ضغوط مغربية لتسريع إنقاذ مصفاة سامير الغارقة في الديون

فشل محاولات بيع شركة مصفاة النفط يكشف مخاطر إقراض قطاع الطاقة.

فجّر تباطؤ السلطات المغربية في معالجة ملف مصفاة النفط سامير، الوحيدة في البلاد، الجدل مرة أخرى داخل الأوساط الاقتصادية، التي اقترحت حزمة من الإجراءات العاجلة لحلّ المشكلة سريعا ولرفد خزينة الدولة بعوائد تعوّض تقلّص إيرادات الطاقة.

عادت أزمة شركة سامير المغربية لتكرير البترول، التي دخلت متاهة الديون قبل سنوات قليلة، إلى الواجهة مجدّدا بعد أن طالبت الأوساط النفطية المغربية، الحكومة تحمّل مسؤولياتها الكاملة في بطء معالجة هذا الملفّ الحسّاس.

وكانت الرباط قد طرحت في شهر فبراير 2017 مناقصة دولية لبيع الشركة، التي توقفت عن العمل منذ أغسطس 2015، بسبب تفاقم أزمة الديون.

وجاء القرار حينها ليضع حدّا للمفاوضات التي قادها الملياردير السعودي محمد حسين العامودي، الذي يملك نحو 67 بالمئة من أسهم الشركة، حيث حاول جاهدا الحصول على امتيازات جديدة من الحكومة لتفادي هذا الأمر.

وترى الجبهة أنه من الضروري اليوم إعداد ملفّ متماسك للترافع لدى المركز الدولي لفض نزاعات الاستثمار واتّخاذ كل ما يلزم من تدابير، قصد حماية مصالح المغرب واسترجاع كل الأموال المنهوبة من عملية الخصخصة حتى النطق بالتصفية القضائية وملاحقة كل المتورطين.

ويكافح المستثمرون في سامير، مصفاة النفط الوحيدة في المغرب الواقعة في المحمدية قرب الدار البيضاء، من أجل إنقاذها بعد صدور حكم قضائي بتصفيتها في 2016 على إثر توقفها عن العمل قبل الحكم بسنة، فيما لا تزال محكمة متخصّصة تسعى إلى بيعها إلى مستثمر جديد.

4.4 مليارات دولار حجم ديون شركة سامير لتكرير البترول، وفق ما تشير إليه التقديرات الرسمية

وأوضح عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، أنّ الحكومة مستعدة لأيّ محاولة استثمارية في المجال، مُبرزا في المقابل أنها لا تتحمّل مسؤولية الوضعية التي آلت إليها المصفاة.

ولازالت صفقة بيع المصفاة متوقفة رغم تقدّم عدد من الشركات والدول ترغب في شراء المصفاة، منها شركة بتروين، بعرضها شراء المصفاة بمبلغ 2.4 مليار دولار.

لكن خبراء أكدوا لـ”أخبارنا الجالية ”، أنه يجب أن يكون عرض الشراء مصحوبا بضمانات كافية لتنفيذه كشرط قانوني لإنقاذ المقاولة، واسترداد جزء من أموال الدائنين.

وتعاني الشركة من أزمة مالية خانقة، بسبب الديون التي قاربت 4.4 مليارات دولار، حيث إن الشركة مطالبة بدفع 1.3 مليار دولار للجمارك، ونحو مليار دولار للبنوك المحلية ونحو ملياريْ دولار للبنوك الأجنبية.

وأكد الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، أن الشركات الراغبة في شراء المصفاة يجب أن تستوفي مجموعة من الشروط التي تحدّدها المادة 604 من مدوّنة التجارة، ومن بينها الضمانات البنكية.

وأوضح أنّ الشركات لا يمكنها الاشتراط على المحكمة التي تبقى هيئة قضائية مستقلة، كما أنّ القاضي هو المخوّل الوحيد للبتّ في الموضوع طبقا لإجراءات التصفية.

وكان قرار قضائي حكم بتصفية الشركة مع الترخيص باستمرارها في العمل في حال انتقالها إلى مالك جديد لإنقاذ فرص العمل بالمصفاة.

وبعد ذلك قررت محكمة أخرى تمديد المهلة الممنوحة للمصفاة من أجل إيجاد مالك جديد، وينتهي آخر تمديد في 18 يوليو المقبل، وفي حال لم يتمّ العثور على مالك جديد ستُباع المصفاة.

وأشار اليماني إلى أنها قامت بما يسمح به القانون، وهو بيع المصفاة إلى مستثمر جديد، وأنه حضر أكثر من 30 متنافسا، إلا أن عملية لم تكتمل خاصة وأن الموقف مشوب بالضبابية، ولا يمكن إنجاح العملية إن لم توضّح الحكومة موقفها وأن استرجاع ما ضاع لن يتم إلا بعد 15 سنة.

وكان رباح قد أكد في توضيح أمام البرلمان أن الحكومة تنتظر أن تتلقّى عروض شراء شركة سامير لإيجاد مخرج حقيقي يتم من خلاله ضمان حاجيات 30 أو 40 بالمئة من المواد الطاقية للسوق المحلية، والتي كانت تؤمّنها هذه المصفاة.

وللخروج من الأزمة اقترح اليماني عدة حلول أولها التسيير الحر من خلال الإذن باستمرار النشاط لمدة لا تقل عن 3 سنوات، بهدف حماية الأصول واستغلال الوحدات الإنتاجية وتوفير الشروط الأنسب لإنجاح عملية البيع القضائي.

أما المقترح الثاني فيتمثّل في بيعها لمستثمر جديد مع توفّر الإرادة السياسية قصد التعامل الإيجابي مع الملف، وبالنسبة للمقترح الثالث فيتمثّل في انتقال السلطات لموقع المساعد في الحلول وليس التفرج وإطلاق التصريحات المعرقلة والمحبطة للآمال.

وهناك حلول أخرى قد تساعد على تحريك هذه الملفّ، وهو تحويل الديون لرأسمال من خلال الاتفاق بين إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والشركات الدولية والبنوك المغربية وغيرها من الدائنين الكبار.

ورجّح اليماني خيار الاسترجاع والتأميم من خلال لجوء الحكومة إلى إعمال المقتضيات المتعلقة بعدم الوفاء بالتزامات الخصخصة.

وأثار بيع المصفاة المغربية للمجموعة السويدية السعودية كورال سنة 1997 انتقادات كثيرة من طرف خبراء، وتطالب المجموعة التي يديرها العامودي الدولة المغربية بدفع 1.5 مليار دولار تعويضا لأضرار لحقت بها.

وتتهم الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة العامودي، المستثمر السابق في سامير، “بتخريب المكتسبات الوطنية في صناعات تكرير البترول، والتحايل على الدائنين في القطاعيْن الخاص والعام”.

ولا يزال نحو 800 عامل يتلقّون الحدّ الأدنى لأجورهم، والتي تصرف من المبالغ المتبقية في حساب الشركة والمتأخرات التي تم الحصول عليها لاحقا من زبائنها.

وبسبب تعطيل العمل في المصفاة فإن وقع الخسائر التي يتكبّدها الاقتصاد المغربي لم ينعكس فقط على مستخدميها وأطرها، حسب اليماني، بل امتد ليمسّ جيوب المواطنين في ما يتعلق بأسعار المحروقات التي ارتفعت.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: