المغرب: أوساط سياسية وحقوقية تعبر عن قلقها من تدهور الأوضاع الصحية لمعتقلين يخوضون إضراباً عن الطعام

تثير الحالة الصحية لمعتقلين على خلفية حراك الريف، يخوضون إضراباً عن الطعام، قلق الأوساط السياسية والحقوقية المغربية، بعد تدهور حالتهم وتمسكهم بمواصلة الإضراب، في وقت تستعد مدن مغربية وعدد من العواصم في أوروبا إحياء الذكرى السنوية الثالثة لمقتل بائع السمك، محسن فكري، طحناً في شاحنة جمع الأزبال في مدينة الحسيمة، والذي أدى إلى اندلاع حراك الريف وما عرفه من تداعيات واعتقالات وأحكام توصف بالقاسية والظالمة.
وقرر الائتلاف الديمقراطي من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وفك الحصار عن الريف خطوات احتجاجية، في الأيام المقبلة، أولها وقفة احتجاجية أمام البرلمان في الرباط اليوم الإثنين، للمطالبة بالتدخل الفوري لإنقاذ حياة ربيع الأبلق، المعتقل على خلفية أحداث الحسيمة والذي دخل في إضراب عن الطعام منذ 43 يوماً وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وتوجيه رسائل إلى المؤسسات الوطنية المعنية مع رسالة مفتوحة للبرلمان.
وقال بلاغ للائتلاف، أرسل لـ«أخبارنا الجالية» إن الهيئات المكونة له قررت «تخليد الذكرى الثالثة لاستشهاد محسن فكري، عبر تنظيم تظاهرات احتجاجية بمختلف ربوع الوطن، يوم الإثنين 28 أكتوبر الجاري، تحت شعار: جميعاً من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وفك الحصار عن الريف».
وجاء بلاغ الهيئات الحقوقية المكونة «للائتلاف الديمقراطي من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وفك الحصار عن الريف»، بعد اجتماع عقدته، يوم الجمعة، بهدف مناقشة خطواتها الاحتجاجية، وكذلك الوضعية الصحية للمعتقل ربيع الأبلق، الذي تجاوز إضرابه عن الطعام يومه الثالث والأربعين.

ربيع الأبلق

وحمل مجموعة من معتقلي حراك الريف بسجن فاس، الذين يقضون أحكاماً بالسجن يصل بعدها لـ20 سنة نافذة، الدولة مسؤولية «أي خطر أو مكروه» يمكن أن يطال زميلهم ربيع الأبلق، المضرب عن الطعام منذ 46 يوماً.
واعتبر المعتقلون ناصر الزفزافي، نبيل أحمجيق، زكرياء أضهشور، وسيم بوستاتي، سمير إغيذ ومحمد حاكي، في رسالة نشرتها جمعية ثافرا للوفاء والتضامن لعائلات معتقلي حراك الريف، أن الدولة تسترخص حياة الأبلق ولا تكترث بقيمتها، وأن طريقة تعاملها مع إضراب ربيع الأبلق «جريمة تنضاف إلى السجل الأسود للدولة».
وعبر المعتقلون الستة عن شجبهم لوضعية رفيقهم المضرب عن الطعام بسجن طنجة، احتجاجاً على سلب حريته والظلم الممنهج ضده وضد الريف ومعتقلي الحراك، واعتبروا أن الدولة المغربية عبر تعاملها مع إضراب الأبلق عبرت عن «النظرة الانتقامية هي الطاغية على منظورها تجاه الحراك الشعبي، إذ بدل التدخل العاجل لإيجاد الحل وإنقاذ حياته المهددة في كل لحظة»، بسبب «سياسة الآذان الصماء والتماطل والمراهنة على الزمن لينال من رفيقهم».
وأعلنوا عن استعدادهم للتصعيد ونيتهم عدم الوقوف مكتوفي الأيادي أمام هذا الوضع، مستنكرين عدم تحرك «الجسم الحقوقي الرسمي» أمام الوضعية الكارثية الخطيرة التي يعيشها الأبلق.
وقال أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي قائد حراك الريف، إن المعتقلين الستة (نبيل أحمجيق، وناصر الزفزافي، زكريا أضهشور، وسيم البوستاتي، سمير إغيذ، محمد حاكي)، الموجودين في سجن رأس الماء بفاس، يُحملون كل المسؤولية للدولة عن أي خطر أو مكروه قد يطال حياة الأبلق. وأضاف الزفزافي الأب أن المعتقلين يعلنون أنهم لن يقفوا «مكتوفي الأيادي أمام هذا الوضع، وعلى النظام المخزني تحمل تبعيات أي خطوة قد نتخذها»، ويقولون: «للسماسرة والإطفائيين المحسوبين على الجسم الحقوقي الرسمي، لقد خلدتم أنفسكم في خانة الكومبارسات والبيادق الذليلة التي لا تتحرك إلا بأوامر أسيادها».
وحذر المعتقل محمد المجاوي من عواقب الوضع الصحي الذي يعيشه الأبلق حالياً، والذي أشار «حكيم الحراك» إلى أنه ينذر بعواقب وخيمة وبكارثة قد تحل في أي وقت، وطالب المجاوي، في رسالة بعثها من سجنه بمدينة طنجة، بالتدخل وتكثيف الجهود والمساعي حفاظاً على روح الأبلق.
وقال المجاوي الذي يُلقب بحكيم الحراك، في رسالة له من السجن في طنجة، عمّمتها جمعية «ثافرا» إن «الوضعية الصحية لربيع الأبلق منذ أكثر من أربعين يوماً تنذر بعواقب وخيمة وبكارثة قد تحل بين ظهرانينا في أي وقت»، مضيفاً: «رسالتي هاته هي من أجل دق ناقوس الخطر والعمل على تكثيف الجهود والمساعي حفاظاً على روح إنسانية بريئة».

واعتبر المجاوي، المحكوم بخمس سنوات حبساً نافذاً، أن مسألة اعتقالهم والتحقيق معهم ومحاكمتهم في غياب ما عبّر عنه بـ»عدم احترام القانون وشروط المحاكمة العادلة»، هو «مجرد جُزئيات بسيطة»، تماماً كما «كل الظلم الذي نتعرض له، والحيف الذي يمارس علينا». وأضاف: «فنحن أجيال من المواطنين والمواطنات وُلدنا وكبرنا وحقوقنا الأساسية في الشغل والصحة والتعليم، وحقوقنا الثقافية، وحقنا في ذاكرة تاريخية منصفة، حقوق مهضومة أساساً»، واستدرك قائلاً: «إلا أن عنادنا أقوى من أن تهزمه كل هذه الجزئيات. لكن حينما يتعلق الأمر بالحق في الحياة، فإن إنسانيتنا تأبى السكوت على ذلك».
يذكر أن ربيع الأبلق، المعتقل أيضاً على خلفية الاحتجاجات نفسها، والذي يقضي المدة المحكوم (خمس سنوات) بها عليه في سجن طنجة 2، دخل في إضراب عن الطعام منذ السادس من سبتمبر الماضي، معتبراً إياه آخر إضراب يخوضه داخل أسوار السجن نظراً لكونه، وبتعبير رسالة له آنذاك: «لم يعد يستطيع أن يتحمل أكثر.. وأن قلبه يتمزق يوماً بعد يوم.. وصار مثل طائر يتجرع الموت على شكل جرعات متتالية».
وحظرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (مستقلة) من الخطر المحدق بحياة المعتقل السياسي ربيع الأبلق، وطالبت في رسالة مفتوحة أرسلت لـ«أخبارنا الجالية»وجهتها إلى كل من وزير العدل، ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والمجتمع المدني، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمندوب الوزاري لحقوق الإنسان والمندوب العام لإدارة السجون، بالتدخل العاجل من أجل إنقاذ حياة المعتقل السياسي ربيع الأبلق، المضرب عن الطعام منذ أكثر من أربعين يوماً.
وأوضحت أنها تتابع الإضراب المفتوح عن الطعام، الذي يخوضه المعتقل السياسي ربيع الأبلق، المتواجد بسجن طنجة، منذ 6  سبتمبر 2019، احتجاجاً على اعتقاله التعسفي، وعلى أوضاعه المزرية في السجن وللمطالبة بالإفراج عنه، وقالت إن الوضع الصحي للأبلق، الذي خاض منذ اعتقاله، أكثر من 280 يوماً من الإضراب عن الطعام، امتنع في البعض منها عن تناول الماء والسكر؛ دخلت حالته الصحية منطقة الخطر، نظراً للمضاعفات الصحية التي تسببت فيها الإضرابات المتكررة من إرهاق وضعف شديد، وانخفاض في ضغط الدم والسكر، واضطرابات في دقات القلب ونقص في الوزن.
ودعت الجمعية المسؤولين إلى التدخل العاجل لمعالجة هذه الوضعية؛ درءاً لتكرار حدوث مآسي الماضي، واحتراماً لأقدس الحقوق وأولاها، ألا وهو الحق في الحياة والسلامة البدنية والأمان الشخصي، المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من طرف المغرب، وبقوة الدستور الذي يعتبر «الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان».
وأعلنت إدارة سجن طنجة أن ربيع الأبلق أحد سجناء احتجاجات الريف، لم يسبق له أن تقدم لها بأي إشعار بالدخول في إضراب عن الطعام، كما لم يسبق له أن رفض استلام أية وجبة من الوجبات الغذائية المقدمة له.
وقالت في بلاغ لها رداً على تصريحات عائلة الأبلق، وعلى الأخبار القائلة إن ربيع دخل في إضراب عن الطعام وإنه يرفض الخضوع لعملية قياس المؤشرات الحيوية من طرف طبيب المؤسسة، وإن النشاط اليومي للمعتقل الأبلق يؤكد أن حالته صحية عادية، لأنه ينتقل يومياً من غرفته إلى ساحة الفسحة التي تبعد حوالي 30 متراً، كما أنه يمارس مجموعة من الأنشطة رفقة السجناء الذين يشاطرونه الغرفة، دون أن تظهر عليه أي من علامات التعب أو الإرهاق أو فقدان التركيز المصاحبة عادة للإضراب عن الطعام.
واتهمت إدارة السجن جهات، لم تسمها، من خارج السجن بالترويج لمجموعة «من الأكاذيب من أجل تضليل الرأي العام»، من خلال ادعاء أن حالة الأبلق «حرجة جراء خوضه لإضراب عن الطعام»، وذلك «خدمة لأجندات خاصة لا علاقة لها بظروف اعتقال الفئة التي ينتمي إليها السجين المذكور».

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: