المغرب يحصّن سلطته على المجال البحري للصحراء بتحيين منظومته القانونية

صادق البرلمان المغربي الأربعاء على قانونين يوسعان سلطة المملكة القانونية لتشمل المجال البحري للصحراء المغربية.

وأعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي ناصر بوريطة قبيل المصادقة على النصين، “كان علينا تحيين المنظومة القانونية الوطنية للمجالات البحرية”، مضيفا أن “من شأن هذا التحيين أن يتيح تحديدا دقيقا للمجالات البحرية الواقعة تحت سيادة المملكة المغربية”.

وصوت أعضاء مجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان المغربي، بالإجماع على هذا القانون، بالإضافة إلى قانون ثان مرفق به ينص على إحداث منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية.

وأكد بوريطة في عرضه أمام البرلمان أن تبني هذين القانونين هو “مسألة داخلية سيادية”، لكنه شدد في الوقت نفسه على “انفتاح المغرب واستعداده للحوار والتفاوض مع جيرانه وخاصة اسبانيا لمعالجة أي تداخل في المجالات البحرية للبلدين”.

كما أكد نائبان تحدثا باسم الأغلبية والمعارضة تأييدهما التام للقانونين، ووقف الجميع مصفقين بعد تبنيهما بالإجماع.

ويحدد القانونان المجال البحري الذي يقع تحت السيادة المغربية على واجهتي البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، بما في ذلك مياه سواحل الصحراء الغربية المتنازع عليها، حتى الحدود مع موريتانيا.

وأوضح ناصر بوريطة أن من الأسباب التي أملت هذه الخطوة ضرورة تحيين التشريعات الوطنية لتطابق “السيادة الكاملة للمملكة المغربية في حدودها الحقة البرية والبحرية”، وذلك على اعتبار أن القانون الذي كان يحدد المجال البحري للمغرب اعتمد سنة 1973 أي قبل ضم الصحراء الغربية.

وقال بوريطة أن “المصادقة على هذين المشروعين اللذين يحدّدان المجال البحري المغربي، فرضته ثلاثة أسباب رئيسية”، موضحا أن السبب الأول يتعلق بتجاوز الفراغ التشريعي الخاص بترسيم الحدود.

وتابع أن هذا التحرك (المصادقة على مشروعي القانون) جاء على اثر خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء “الذي شدّد فيه على ضرورة استيعاب الهوية المجالية المغربية التي تغيرت بمسيرة الخضراء”.

ويتعلق السبب الثاني بحسب بوريطة بتحيين المنظومة القانونية للمجال البحري التي تعود إلى سنوات 1973 و1975، مضيفا أن المغرب قد تجاوزها بفرض سيادته على الأقاليم الجنوبية وبانخراطه في اتفاقية قانون البحار.

وقال “تحيين الترسانة القانونية يُمكّن من استكمال بسط السيادة القانونية على كافة المجالات البحرية. وتحيين القوانين المرتبطة بالمجال البحري المغربي يتيح تحديدا دقيقا للمجالات البحرية الخاضعة للسّيادة المغربية من خلال 12 ميلا بالنسبة للمياه الإقليمية و24 منطقة متاخمة و200 ميل بالنسبة للمنطقة الاقتصادية الخالصة و350 كحد أدنى للجرف القاري”.

ويتعلق السبب الثالث بـ”ملاءمة التشريعات الوطنية مع القوانين الدولية واتفاقيات الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982″، فيما أكدّ بوريطة أنّ “هذه الأسباب كلها مرتبطة بالهوية المجالية والفراغ التشريعي وملاءمة الالتزامات الدولية

ويسيطر المغرب على 80 % من الصحراء المغربية مقترحا منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة بوليساريو الانفصالية باستقلالها. وترعى الأمم المتحدة منذ عقود جهودا لإيجاد حل سياسي متوافق عليه ينهي هذا النزاع.

وسارع الانفصاليون إلى التقليل من شأن الخطوة المغربية، مؤكّدين أنّ القانونين “لن يكون لهما أي أثر قانوني”.

وقال المسؤول في البوليساريو محمد خداد إنّ “القانونين اللذين أصدرهما المغرب بشأن المجال البحري للصحراء المغربية ليسا سوى ذرّ للرماد في العيون لخداع الرأي العام المغربي ولن يكون لهما أي أثر قانوني”.

وأضاف “هذه مجرد دعاية ليست لها أي قيمة قانونية دولياً”.

وأثار مشروعا القانون قبل المصادقة عليهما نقاشات في اسبانيا بسبب جزر الكناري التي تقع في الساحل الأطلسي المقابل للمناطق الجنوبية المغربية.

وفي هذا الصدد أوضح ناصر بوريطة أن “المغرب ليس له أية نية في فرض الأمر الواقع الأحادي الجانب، لكنه حريص في الوقت نفسه على حماية حقوقه السيادية ومستعد للحوار البناء على أساس المنفعة المشتركة”.

وتابع “المغرب مستعد بل ويطلب الحوار والتفاوض في إطار حقوقه السيادية، إذا وقع أي تداخل بين المجالات البحرية للبلدين”.

وأعلن، في تصريح للصحافة عقب جلسة التصويت، أنه سيؤكد هذا الأمر لنظيرته الاسبانية أرنشا كونزاليز التي تزور الرباط الجمعة، مشيدا بالعلاقات مع هذا البلد الذي وصفه “بالشريك الاستراتيجي والحليف الموثوق”.

وبالموازاة مع تبني هذين القانونين، أطلق المغرب في الآونة الأخيرة مبادرات دبلوماسية لتأكيد سيادته على الصحراء المغربية شملت على الخصوص افتتاح أربع تمثيليات أجنبية لدول إفريقية في مدينتي العيون والداخلة.

وتستعد مدينة العيون في الصحراء الغربية لاستضافة نشاط دبلوماسي آخر في فبراير يتمثل في الاجتماع الوزاري بين المغرب ودول المحيط الهادئ ال12.

كما اختار المغرب مدينة العيون لاستضافة بطولة كأس إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة ما بين أواخر كانون يناير ومطلع فبراير، وهي الخطوة التي اعتبرتها بوليساريو “مساسا بالقوانين الدولية” و”نبل الرياضة”. فيما طالبت اللجنة الأولمبية الجزائرية الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بتجنب “أية مناورات ذات طبيعة سياسية”.

وفي مايو استقال آخر مبعوث أممي في هذه القضية، الرئيس الألماني الاسبق هورست كولر “لأسباب صحية” بعدما تمكن من جمع الطرفين حول طاولة مفاوضات بعد ست سنوات من القطيعة. ولم يعين بعد خلف له.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: