جونسون يبحث آليات تجاوز “أغلال” البرلمان لحسم بريكست

يواصل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون سياسة الهروب إلى الأمام، وذلك في محاولة للالتفاف على رفض مجلس العموم البريطاني للاتفاق الذي توصل إليه مع بروكسل. وعلى الرغم من وجود قانون ملزم للحكومة بالانصياع للقرارات البرلمانية إلا أن رئيس الوزراء المغمور لم يبدِ استعدادا للالتزام، لكنه لم يقدم في نفس الوقت خطته لتجاوز المأزق.

بروكسل – مهّدت الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، الأحد، الطريق أمام البرلمان الأوروبي للمصادقة على الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بشأن خروج المملكة من التكتل الأوروبي، فيما يواجه جونسون تحديات داخلية مع مجلس العموم (البرلمان) قد تؤدي في نهاية المطاف إلى سحب الثقة منه إذا مضى قدما في تحديه لقراراته .

وقالت مصادر دبلوماسية إنه لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن طلب لندن تأجيل الخروج من التكتل الأوروبي لما بعد الموعد المقرر له حاليا في 31 أكتوبر.

وأضافت، أن سفراء الاتحاد الأوروبي أطلقوا رسميا عملية المصادقة على الاتفاق، وذلك خلال اجتماع قصير مع كبير مفاوضي ملف خروج بريطانيا من الاتحاد ميشيل بارنييه.

وتتزامن هذه العملية مع تقديم لندن طلب تأجيل تنفيذ بريكست، السبت، من قبل الحكومة البريطانية التي أكدت في وقت لاحق أن موعد طلاق المملكة من التكتّل سيبقى في موعده المحدد. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن سفراء الاتحاد الأوروبي اطّلعوا، السبت، على هذا الطلب.

ولفتت هذه المصادر إلى أن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك سيجري، على مدار الأيام القادمة، مشاورات مع قادة دول الاتحاد الأوروبي بشأن الطلب، مع الأخذ في الاعتبار “التطورات في الجانب البريطاني”.

وقال مصدر آخر بالاتحاد الأوروبي إن الوضع في بريطانيا “غير واضح للغاية”، مشيرا إلى أن التكتل لا يريد اتخاذ قرار بشأن التأجيل ثم يجد البرلمان البريطاني قد صادق على الاتفاق. وأضاف أنه “ليس مستبعدا” أن يتمكن الجانبان من استكمال عملية المصادقة قبل الحادي والثلاثين من أكتوبر. وأشار في الوقت نفسه إلى أنه قد يكون هناك تأجيل “تقني” لاستكمال العملية.

وباتت عملية خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي محلّ غموض، خصوصا مع عدم تصويت البرلمان على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الطرفين.

دومينيك راب: نحن على ثقة بأن بريطانيا ستغادر الاتحاد في الموعد المحدد

ورغم الوضعية الحرجة الذي وضع فيها البرلمان البريطاني جونسون، غير أنه من الواضح أن الأخير لم يرفع الراية البيضاء بعد.

وأكدت الحكومة البريطانية أنها قادرة على احترام وعدها بالخروج من التكتل، وذلك قبل 11 يوما من نهاية الموعد الأخير لبريكست.

وقال الوزير البريطاني المكلف بملف بريكست مايكل غوف في تصريحات إعلامية، إن حكومة لندن لديها “القدرة والوسيلة” لمغادرة الاتحاد في 31 أكتوبر الجاري.

وأكد وزير الخارجية، دومينيك راب، أن جونسون “أثبت أن المتشككين على خطأ” من خلال توصله إلى اتفاق بريكست جديد مع بروكسل، وعلى ثقة بأن بريطانيا ستغادر الاتحاد في الموعد المحدد.

ويرى متابعون أن جونسون يناور على أكثر من صعيد، لكن خارج المملكة تأكد في السابق أنه يفعل ذلك من أجل تحصيل تنازلات، وهو ما تمكن من تحقيقه، لكن في بريطانيا تبقى خطته لتمويه البرلمان غير واضحة المعالم حيث سنّ البرلمان قانونا يمنع مغادرة المملكة من التكتل دون اتفاق.

وكان البرلمان البريطاني رفض ثلاث مرات الاتفاق الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي مع الاتحاد.

وفي الوقت الذي انتظر فيه مؤيدو بريكست تصويت نواب مجلس العموم البريطاني على الاتفاق الذي تم التوصل إليه الخميس الماضي، صوّت المجلس بأغلبية 322 صوتا مقابل 306، السبت، على تأجيل تصويته الحاسم.

ويتعين مصادقة نواب بريطانيا وأوروبا على الاتفاق المعدل قبل الحادي والثلاثين من الشهر الجاري لضمان انسحاب منظم من الاتحاد.

ويعارض جونسون وبشدة تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، اضطر قانونيا إلى طلب تمديد السبت. وكان الطلب مصحوبا برسالة أوضح فيها معارضته للتمديد، وأعرب عن ثقته في أن الجانبين سيكملان العملية قبل الموعد المقرر.

وقال جونسون في رسالته إلى توسك أن إرجاء جديدا سيكون مدمرا لمصالح المملكة المتحدة وشركائنا الأوروبيين، وكذلك لعلاقاتنا”. وأضاف أنه “يجب قيادة هذه العملية إلى نهايتها”.

وبالتوازي مع مناوراته الداخلية يلقى جونسون دعما خارجيا، في ظاهره يهدف لخدمة خروج منظم للمملكة، حيث اعتبر وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير أنه لا يرى مشكلة في تأجيل اتخاذ القرار بشأن اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في البرلمان البريطاني.

وقال ألتماير لصحيفة “بيلد” الألمانية “سيكون حلا جيدا ومنظما، عندما يتوجه رئيس وزراء بريطانيا حاليا للبرلمان ليبحث عن حل يتجاوز التوجهات الحزبية”.

وأضاف الوزير “إذا كان من الضروري تمديد أجل بريكست لبضعة أسابيع، فليس لدي مشكلة مع ذلك”، ولكنه حذّر في الوقت نفسه من أن تكون هناك مقامرة أخرى على السلطة في بريطانيا قد تعرض أماكن العمل والرخاء للخطر.

و في حال عدم تبني أي اتفاق، تواجه المملكة المتحدة احتمال حصول بريكست “من دون اتفاق”، وهو ما لا يخيف جونسون ولكن في المقابل يثير قلق بعض الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، على غرار ألمانيا وفرنسا وكذلك الأوساط الاقتصادية التي تخشى حصول فوضى على الحدود ونقص في المواد الغذائية والأدوية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: