيفاً أنه من الضروري وجود هذه التمثيلية في الاستحقاقات المقبلة: «هناك مجلس لمغاربة العالم له طبيعة استشارية، وبالتالي يجب أن يكون أفراد الجالية المغاربة حاضرين من خلال لوائح انتخابية جهوية، تأخذ بعين الاعتبار ارتباط كل مرشح بجهته، ليتمكنوا من لعب دور تشريعي ويتخذوا القرارات» مشدداً على ضرورة الاستفادة من كفاءات الجالية من خلال المشاركة في الانتخابات، وليس فقط الاستفادة من أموالهم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: