الرباط تتسلح بإجراءات مستدامة لمواجهة الفقر المائي

كشفت الحكومة المغربية عن خطة استراتيجية قصيرة المدى لمواجهة الفقر المائي بعد أن تفاقمت هذه الظاهرة خلال السنوات الأخيرة بفعل موجة الجفاف غير المعتادة، التي ضربت منطقة شمال أفريقيا منذ أربع سنوات تقريبا نتيجة الاحتباس الحراري.

أعلن المغرب أنه سيتسلح بإجراءات مستدامة للسنوات السبع المقبلة للتأقلم مع موجة الجفاف وتأمين إمدادات المياه للسكان، في تأكيد على أن قضية إدارة المياه باتت أولية قصوى.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن الرباط ستنفق قرابة 115 مليار درهم (12 مليار دولار) على إمدادات المياه بين 2020 و2027 لتلبية الطلب المتزايد.

والدخل الزراعي متقلب في البلد شبه القاحل حيث يتسبب تغير المناخ في موجات من الجفاف والسيول الصيفية في بعض المناطق.

وأظهرت أحدث المؤشرات أن الحصاد الزراعي للموسم الحالي لم يكن في حجم الطموحات رغم حرص الحكومة على اعتماد برامج تتماشى مع المخطط الأخضر، الذي تراهن عليه الدولة لتعزيز عوائد القطاع مستقبلا.

وأعلنت الحكومة عن محصول للحبوب قدره 5.2 مليون طن بانخفاض يقدر بنحو 49 بالمئة مقارنة مع العام السابق بسبب نقص الأمطار.

22 ترتيب المغرب في قائمة بلدان العالم الأشدنقصا في المياه، وفق المعهد الدولي للموارد

ويأتي هذا الرقم أقل من متوسط الإنتاج في ظل مخطط المغرب الأخضر والذي يبلغ 7.2 مليون طن. ويشمل حصاد 2.8 مليون طن من القمح اللين، و1.34 مليون طن من القمح الصلب و1.16 مليون طن من الشعير.

ومعظم المساحات المزروعة بالحبوب هي ملكيات صغيرة لمزارعين يعتمدون عليها في كسب عيشهم.

وسيشمل برنامج السنوات السبع بناء سدود وتحسين استهلاك المياه والحفاظ على موارد المياه وزيادة الإمداد في المناطق الريفية.

وكان الديوان الملكي قد أعلن في أبريل الماضي عن حزمة مشاريع تتضمن بناء 3 سدود في شمال البلاد استجابة للاحتياجات المتزايدة المتعلقة
بالمياه.

وتزايد الطلب على المياه خلال السنوات القليلة الماضية، خصوصا في الشمال بسبب التوسع في المراكز الحضرية والنشاط الصناعي.

وبحسب معطيات رسمية، فإن المغرب يمتلك حوالي 23 مليار متر مكعب في المتوسط سنويا، ويبلغ العجز السنوي من المياه نحو مليار متر مكعب.

وتصنف مؤسسات ومنظمات دولية المغرب ضمن البلدان التي تعاني من نقص شديد في المياه. وفي 2017 شكلت مدينة زاكورة شبه الصحراوية مسرحا لتظاهرات ضدّ الانقطاع المتكرر للمياه.

وتحتل البلاد المركز الـ22 في قائمة للدول الأشد نقصا في المياه في تقرير أصدره في أغسطس الماضي المعهد الدولي للموارد الذي يراقب الموارد العالمية.

وأثار تأخر نزول الأمطار خلال المواسم الأربعة الأخيرة، القلق إزاء تحقيق نتائج هزيلة وارتفاع أسعار المواد الزراعية في الأسواق المحلية، لكن هطول الأمطار في الفترة الماضية بدد هذه المخاوف مؤقتا.

ويتوقع بنك المغرب المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي إلى نحو 2.7 بالمئة بنهاية العام الماضي، والتي لم يتم الإعلان عن الأرقام الرسمية حتى الآن، من ثلاثة بالمئة في 2018 بسبب نقص هطول الأمطار الذي تسبب في تراجع بنسبة 49 بالمئة في إنتاج الحبوب في 2019 مقارنة بالعام السابق.

العجز السنوي من المياه يبلغ نحو مليار متر مكعب

ويتصاعد القلق داخل الأوساط الاقتصادية والشعبية المغربية على غرار بقية دول شمال أفريقيا من تداعيات موجة الجفاف، التي تجتاح المنطقة بشأن تداعياتها على السياسة الاقتصادية لحكومات الدول لتحفيز النمو وتأمين أمنها الغذائي.

وحذرت الأمم المتحدة من أن ندرة المياه ستصبح مشكلة استراتيجية لدول المنطقة في حال لم تتمكن الحكومات من إيجاد حلول جذرية وعاجلة على المدى القريب لتطوير إمكانيات بلدانها في تخزين المياه للابتعاد تدريجيا عن خط الفقر المائي.

وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن دول شمال أفريقيا وحتى منطقة الشرق الأوسط تواجه أزمة طارئة في إمدادات المياه تحتاج إلى تنسيق واستجابة عاجلة مع توقع انخفاض نصيب الفرد من الموارد المائية بنسبة 50 بالمئة بحلول عام 2050.

وقال المدير العام للمنظمة جوزيه غرازيانو دا سيلفا العام الماضي، إن “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني أكثر من أيّ منطقة أخرى من شح المياه والتصحر ومشاكل يفاقهما تغير المناخ”.

تزايد نسق الاستهلاك وتراجع منسوب المياه المخزنة

وأضاف أنه “للرد على ذلك، فإن دول المنطقة بحاجة إلى تحديث تقنيات الريّ وتنسيق استراتيجيات إدارة المياه على نحو عاجل”.

ويتوقع الخبراء أن تتفاقم معضلة نقص المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع حلول 2030 بسبب تزايد نسق الاستهلاك وتراجع منسوب المياه المخزنة وعدم توفر مصادر جديدة للمياه، ما يجعل الأجيال القادمة في مأزق حقيقي.

وإلى جانب تراجع كميات المياه المخزنة، تعرف شبكات المياه تقادما أثر بشكل واضح على عمليات التزويد، إذ تضطر الشركات الحكومية في عدة دول عربية في الكثير من الأحيان إلى قطع الماء عن المناطق العمرانية بذريعة التطوير أو الصيانة.

وتأخذ دول عربية على عاتقها منذ سنوات طويلة تنمية وتطوير الموارد المائية وتقديم خدمات المياه للسكان، مما زاد من أعبائها، وبالنتيجة أدى ذلك إلى تراجع مستوى هذا القطاع عن باقي القطاعات الأخرى.

في المقابل، أظهرت دول أخرى عزيمة كبيرة في مواجهة المشكلة من خلال بناء محطات تحلية مياه البحر، للابتعاد تدريجيا عن خط الفقر المائي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: