كورونا توجه ضربة قاضية للإقتصاد المغربي

أحدث فايروس كورونا صدمة شديدة في قطاع الأعمال المغربي بفعل تأثير الوباء على مناخ الاستثمار والأنشطة الصناعية والتجارية بعد تراجع حركة المواطنين والعمال في ظل صدمة لم يعرف الاقتصاد العالمي مثيلا لها منذ الأزمة المالية العالمية.

تصاعد قلق المنظمات الاقتصادية في المغرب من أزمة انتشار فايروس كورونا وأصبح كابوسا يؤرق الجميع بعد أن قلب التوازنات الاقتصادية لكافة البلدان التي تشهد موجة انتشار الوباء.

وحذرت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين التابعة لحزب الاستقلال، من حدوث أزمة اقتصادية في المغرب، بسبب تفشي كوفيد- 19 في العديد من الدول، التي تربطها به علاقات تجارية، خصوصا الصين، ودول الاتحاد الأوربي.

وأشارت الرابطة إلى أن الاقتصاد المغربي يعتبر من بين اقتصادات الـ20 دولة الأكثر تأثرا في العالم، بشكل مباشر، من تراجع النشاط الاقتصادي في الصين، نظرا للتباطؤ التجاري في أوروبا، أحد أهم منافذ التصدير للبلاد.

ودعت الرابطة التي تضم خبراء اقتصاد، الحكومة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لتفادي فقدان مناصب الشغل، والحد من تداعيات فايروس كورونا المستجد، وتراجع نمو الاقتصاد المحلي.

وقالت الرابطة، إنه بالإضافة إلى الآثار السلبية للجفاف هذا الموسم، فإن تأثير فايروس كورونا المستجد ينذر بانخفاض ملموس في معدل النمو، الذي توقعته الحكومة في إطار قانون المالية 2020.

فوزي زمراني: تم إلغاء حجوزات السياح وإلغاء بعض الملتقيات الإقليمية

وأوضحت أن هذا الانخفاض يمكن أن يتراوح بين 0.5 و1.5 نقطة نمو، حسب تطور هذا الفايروس في الزمان، والمكان.

وقدَّر خبراء اقتصاد تابعون للأمم المتحدة الأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي بسبب فايروس كورونا الجديد بحوالي 50 مليار دولار على مستوى صادرات الصناعات التحويلية في جميع أنحاء العالم، خلال شهر فبراير الماضي لوحده.

وتكبدت قطاعات اقتصادية مغربية خسائر كبيرة يصعب حصرها بسبب التداعيات المتفاقمة على الصناعات المختلفة مثل صناعة الآلات الكهربائية ومعدات الاتصالات وقطاع السيارات والطيران.

ويرى خبراء مغاربة أن قطاعات التصدير، خصوصا الصناعة التقليدية والسياحة، وقطاعات النقل والتجارة والمطاعم والترفيه ووكالات الأسفار، بدأت تتضرر من الأزمة.

وفي هذا السياق طالبت كتلة حزب العدالة والتنمية في مجلس النواب رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات مستعجلة لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة بالقطاع السياحي على تجاوز تداعيات تراجع النشاط السياحي.

وقال البرلمانيون إن الانعكاسات الاقتصادية السلبية للوباء بدأت تظهر تدريجيا على معظم القطاعات، وخاصة القطاع السياحي الذي يرتبط نشاطه ارتباطا وثيقا بحركة الأشخاص داخل وخارج البلاد.

ودعا الحزب إلى “اتخاذ إجراءات حازمة لمنع السفر إلى بؤر الفايروس بهدف تطويقه والحد من انتشاره. وذكر نائب رئيس الكنفيدرالية الوطنية للسياحة، فوزي زمراني، أن “القطاع السياحي سجل إلغاء حجوزات عدد من السياح الأجانب، إضافة إلى إلغاء وتأجيل بعض الملتقيات الإقليمية والدولية التي كان يزمع أن تحتضنها مجموعة من المدن المغربية، حتى إشعار آخر.

القطاع السياحي الأكثر تضررا

ودعا الاتحاد العام لمقاولات المغرب (منظمة أصحاب الشركات الخاصة) إلى المزيد من اليقظة للتأثير الكبير للفايروس على محركات النمو، مطالبا الشركات بالتعبئة بقوة للتعامل مع هذه الأزمة.

وعلى مستوى التداولات المالية ببورصة الدار البيضاء، تراجعت قيمة 48 سهما من أصل 50 شركة مدرجة الأسبوع الماضي، حيث تابع محللو شركة وفا بورس، المتخصصة في معالجة طلبات المتعاملين بالأسهم عبر عمليات البيع والشراء في سوق الأوراق المالية، أكبر التراجعات من طرف أسهم الشركات العاملة في قطاعات التمويل والعقارات وتوزيع المحروقات والصناعات الرقمية.

لكن الخبير المالي والاقتصادي الطيب أعيس، قلل من خطورة الوباء قائلا “لا داعي لتهويل التداعيات الاقتصادية. المغرب يمكنه استثمار هذا الوضع الاقتصادي لتنويع مصادره من المواد الأولية وباقي المنتجات الصناعية التي تحتاجها السوق المحلية”.

ودعت منظمة المرأة الاستقلالية إلى ضرورة اعتماد تدابير عاجلة، ووضع آلية استباقية للرصد لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة، وذلك من خلال نهج مقاربة تشاركية لمواجهتها، والحد من مخاطرها، مع ترقب واغتنام الفرص، التي قد تتيحها.

واعتبر خبراء أن القطاع السياحي المغربي يعد الأكثر تضررا من انتشار الفايروس على الصعيد العالمي، نظرا لليد العاملة المهمة التي يحتويها القطاع، حيث تراجع الإقبال على شراء تذاكر الطيران وإلغاء حجوزات الفنادق.

توقعات بانخفاض النمو الاقتصادي

وطالبت أحزاب بإجراءات عملية مستعجلة لإنقاذ الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في قطاع السياحة، نظرا إلى أن قطاع النقل السياحي يعاني أصلا من ارتفاع حجم الديون المرتبطة بالاستثمارات والمستحقات الشهرية الناجمة عنها.

وتواجه الشركات بفعل الظرف الاستثنائي لانتشار الوباء تراجعا في حجم رقم معاملاتها، مما يجعلها تواجه صعوبات لا حصر لها مما يؤثر على قدرتها على صرف المستحقات.

وحثت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، على تشجيع الحفاظ على فرص العمل من خلال إنشاء آليات دعم الشركات الأكثر تضررا، والإعفاء الجزئي من التكاليف الاجتماعية، مع تمديد آجال سداد الديون المصرفية.

ودعت الرابطة الحكومة إلى تحديد سياسة عمومية استباقية لمواجهة الأزمات، إضافة إلى إدارة تداعياتها، معبرة في الوقت ذاته عن ارتياحها للتدابير الوقائية، التي اتخذتها السلطات من أجل التخفيف من خطر انتشار الفايروس.

واقترحت وضع خطة لحماية القطاعات الأكثر تضررا من الأزمة، وإجراءات للحفاظ على فرص العمل، وزيادة الطلب المحلي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: