رموز بوتفليقة يهيمنون على مخارج الاستحقاق الرئاسي القادم

السلطة المستقلة للانتخابات الجزائرية تكشف عن لائحة المرشحين المؤهلين لخوض سباق الانتخابات الرئاسية

كشفت السلطة المستقلة للانتخابات الجزائرية عن لائحة المرشحين المؤهلين لخوض سباق الانتخابات الرئاسية المقرر في الثاني عشر من شهر ديسمبر القادم، بعد استيفائهم للشروط اللازمة في قانون الانتخابات، على أن تمنح مهلة عشرة أيام أمام الرافضين لقرار السلطة للطعن أمام هيئة المجلس الدستوري.

وسيخوض غمار الاستحقاق الرئاسي القادم، خمسة مرشحين استطاعوا تحقيق المعايير المفروضة، وعلى رأسها جمع 50 ألف استمارة موقعة من طرف المواطنين، تتوزع على الأقل في 25 ولاية (محافظة) من مجموعة ولايات البلاد الـ48، بتعداد لا يقل عن 1200 استمارة في كل ولاية.

ويتعلق الأمر بكل من الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، والوزير السابق للثقافة عزالدين ميهوبي، ورئيس الحكومة السابق عبدالمجيد تبون، ورئيس حزب جبهة المستقبل بلعيد عبدالعزيز، ورئيس حركة البناء الوطني، ووزير سابق للسياحة عبدالقادر بن قرينة، ورئيس الحكومة السابق ورئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس.

وقدم رئيس السلطة المستقلة للانتخابات محمد شرفي، تفاصيل عن مسار ملف الانتخابات الرئاسية منذ الإعلان عن موعده من طرف السلطة، إلى غاية الإعلان عن اللائحة النهائية للمؤهلين لخوض الاستحقاق، حيث قدمت 143 شخصية رغبتها في الترشح، لم تقدم منها إلا 23 شخصية حزبية ومستقلة ملف الترشح لدى مصالح الهيئة.

لائحة المرشحين تؤكد مخاوف المعارضين، على اعتبار أن كل المخارج التي  ستسفر عنها الانتخابات ستصب في وعاء تجديد النظام بآليات جديدة

وسرد أمام الصحافيين تفاصيل عملية دراسة الملفات والمعايير الواجب توفرها، والإمكانيات البشرية واللوجيستية التي سخرتها الهيئة للقيام بالعملية في أحسن الظروف وفي الآجال المحددة قانونا، ولم يفوت الفرصة لانتقاد من وصفهم بـ”المشككين” في عمل اللجنة، في إشارة إلى المعارضة السياسية والرافضين للاستحقاق الانتخابي.

وتفضي عملية مسح أولية على تشكيلة المتسابقين على كرسي قصر المرادية في الثاني عشر من ديسمبر القادم، إلى أن اللائحة يهيمن عليها رجالات نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، فباستثناء رئيس جبهة المستقبل بلعيد عبدالعزيز، المنشق عن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم عام 2011، والذي لم يشغل أي منصب إلا رئاسته لتنظيم الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين لسنوات طويلة، فإن باقي المرشحين شغلوا مناصب سامية في نظام بوتفليقة.

وإذا كان رئيس حزب طلائع الحريات قد استقال من منصبه عام 2003، بسبب ما قيل حينها “خلافات مع بوتفليقة”، بسبب رغبة الرجل في خوض انتخابات عام 2004 بدعم من طرف بعض جنرالات الجيش آنذاك، فإن باقي المرشحين حافظوا على علاقات ولاء لبوتفليقة إلى غاية اليوم الأخير في منصبه.

وشغل المرشح المستقل عبدالمجيد تبون منصب وزير السكن في نظام بوتفليقة، وظل لسنوات طويلة يمثل الذراع الأساسية في عملية شراء السلم الاجتماعي، على اعتبار أن قيادته لقطاع السكن الذي يمثل أحد القطاعات الحساسة في البلاد، يعتبر إحدى آليات ضمان الولاء الشعبي والاستقرار الاجتماعي.

مرشحون للرئاسية من نظام ثار الشعب ضده
مرشحون للرئاسية من نظام ثار الشعب ضده

وعين رئيسا للوزراء في مايو 2017، في أعقاب الانتخابات التشريعية، ولم يعمر في منصبه إلا ثلاثة أشهر، حيث أقيل من منصبه واستخلف بأحمد أويحيى، بسبب خلافات قوية بين أركان النظام حينها، وكرد فعل من لوبيات مالية وسياسية على ما أسماه حينها بـ “برنامج الفصل بين المال والسياسة”.

ويعتبر الرجل إلى جانب مرشح التجمع الوطني الديمقراطي عزالدين ميهوبي مرشّحَيْ السلطة بامتياز، على اعتبار الأول من المقربين جدا من الرجل القوي في السلطة الحالية والمؤسسة العسكرية، قائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، بينما يعد الثاني الموصوف بـ”مثقف النظام”، الذراع الاحتياطية للسلطة، على اعتبار أنه يقود ثاني أكبر الأحزاب في البلاد خلفا للأمين العام السابق ورئيس الحكومة المسجون أحمد أويحيى، بإيعاز مما وصف بـ”جهات فوقية”.

ويأتي في الصف الثاني باقي المرشحين الذين يجمعون بين الولاء للنظام وبين عدم الخروج عن مقارباته السياسية، كما هو الشأن بالنسبة إلى رئيس حركة البناء الوطني المنبثقة عن التيار الإخواني عبدالقادر بن قرينة، الذي شغل منصب وزير للسياحة في نظام بوتفليقة، ورئيس جبهة المستقبل عبدالعزيز بلعيد، وبدرجة أقل رئيس طلائع الحريات علي بن فليس.

وجاءت تشكيلة المرشحين لخوض الاستحقاق الرئاسي، وفق تسريبات تسللت إلى بعض الدوائر السياسية والإعلامية منذ ليل الجمعة، مما يوحي بأن العملية لم تحظ بالحماية اللازمة، وأن السلطة المستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات لا تتحكم بالشكل اللازم في البيانات الأساسية لعملها.

وجاءت اللائحة لتؤكد مخاوف المعارضين لإجراء الاستحقاق الرئاسي في الظروف الحالية، على اعتبار أن كل المخارج التي سيسفر عنها الموعد الانتخابي ستصب في وعاء تجديد النظام بوجوه وآليات جديدة، لاسيما وأن كل المرشحين محسوبون على نظام بوتفليقة، وأبرز المحظوظين هم من المقربين من السلطة الحالية.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: