قطاع الوقود المغربي يفتح أبوابه أمام المشاريع الصغيرة

دشّن المغرب مبادرة جديدة لدعم روّاد الأعمال تتمحور حول فتح أبواب قطاع المحروقات أمام المشاريع الصغيرة، بهدف توفير البيئة الاستثمارية الملائمة للشركات الناشئة من أجل المساهمة في مواجهة تحديات البطالة وتعزيز أفاق النمو الاقتصادي.

أطلقت شركة أفريقيا المغربية، التي تعمل في قطاع المحروقات، مبادرة جديدة أطلقت عليها اسم ”ألف فكرة” في محاولة لإسناد جهود الدولة في دعم روّاد الأعمال الشباب.

وتتمثل المبادرة في برنامج تدريب وتمويل ومرافقة للشباب لتحويل ألف فكرة إلى مشاريع تجارية على أرض الواقع.

ويهدف البرنامج إلى تأسيس شركات بالبلاد، من خلال مبادرة مجانية مفتوحة لكل شاب يحمل فكرة مشروع قابلة للتطبيق، دون شرط أو تجربة أو شهادة علمية.

وقال سعيد البغدادي المدير العام لشركة أفريقيا إن ”برنامج ألف فكرة سيستقبل الشباب لتدريبهم واحتضانهم لمدة 4 أشهر، بهدف خلق عدد كبير من الشركات بدعم ومساندة من المؤسسة”.

وتتميز هذه المبادرة بمنهج يقوم على الخبرة الدولية لنموج الشركات الناشئة “بوب آب بيزنس” في ما يخص التدريب، كما يستند إلى الخبرة الميدانية التي قدمت مساهمة كبيرة في تطوير تجارب ريادة الأعمال في الرباط.

وأكد البغدادي أنه “سيتم فتح محطات الوقود التابعة للشركة لأصحاب أفكار المشاريع، وتمويل أعمالهم بنحو 200 ألف درهم، (نحو 19 ألف دولار) لضمان استمراريتها”.

سعيد البغدادي: برنامج ألف فكرة يدرب الشباب الذين لديهم مشاريع قابلة للتنفيذ

ويوفر هذا البرنامج تسهيلات كبيرة للأصحاب الأعمال حيث لا يتضمن شروطا بل يكفي الإيمان بفكرة مشروع واقتحام عالم الاستثمار. ويترجم البرنامج دعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي دعا الأسبوع الماضي، القطاع المصرفي إلى الالتزام بدوره في فتح أفاق سوق العمل والانخراط الإيجابي في التنمية بتمويل المشاريع ودعم الأنشطة المنتجة والمدرة للدخل. كما حثّ حينها على تبسيط إجراءات الحصول على القروض والانفتاح أكثر على أصحاب الأعمال الذاتية وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة.

كما دعا الحكومة وبنك المغرب المركزي للتنسيق مع المجموعة المهنية للبنوك، للعمل على وضع برنامج خاص يدعم الخريجين الشباب وتسهيل إدماجهم المهني والاجتماعي وتمويل شركاتهم. وتتوجه المشاريع المراد تنفيذها إلى مجالات التصدير خاصة نحو القارة الأفريقية، والاستفادة من القيمة المضافة، للاقتصاد المحلي.

وتتضمّن التوجهات العامة لمشروع موازنة العام المقبل توفير دينامية جديدة للاستثمار ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، مع التركيز على مواصلة تصفية ديون الضريبة على القيمة المضافة، وتقليص آجال الأداء، بالإضافة إلى إحداث صندوق للتأهيل والدعم المالي لتلك الشركات.

ويقول المحلل الاقتصادي المهدي فروحي، إن السلطة المغربية أسست لرؤية تعاضدية جديدة لتمويل مشاريع الشباب، وذلك من خلال التشاركية بين القطاعين العام والخاص. وأشار إلى أن انخراط البنوك الحكومية ضمن استراتيجية الحكومة سينعكس إيجابا على الاقتصاد والأوضاع الاجتماعية، مما سيؤسس لبرنامج خاص لدعم الشباب حاملي الشهادات من مختلف الطبقات الاجتماعية. ورغم التسهيلات والتحفيزات تصطدم المحاولات المغربية للنهوض بريادة الأعمال بالبيروقراطية الإدارية، وهو ما يشير إليه الخبير الاقتصادي، إدريس الفينة.

وقال في تصريحاته إن ”المصارف المغربية تضع دائما قيودا للحصول على قروض، وذلك باشتراط رهون عقارية، وهو ما من شأنه عرقلة المشروع وفتح الباب نحو الارتهان أكثر للاستفادة من المزيد من القروض”. ويضيف الخبير أن ”هذا الوضع يخلق مشكلا للمصارف وللاقتصاد على حد سواء، حيث أن عددا من الأصول العقارية التي تقتنيها الشركات تبقى جامدة أو خارج الدورة الاقتصادية لسنوات بالمقابل تصبح حسابات المصارف مثقلة برهون عقارية لا يمكن لأحد تقدير قيمتها الحقيقية ولا جودتها، مما ينجرّ عنه تداعيات سلبية على تمويل الشركات.

ويتفق خبراء اقتصاد حول ضرورة تقليص الرسوم الضريبية على أصحاب الأعمال وتفعيل البوابة الرقمية لمعالجة شكايات المتضرّرين، وتسريع الردود على مطالب القروض، ومواصلة تصفية ديون الضريبة على القيمة المضافة المتراكم.

ويرمي الإجراء إلى تسهيل الحصول على التمويل من خلال ابتكار أساليب جديدة له وتبسيط آليات الضمان وزيادة الرفع من سقفه، وكذلك التسريع باعتماد منتجات التمويل التشاركية كالمضاربة والمشاركة والسلم، واعتماد آلية متنوعة للضمان خصوصا للشركات الصغيرة جدا. وتتيح الأنظمة البنكية والبرامج الحكومية عدة خيارات لتمويل المشاريع الجديدة، لاسيما التمويل الذاتي وصناديق الاستثمار المشتركة بين القطاعين العام والخاص، وهي صندوق رأسمال المجازفة، وصندوق رأسمال التطوير، وصندوق رأسمال الانتقال.

وتمكّن هذه الأنظمة من إزاحة العراقيل، التي تواجه تمويل عدد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتحسين الحصيلة للوصول بشكل أفضل إلى التمويل البنكي. ويتطلّع المغرب لبناء مجتمع من الشركات الناشئة في سياق اقتصاد عالمي يدخل مرحلة جديدة من الابتكار، تتميّز بتوفير مزيد من الحماية للفاعل الاقتصادي.

تتميز هذه المبادرة بمنهج يقوم على الخبرة الدولية لنموج الشركات الناشئة “بوب آب بيزنس” في ما يخص التدريب

وتظهر أرقام مجلس المنافسة أن المغرب تمكّن من تأسيس من 80 ألف شركة صغيرة ومتوسطة في العام الماضي، منها شركات تعمل في مجالات التكنولوجيا الخضراء وتكنولوجيا الصحة والتعليم والنقل والذكاء الاصطناعي.

واعتبر المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير عبداللطيف زغنون أن البرنامج يشكل آلية للنهوض بالاستثمار الاستراتيجي في مشاريع التنمية، وفي مواجهة التحديات التي تواجه الدولة.

ويقول محللون إن المغرب رغم امتلاكه للمهارات الفريدة، التي تمّ تكوينها في أفضل المدارس المحلية والأجنبية، إلا أن منظومة الشركات الناشئة المحلية تظل في طور أولي مقارنة باقتصادات أخرى في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وتسعى برامج دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المغرب إلى تقديم مجموعة شاملة من الخدمات التي تساعد الشركات الناشئة على الاستفادة من الممارسات العالمية الأفضل للمنظومات الصناعية عبر العالم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: