موقف إسباني حاسم لا يعترف بجبهة البوليساريو

جددت الحكومة الإسبانية موقفها من قضية الصحراء المغربية رافضة الاعتراف بجبهة البوليساريو الانفصالية.

وأكدت وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، أن بلادها لا تعترف بـ”الجمهورية الصحراوية”، وأن مدريد تدعم الجهود الأممية للتوصل إلى حل سلمي في ما يخص قضية الصحراء المغربية، في خطوة فسرها مراقبون بمثابة تبرؤ من لقاء جمع وزيرا إسبانيا بوفد عن جبهة البوليساريو الانفصالية مؤخرا.

وكان كاتب الدولة الإسباني للحقوق الاجتماعية، ناتشو آلفاريز، المنتمي إلى حزب “بوديموس”، قد استقبل، الجمعة، ما يسمى بـ”الوزيرة الصحراوية للشؤون الاجتماعية وترقية المرأة”، بحجة “مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك”، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين إسبانيا وجبهة البوليساريو.

وعلى إثر احتجاج المغرب على استقبال كاتب الدولة الإسباني للحقوق الاجتماعية وفدا عن الجبهة الانفصالية، أوضحت أرانشا غونزاليس لايا خلال اتصال هاتفي بنظيرها المغربي ناصر بوريطة موقف الحكومة الرسمي من جبهة البوليساريو.

وشددت المسؤولة الإسبانية على أن “المقابلة لا تعكس موقف الحكومة الإسبانية، وأن موقف إسبانيا لم يتغير باعتباره سياسة دولة”.

صبري الحو: سيتم احتواء الخلاف المغربي – الإسباني حول ترسيم الحدود البحرية

وأكدت أن إسبانيا “لا تعترف بالجمهورية الصحراوية”، مضيفة “ندعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سلمي في إطار قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.

ويعتبر رد الحكومة الإسبانية على سلوك أحد وزرائها بمثابة تطمين للمغرب، على أن العلاقات الثنائية وكذلك موقفها من ملف الصحراء لن يتأثر بهكذا تصرف، وهو ما أوضحته غونزاليس لايا، بأن “موقف إسبانيا بشأن قضية الصحراء، موقف دولة، وليس رهينا بتغير الحكومات، أو التحالفات”.

ووصف مراقبون الخطوة التي أقدم عليها كاتب الدولة الإسباني للحقوق الاجتماعية، ناتشو آلفاريز، المنتمي إلى حزب “بوديموس”، بالاستفزازية ولا تخدم منطق التعاطي الواقعي والموضوعي مع ملف الصحراء المغربية الذي تعتبره الحكومة الإسبانية شأنا أمميا لا يمكن التدخل في مجرياته وإجراءاته.

ويأتي موقف الوزير المنتمي إلى حزب بوديموس متضامنا مع الأحزاب الإسبانية القومية التي دعت إلى “مواجهة المغرب بمواقف متشددة”، بعد قراره ترسيم الحدود البحرية وإنهاء ظاهرة التهريب في سبتة والمعبر الحدودي بني أنصار المتاخم لثغر مليلية المحتلة.

وأشار نوفل بوعمري، المحلل السياسي، إلى أن “ما يقوم به المغرب تجاه سبتة ومليلية السليبتين، رد فعل طبيعي على صعود اليمين المتطرف المتمثل في حزب فوكس الذي هاجم السكان الأصليين من مغاربة سبتة وطالب بطردهم من المدينة”.

وتابع بوعمري لـ”أخبارنا الجالية ” أن “المغرب في السابق كان لا يقوم بأي إجراء تجاه سبتة ومليلية لأن هناك جهات داخل الدولة الإسبانية كانت تستغل ملف الصحراء للضغط على المغرب، أما اليوم ومع التراكم السياسي الذي تحقق في الصحراء فقد تم تقويض فرصة لي ذراع المغرب بملف وحدته الوطنية”.

ويذهب بعض المتابعين إلى الاستنتاج أن أطرافا بعينها تريد استغلال التطورات الأخيرة للنيل من توازن العلاقات المغربية الإسبانية وتوافقهما في عدد من الملفات الكبرى كالإرهاب والهجرة، ومحاولة استغلال المغرب قرار ترسيم حدوده البحرية لتحدث أزمة بينهما.

لكن المغرب وإسبانيا منفتحان على الحوار بخصوص ترسيم الحدود البحرية وفقا لقواعد ومعايير اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون البحار.

ويلفت صبري الحو، الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء لـ”أخبارنا الجالية ” إلى أن “إسبانيا تفطنت إلى أن قوتها في المحافظة على مغرب قوي ومتماسك وموحد، وأن الاختلاف بينهما ومهما وصلت حدته، فإنه لن يتعدى حدود التنافس ولن يرقى إلى صراع، وأن مبدأ التوافق سيكون شعار اللحظة والمستقبل، وفي إطار ذلك سيتم احتواء الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية”.

ويضيف الحو أن “المغرب وإسبانيا يدركان أن الجغرافيا السياسية وأمن واستقرار المنطقة تجعل منهما حتما وقدرا حليفين استراتيجيين رغم كل شيء، فالمغرب يمسك بأوراق مختلفة منها المتعلقة بالتدبير التعاوني لمحاربة الهجرة غير النظامية، ومنها تلك المرتبطة بتعاونه الأمني للقضاء على الإرهاب ومنها ذات الصلة بمحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والمخدرات، وهو تعاون مغربي يخدم بالأولوية الأمن الوطني الإسباني والقومي الأوروبي عامة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: