ستيفان مودينا يلامس عبر الصور الفوتوغرافية معاناة الطفل “الشمكار” بالمغرب

الطفل هو مؤسس بدايات الحياة البيولوجية للإنسان الكبير، تلك الصفحة التي وصفها العلماء المتخصصون، وضمنهم سيغمون فرويد، بالصفحة البيضاء التي يكتب عليها الكبار ما يشاؤون، ولذلك يحاول المصوّر الفرنسي ستيفان مودينا أن يجعل من طفولة من يُنعت في المغرب بـ“شمكار”، أي متشرّد، مجالا خصبا للإبداع التصويري الذي يجلّي، كما المرآة، انعكاس الصورة الطفولية البريئة بلا ألوان، لذلك اختار الفوتوغرافي مودينا عنوان “الطفولة أمام المرآة” لمعرضه الحالي بقاعة العرض “كانت” بطنجة، شمال المغرب.

وينطلق المصوّر ستيفان مودينا في عمله الفوتوغرافي حول موضوع “الطفل الشمكار”، من منطلق منهجي في التفكير والرسم الإبداعي للبورتريه بالعدسة، مؤكدا في تصريح لـ“أخبارنا الجالية ”، “ليس في الناس من اختار قدره، لكن لكل منا حظه وقدره”، مستشهدا بالكاتب المغربي ذائع الصيت، محمد شكري، الذي كان كلما دخل المطعم الطنجاوي الذي اختار له صاحبه السيد التاغي اسم رواية شكري الشهيرة “الخبز الحافي”، إلاّ وردّد قولته “قدري هذا الذي لم اختره، وإن كانت لديك القدرة على اختيار غيره فاعطني إياه”.

وعلى هذا الأساس من التفكير الإنساني الذي يحمل طاقته ستيفان مودينا، وجدت “أخبارنا الجالية ” وهي تتجوّل في معرضه “الطفولة أمام المرآة” أن تغيير القدر والحظ، اللذين كانا مطلبا رومانسيا لدى الروائي المغربي الراحل محمد شكري (1935 – 2003) في روايته الأثيرة، هو مطلب التغيير ذاته المرغوب من لدن الفوتوتغرافي الفرنسي الذي غاص بعدسة مصوّرته في ملامح الطفل “الشمكار” باحثا عن تجليات وبراءة الطفولة المهملة في الشارع بطريقة تصوير فنية، تكاد تنطق.

ويلاحظ المطّلع على أعمال المصوّر ستيفان مودينا، أنها صور للوحات التقطت من زمن بدايات التصوير باللونين الأبيض والأسود لـ“شمكارين” صبية غارقين في الضحك، الذي يصفه الفنان برد فعل منهم على قدرهم المعيشي النابع من أسرهم المفكّكة والمجهولة، حيث لفظتهم ظروفهم إلى الشارع فأصبحوا ضحايا هامشيين منزعجين ومزعِجين وسط طنجة وعلى هوامشها.

لكن ستيفان الذي وصل إلى مدينة طنجة في الأسابيع الأولى لميلاده عام 1986، وطاب له المقام فيها حتى الآن، أبى إلاّ أن يجعل من قضية “الشمكار” قضية إنسانية فنية، يُعبّر عنها بالصورة التي يصفها بـ“الصورة التي تغني عن ألف كلمة”، نظرا لحمولتها التعبيرية الناقلة للحظة طفل “شمكار”، مهمّش، وهو يضحك لنسيان همّه، طالبا الغفران عن ذنب لم يرتكبه في مجتمع يتجاذبه بين من  ينفره ومن يعطف عليه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: