من المسؤول عن رقابة الأموال التي تجمع في المساجد ببلجيكا ؟

انتشرت في الآونة الأخيرة ومع تدفق موجات اللجوء الانساني من دول ما يسمى «الربيع العربي»، وبصورة كبيرة جدا، لجان وهمية في الكثير من مساجدنا وأسواقنا وشوارعنا بدعوى انها تتبنى حملة تبرعات خيرية.
وتقوم هذه الفئة بجمع الأموال لصالح بناء مساجد، وأخرى تجمع التبرعات لصالح ترحيل موتى و ، وآخرى من أجل إخواننا في بلد ما.
من المسؤول عن هذه الفوضى في جمع التبرعات؟.. ومن يضمن أن ما يتم جمعه من تبرعات يذهب لمستحقيه او من اجل الغاية التي تم جمع المال والمعونات لأجلها؟.. خاصة وإن وجود هذه اللجان وبهذه الطريقة العشوائية امر «غير طبيعي»، وغير مقبول ويسهل استغلالها من ذوي الانفس الضعيفة، بحيث تصبح الجالية المغربية ضحية لفئة تستغل مشاعرها الانسانية، وتحصل على المال منها رغم انها غير متأكدة من وصول تبرعاتها لمستحقيها.
فالمساجد ببروكسيل أخذت هذا الدور منذ سنين ، فالمشايخ الذين كانوا في نهاية خطبهم يدعون إلى التبرع لبناء مساجد الله وأماكن العبادة ، بعضهم ذهب إلى التبرع للمصابين والشهداء والمهاجرين، وهم نفسهم الذين شكلوا الجمعيات الخيرية التي تبني المساجد و تعكف على خيراتها تابعوا على نفس المنوال درب استغلال حاجة الناس ومصائبهم وجمعوا الكثير ودفعوا القليل.
فما أكثر المساجد ببلجيكا و ما أكثر تبعياتها ، فالمعروف أن هناك 300 مسجد ببلجيكا فقط 86 منهم معترف به ,20 ببروكسيل ، 39 بالوالوني و 27 بالفلاندر .التي تتلقى دعمًا مباشرًا من الدولة البلجيكية عبر الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا ، خلافا عن الأموال التي تجمع في الأعياد و المناسبات و بعد الصلاة كل يوم . و التي حسب تصريحات بعض المسؤولين تصرف في الصيانة و آداء راتب الإمام و بعض المصاريف التابعة للمبنى .

فإذا كانت هناك رقابة على الأموال بالمساجد المعترف بها لأن القانون يفرض ذلك، فمن يراقب إذا المساجد الغير معترف بها؟  ، هل بوسعالهيأة التنفيذية ممارسة هذه الرقابة أم أن المسؤولين فيها عن هذا الملف في رحلة سياحية ؟ 

فإذا كانت هناك رقابة عن المساجد المعترف بها فكيف ل 224 مسجدًا لا تخضع لأي وصاية ، تعمل باسم جمعيات أنشأت من طرف أشخاص لا نعرف عنهم أي شيء ان تدبر جمع الأموال و صرفها و ترفض الاعتراف بها او رقابة الدولة عليها كمسجد الخليل ببروكسيل الذي يترأسه محمد العروسي الذي حاولنا التواصل معه لتوضيح بعض الأمور الا اننا لو نتوفق في ذلك .
ناهيك عن المساجد التي لها توجهها السياسي و الديني كمسجد الأخوة الذي يتبع جماعة العدل و الإحسان ببروكسيل و الذي يترأسه الحسين بن عمي ، حيث تبين أن الجماعة ركزت في بداية توججها نحو بروكسيل على المساجد الصغيرة التي شكلت بداية الانطلاقة لعمل الجماعة بعد أن تحولت إلى معقل لأتباع عبد السلام ياسين.
فتقارير السلطات البلجيكية تتحدث عن زيادة نفوذ الحركات الإسلامية خصوصا جماعة العدل والإحسان وجماعة الدعوة والتبليغ، إذ حذرت تقارير عديدة، مما أسمته توسع الحركات الإسلامية والتنسيق في ما بينها، وأكدت ضرورة وجوب التصدي لما أسمته التشدد الإسلامي بالمدينة، عكس الإسلام المعتدل الذي لا يشكل خطرا على بلجيكا، على حد قولها.
وأفادت المصادر نفسها أن الشأن الديني في مسجد الأخوة ظل لسنوات بين أيدي جماعة العدل و الإحسان ، التي استطاعت أن تسيطر على العديد من المساجد، وذلك تحت غطاء الدعوة والأعمال الخيرية ، مما اعتبرته المصادر نفسها إشارة إلى انفلات الشأن الديني ببروكسيل تدريجيا من المراقبة الرسمية ليسقط بين أيدي عدد من الجماعات تتباين درجة أصوليتها.
فإذا كانت جماعة العدل و الإحسان قد بسطت نفوذها داخل مساجد بروكسيل ، فإن فدراليات المساجد التي أنشأت بالفلاندر و بروكسيل جعلوا  من أولوياتهم الإعداد لانتخابات الهيأة التنفيذية ووضع يدهم على هذه المؤسسة .

و أهم مصادر تمويل فدرالية المساجد بالفلندر التي تحوي ازيد من 70 مسجدًا حسب تصريحات رئيسها الحالي ميمون أقشوع و التي انشأت في 2007 من طرف عبد الوهاب التجاني ، تأتي بالأساس من مساهمات أعضائها والمنخرطين. وتخضع هذه الانخراطات لضوابط ومقاييس تتحكم فيها بالضرورة الوضعية المادية التي يوجد عليها العضو المنخرط. وواجبات الانخراط المادي ليست بالضرورة إلزامية بالنسبة للمنخرطين، حيث تتعاطى مع هذا الأمر بنوع من المرونة، حيث أن الرابط الروحي والعقائدي، الذي يجمع بين أتباع الاتحاد و المساجد، يجعل من المساهمة المادية نوعا من الجهاد في سبيل الله.
فلإتحادات  المساجد دليلهم المرجعي لرسم التوجهات العامة والخاصة، التي تحكم مصادر تمويلهم و التشديد على مبدإ الاستقلالية بشكل كبير، الأمر الذي يفسره البعض بضمان استقلال مادي لهم خارج أي دعم مالي عمومي او رقابة من الدولة البلجيكية ، ثم المساهمة المالية لكل عضو في صندوق الجماعة، والحث على الاجتهاد في هذا الباب من أجل خلق مصادر جديدة للتمويل. إضافة إلى تأطير المساهمة المالية للأعضاء بهالة من التقديس، أصبحت بموجبها توازي الجهاد والواجب الديني. قس على ذلك، فخاصية الانضباط التي يتميز بها الاعضاء تضع الاتحاد أمام دخل مادي قار، ووضع مالي مريح، يسهل وفقه وضع مخططات واستراتيجيات المرحلة المقبلة لأنشطة اتحاد المساجد بالفلندر التي تتجلى في بسط يدها على الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا .
و في مكالمة هاتفية مع السيد عبد الوهاب التجاني الذي صرح لأخبارنا الجالية ان قد استقال من عمل فدرالية المساجد نظرا لاختلافات مع الأعضاء و ان تأسيس هذه الفدرالية رفقة الطاهر التوجكاني و سعيد المداوشي أعطى أكله في السنوات التي مضت بتوحيد الجالية المسلمة و برمجة أنشطة ثقافية و روحية ووطنية و حاليا يعاني الشأن الديني ببلجيكا من التفرقة و الخصومات التافهة بدلًا من توحيد كلمة المسلمين و العمل تحت راية واحدة و هي خدمة الجالية المسلمة ببلجيكا ، كم نوه بعمل اتحاد الشعبي الطاهر بلومبيرغ الذي يضم جالية متحدة ، تعمل للصالح العام للمسلمين و ليس للجانب الخاص .

اما مجموعة أخرى فلم يكتفوا ببلجيكا بل بدؤوا اتصالاتهم مع جماعات بالإمارات و السعودية تفعيلًا للمذهب الوهابي ببلجيكا تحول لهم الأموال من الخليج ، ويطلب منهم رفع قوائم بالمواطنين الفقراء في مواسم البرد والأعياد تحت مسميات (الكساء والتدفئة) و تنشط خصوصا بمدينة أنفرس .

ولا شك ان الاحتيال اخذ ابعادا اوسع وتطورت خطط الحصول على الاموال بطرق غير مشروعة، حيث تعيش مفاصل عديدة في بلجيكا احداثا غريبة ودخيلة على قيمنا وتقاليدنا، بحيث تتنوع اساليب الاحتيال وتتعدد مواقع العمل وتمتد الى المساجد بل وبيوت العزاء ذلك عندما يستند ممارسو الاحتيال الى حجم النعي. حيث يقوم بعض الاشخاص باستغلال مراحل الحزن عند اهل المتوفى ، لتبرز هنا احد انواع الابتزاز باساليب رخيصة ومرفوضة، حيث يستثمر هؤلاء الاشخاص فترات ما بعد الغروب التي تشهد عادة تواجدا مكثفا من المعزين ليقوم احد ممتهني جمع الأموال بالقاء موعظة غالبا ما تكون ركيكة بلا مضمون ويختمها بالدعاء للمتوفى لاستدراج الاحسان ومن ثم يطلب المساعدة لاستكمال بناء مسجد او رعاية ايتام او لجنة زكاة ودور تحفيظ القرآن الكريم او مساعدة المرضى والفقراء وما شابه ذلك من اساليب رخيصة مبتذلة.
ويلاحظ في بعض الأسواق كالذي ينعقد كل خميس ببلدية مولمبيك ، أن بعض هذه اللجان أو أعضائها يحمل الوصولات المزورة، وكتبا رسمية اخرى غير صحيحة، على انها صادرة عن جهات رسمية بهدف إقناع المتبرع بشرعية هذه اللجنة أو عملها في جمع التبرعات، بالاضافة الى منشورات مضللة تبين المشاريع الخيرية التي أنجزتها تلك اللجان، التي تمارس عملها بحرية في ظل غياب الرقابة الكاملة عنها وعن الحملات التضليلية العشوائية التي تنتهجها.

والمتابع للمشهد الفوضوي يلمس ان الانفلات هو السمة الغالبة على جمع التبرعات لبناء او توسعة بعض المساجد ذلك ان عملية جمع التبرعات ليست دائما تحت غطاء التقوى ولا تخلو من التجاوزات والتحايل والخداع في عدة مناسبات، وهذا ما جعلنا نتساءل هل يتم مراقبة عملية جمع تبرعات بناء وتوسعة المساجد و خصوصا الغير المعترف بها !..
ايضا فإنه لا يكاد يخلو مركز تجاري أو مجمع خدمي من صندوق زجاجي او خشبي او معدني لجمع التبرعات وبمسميات متعددة ظاهرة تطرح تساؤلات عن مدى وصول هذه الأموال إلى الجهات التي تجمع باسمها وهل تخضع للرقابة من قبل الدولة؟ أم أن القائمين عليها هم فوق الشبهات؟!
كما وأن انتشار صناديق جمع التبرعات لا تعكس أي جانب تراحمي، لأن ما يوضع فيها ربما لا يكفي العاملين عليها من حيث التنقلات والمواصلات والموظفين، فلا احد يعلم أية جهة أو مؤسسة تتبع، في ظروف يغيب عنها الوضوح والشفافية.
أين تذهب التبرعات؟
ترى هل بلغت الطيبة أو غيرها من المسميات ببعض المواطنين أن يتبرعوا بالمال دون أن يتثبّتوا عن الجهة المستفيدة بالرغم من كل التحذيرات والتنبيهات التي تصدر عن الجهات الأمنية في المملكة.. هل هؤلاء المواطنون ضحية خداع وتضليل من الشخص الذي كان يجمع التبرعات.
أسئلة كثيرة محيرة لا تنتهي!
ولا شك ان عمليات جمع المال من أجل غايات مبهمة غامضة تغلف بالنبل والإحسان هي من بقايا زمن سابق عندما كان بوسع أي شخص الوقوف أمام المسجد والادعاء أنه يجمع تبرعات للمجاهدين أو لفقراء المسلمين أو لجمعيات تحفيظ القرآن وبناء المساجد ثم نكتشف بعد ذلك أن المال كان يستخدم لغايات أخرى، بل وأحياناً يذهب مباشرة إلى جيوب جامعي التبرعات المزعومين.
ولا شك ان كل إنسان ينشد الأجر لكنه يريد على الأقل أن يرى أثر عمله، وأن تصل تبرعاته لمستحقيها عبر أقصر الطرق، وأهم من ذلك أن تسهم تلك التبرعات في رفع ضائقة، او بناء بيت من بيوت الله ومساعدة فقراء أو محتاجين أو منكوبين لا أن تتحول إلى حسابات بنكية لا نعلمعنها شيئا، أو لجيوب متكسبين ومتاجرين، حيث تلقى مثل هذه الدعوات إقبالا من أناس يجهلون تماما الغايات والمرامي التي يسعى لها جامعو التبرعات الذين اندسوا تحت مظلة العمل الخيري والديني!
فيما يقول المواطن معن عبدالكريم المبيضين «موظف» لم أتبرع عبر تلك الصناديق المجهولة او اللجان المزعومة التي تنتشر في المساجد والاسواق، من باب الحرص أن تصل صدقتي إلى مستحقيها، مشيرا الى انه لا يحبذ انتشار تلك الصناديق بسبب ضعف الرقابة منالجهات المختصة، وانه لا يقصد التشكيك في مصداقية الجهات المشرفة على تلك الصناديق بقدر ما يحرص على عدم اختلاط الصحيح والهادف بالخاطئ والزائف.
اما محمود «تاجر بوسط بروكسيل » فيقول: أمضينا زمنا ندفع التبرعات داخل المساجد وفي أيام الجمع تحت التهليل والتكبير والدعوات دون أن ندري إلى أين تذهب تلك الأموال وفي أي أكياس توضع، وإلى أي مكان تحرك بوصلتها، وكانت تجمع تحت اسم تبرعات حملات تتحرك بحجة بناء مساجد، أو كفالة أيتام، والناس يندفعون دون أدنى تفكير.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: