قلق مغربي من تحول تركيا إلى “قوة شمال أفريقية”

استبعدت أوساط سياسية مغربية أن يعكس الصمت المغربي حيال التدخل التركي في ليبيا، رضا على هذه الخطوة، مشددة على أن هذا التدخل يقلق المغرب وينظر إليه كتهديد لمشروعه الأفريقي.

وتعتبر تركيا ليبيا بوابتها الرئيسية للتغلغل في أفريقيا لذلك تحاول جاهدة إنقاذ الميليشيات الإسلامية في العاصمة الليبية ومنع سيطرة الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابس.

وإضافة إلى طرابلس يبحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن موطئ قدم له جنوب ليبيا حيث بدأ منذ العام الماضي في استمالة قبائل الطوارق.

هشام معتضد: المغرب مع الحل السياسي ورفض أي تدخل أجنبي في ليبيا

وقال تقرير صادر مؤخرا عن مركز أبحاث “نورديك نتورك ريسيرش” الأوروبي إن أردوغان يهدف من وراء ذلك إلى خلق “وكلاء حرب” عن تركيا لدعم وتحقيق المصالح التركية في السيطرة على ليبيا وإقليم الساحل والصحراء في أفريقيا من خلال العمل المسلح ونشر التطرف. وتهدد طموحات أنقرة في السيطرة على أفريقيا مشروع المغرب في الانفتاح على القارة السمراء.

وحرص المغرب على تعزيز حضوره في أفريقيا، خلال السنوات الأخيرة، سواء بإقامة شراكات اقتصادية قوية مع بلدان أفريقية  أو عبر العودة إلى الاتحاد الأفريقي بعد عقود من الانسحاب بسبب موقف الاتحاد من قضية الصحراء المغربية.

وبحسب بيانات اقتصادية، فإن المغرب هو أول مستثمر بمنطقة غرب أفريقيا، في الوقت الحالي، كما أن الرباط هي ثاني مستثمر في القارة، بشكل عام، بعد جنوب أفريقيا.

أما صادرات المغرب نحو القارة فارتفعت بنسبة 13 في المئة، على أساس سنوي، في الفترة ما بين 2007 و2017، لتصل إلى 22.1 مليار درهم أي ما يقارب 2.3 مليار دولار، وما زالت الرباط تراهن على المزيد في القارة التي تسجل أعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم.

ولاحت مؤخرا بوادر توتر بين الرباط وأنقرة عندما نشرت إحدى القنوات التلفزيونية التركية تقريرا للناشطة الانفصالية أمينتو حيدر، تطالب فيه بانفصال الصحراء عن المغرب، ما اعتبر محاولة تركية لاستفزاز المغرب.

ويقول مراقبون إن المغرب يعمل على كبح أي توجه لتقويض أمنه القومي على المستويات السياسية والتجارية والاقتصادية، وهو ما أكدته انتقادات أكثر من مسؤول مغربي رفيع، بأن أنقرة منخرطة في ممارسات غير لائقة تضر بالتبادل الحر خصوصا في قطاعات مثل النسيج والمواد الغذائية.

وقال المحلل السياسي هشام معتضد إنه كثيرا ما يتم استخدام الورقة التجارية وقضية الصحراء لجس نبض المغرب ومدى استعداده للدفاع عن رأيه في ما يخص القضايا الإقليمية.

واعتبر معتضد في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ” أن موقف المغرب من الأزمة الليبية كان واضحا منذ البداية ويتجلى في عدم الخوض في الشؤون الداخلية للدولة الليبية وحرصه على الدفاع عن المنطقة المغاربية والتنبيه إلى مخاطر التدخلات الأجنبية لما في ذلك من خطورة حقيقية على الوضع الليبي والمنطقة بشكل عام.

وأضاف “أوضح المغرب موقفه الداعم للحل السياسي وهو ما يتعارض مع طلب حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج لدعم عسكري جوي وبري وبحري تركي لمواجهة قوات الجيش الليبي وهو الأمر الذي سيبعثر الأوراق على الميدان وسيشكل تحديا أمنيا كبيرا على المستوى الإقليمي”.

اتفاق يهدد أمن المنطقة

وفي المقابل برزت مؤخرا بوادر تقارب مصري مغربي بشأن ليبيا بدأت منذ الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى القاهرة مؤخرا، وانتقد خلالها عدم تطبيق حكومة الوفاق للبنود المتعلقة بالترتيبات الأمنية الواردة في اتفاق الصخيرات والتي تهدف إلى وضع حد لهيمنة الميليشيات.

واعتبرت تلك التصريحات نقلة نوعية في موقف المغرب الراعي لاتفاق الصخيرات الذي انبثقت عنه حكومة الوفاق وحملت في طياتها تقاربا مع موقف مصر الداعم للجيش بقيادة خليفة حفتر.

وبحث وزير الخارجية المصري سامح شكري في اتصال هاتفي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، الأسبوع الماضي، تطورات الوضع في ليبيا  في إطار التنسيق والتشاور المستمر بين الدولتين.

وقال أحمد حافظ المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن “الوزيرين تبادلا وجهات النظر، حول عدد من قضايا المنطقة ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الشأن الليبي، حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، واستعرضا سبل الدفع قدما بجهود التوصل إلى تسوية شاملة للأزمة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: