الإصلاحات البنيوية تعطي زخما جديدا للاقتصاد المغربي

تكشف القفزة الكبيرة في توقعات النمو في العام الحالي عن زخم جديد للاقتصاد المغربي يستند إلى الإصلاحات البنيوية المتسارعة، التي تمكنت من التغلب على المطبات والتحديات المحلية وتأثيرات التداعيات غير المواتية التي تقذفها الأزمات الاقتصادية العالمية.لا

تزايدت المؤشرات على أن اقتصاد المغرب تخطى معظم المخاطر الهيكلية بفضل الإصلاحات التي عززت التوازنات ودفعت النمو إلى مستويات مستدامة تدعم جاذبية مناخ الأعمال لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية ومن ثمة تعزيز الاستقرار الاقتصادي في البلاد.

ويظهر ذلك في توقعات الرباط بتحقيق نمو يصل هذا العام إلى 3.5 بالمئة بفارق كبير عما تحقق العام الماضي عند 2.7 بالمئة العام الماضي. بل إن التوقعات ترجح تسارع النمو في العام المقبل إلى 3.6 بالمئة ثم إلى 3.8 بالمئة في 2022.

وأكد تقرير للبنك الدولي الأسبوع الماضي أن الإصلاحات المغربية لمنظومة الأسعار ودعم أسعار الطاقة، ساهما خلال الفترة الممتدة بين 2010 و2014، في تحسين مناخ الأعمال وتحقيق أهداف المشاريع.

أما صندوق النقد الدولي فقد أكد أن أداء الاقتصاد المغربي حافظ على توازنه رغم ضعف النمو لدى أكبر شركائه التجاريين والمخاطر الخارجية المرتفعة والتقلبات التي شهدها قطاع إنتاج الحبوب.

وأفاد الصندوق أن المغرب أثبت التزامه بالإصلاحات المالية الهيكلية المهمة، التي مكنت من تعزيز قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات الخارجية، وتحقيق نمو أعلى وأكثر شمولا.

سعدالدين العثماني: نسبة التضخم في المغرب هي الأقل بين دول المنطقة
سعدالدين العثماني: نسبة التضخم في المغرب هي الأقل بين دول المنطقة

وقال رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، إن ”المغرب يعرف أقل نسبة تضخم في المحيط كله، وزيادة تكلفة المعيشة للمواطنين ضعيفة سنويا، في سياق نسبة النمو العالمي المتناقضة”.

وأشار إلى أن التوقعات للعام 2019 حصرت نسبة النمو عند 3.4 بالمئة، فيما ستبلغ نسبة النمو ما بين 3.7 و3.9 بالمئة خلال هذا العام.

ودعا رئيس الحكومة، إلى ”مواصلة الإصلاحات الكبرى ودعم السياسات الاجتماعية وإعطاء حركية جديدة للاستثمار، ودعم المبادرة الخاصة بهدف زيادة النمو وإحداث فرص عمل، وهي من الأمور التي تتنزل ضمن أولويات الحكومة للفترة المتبقية من ولايتها.

وأحدث المغرب إصلاحات في قطاع المحروقات من خلال تخفيض العبء المالي في حجم الدعم، لتجنب الآثار السلبية الخطيرة التي قد تنجم عن تدهور القدرة الشرائية.

وحسب خبراء البنك الدولي، فقد انتقلت الحكومة منذ العام 2013 لأول مرة إلى الإعلان عن أسعار المنتجات البترولية والتزمت تدريجيا بتحرير معظم منتجات الطاقة بالكامل.

وأوضح التقرير الأخير للبنك الدولي أنه تم تنفيذ الإصلاحات دون إثارة اضطرابات اجتماعية على الرغم من عدم وجود تحويلات نقدية إلى الأسر في حين أن مدخرات الميزانية من الإصلاح كانت تستخدم لتمويل الإصلاحات الأخرى.

وأفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن الاقتصاد المحلي سيحقق نموا يقدر بنحو 3.3 بالمئة خلال الفصل الأول من العام الجاري مقارنة بنحو 2.5 بالمئة خلال نفس الفصل من عام 2019.

ويعود النمو إلى ارتفاع القيمة المضافة في الزراعة بنسبة 2.8 بالمئة، فيما يرتقب أن يشكل القطاع الثالث الدعامة الأساسية لنمو الأنشطة غير الزراعية، خلال الفصل الأول من 2020، حيث ستحقق قيمته المضافة زيادة تقدر بنحو 3.3بالمئة ونحو 2.3 بالمئة بالنسبة للقطاع الثانوي.

وستشهد القيمة المضافة الزراعية كذلك زيادة تقدر بنحو 6.8 بالمئة، وذلك بفضل كمية الأمطار وتوزيعها الملائم على المناطق الزراعية، وخاصة خلال شهري فبراير ومارس 2020 وفق إحصائيات رسمية.

كما سيستفيد القطاع الزراعي الحالي، من تحسن المساحات المزروعة من الحبوب والقطاني والكلأ على وجه الخصوص، فيما ستشهد الزراعات الخريفية كالحوامض بعض التقلص.

ويتوقع خبراء المندوبية السامية للتخطيط أن يشهد الطلب الخارجي الموجه للمغرب ارتفاعا بنسبة 3.1 بالمئة، حسب التغير السنوي، كما ينتظر أن يواصل الطلب الداخلي تطوره التصاعدي، بفعل التحسن المنتظر في مستوى العرض في المنتجات الزراعية وارتفاع القدرة الشرائية للأسر مع ارتفاع محدود لأسعار الاستهلاك.

وقالت المؤسسة المالية العالمية إن النشاط السياحي الإيجابي، سوف يستمر في دعم نمو مستوردي النفط، كما هو الحال في المغرب، فيما سيصبح الإنتاج الزراعي أقل إيجابية، وذلك بسبب ضعف الطلب العالمي، وخاصة في منطقة اليورو، تحديدا في دول الاتحاد الأوروبي.

ويؤكد البنك الدولي أنه من شأن الإصلاحات السياسية والنشاط السياحي المرن أن “يدعم استئناف النمو في المغرب، بنسبة 2.2 بالمئة في 2020″، فيما يتوقع التقرير أن تستمر السياحة، التي يتم دعمها بفضل الترويج الحكومي، في دعم النشاط.

 الطلب الخارجي الموجه للمغرب يشهد ارتفاعا بنسبة 3.1 بالمئة
 الطلب الخارجي الموجه للمغرب يشهد ارتفاعا بنسبة 3.1 بالمئة

وفي هذا السياق توقع بنك المغرب، أن يتسارع النمو إلى 3.8 بالمئة خلال 2020 وإلى 3.7 بالمئة في العام 2021.

وكان قد زار فريق من موظفي صندوق النقد الدولي بقيادة نيكولا بلانشر، المغرب، خلال الفترة بين 29 أكتوبر و7 نوفمبر 2019، لإجراء مناقشات مع السلطات المغربية حول المراجعة الثانية بموجب اتفاق “خط الوقاية والسيولة” الذي تمت الموافقة عليه في ديسمبر 2018.

ووافق المجلس التنفيذي للصندوق على اتفاق قرض للمغرب بحوالي 3 مليارات دولار في ديسمبر 2018 وأكدت السلطات أنها لن تعتمد على القرض وستحتفظ به كإجراء احتياطي.

وحسب كل المؤشرات سيتطور الاقتصاد المحلي، خلال الفصل الأول من 2020، بفعل الاستقرار النسبي في المخاطر مقارنة مع الفصل السابق، وذلك بفضل تراجع التخوفات من حدوث أزمة اقتصادية عالمية وتقلص الضغوطات التجارية بين واشنطن وبكين.

ومن المنتظر أن تشهد المبادلات التجارية العالمية انتعاشا طفيفا، فيما سيواصل الاقتصاد العالمي نموه بوتيرة أقل من منحاه المتوسط.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: