هالوين مغربي بأزياء تنكرية من جلود الحيوانات

يعتبر مهرجان بوجلود التراثي بمدينة سلا المغربية والذي اختتمت فعالياته السبت إحدى التظاهرات المغربية العديدة التي تحيي رقصة بوجلود التراثية التي تعد مناسبة لتسليط الضوء على فن الشارع على الطريقة المغربية بلمسة تراثية تعتز بالتنوع الثقافي لمكونات المجتمع المغربي وتسعى للانفتاح على بقية الفنون والثقافات.

اختتمت فعاليات مهرجان بوجلود التراثي، بمدينة سلا المغربية، السبت بتنظيم الكرنفال الاستعراضي الخاص بهذه التظاهرة في أحياء شارع مرموشة في موكب مؤثث بلوحات فنية. وترقص الفرق التراثية رقصة بوجلود التراثية المعروفة على إيقاعات أغاني شعبية، فيما يرتدي أعضاؤها جلود الحيوانات وأزياء تنكرية، كما تنضم ضمن هذه الفعاليات عروض لفرقة رقصة التنين الصينية ولمجموعة شباب من بلدان أفريقية.

ويقول المنظمون إن المهرجان يقام تحت شعار “الموروث الثقافي الشفاهي.. مفخرة يجب الحفاظ عليه”، باعتباره علامة تراثية بارزة في تاريخ المغرب حيث تجعله اللوحات الراقصة بالأزياء التنكرية شبيها بالنسخة المغربية لاحتفالات “الهالوين” الغربية.

وتميزت فعاليات المهرجان بمشاركة جمعية “بيلماون” من مدينة إمينتانوت، الواقعة غرب مراكش، التي قدمت رقصات ثراثية جميلة. كما تضمن الكرنفال أهازيج ودقات طبول، حيث لبس المشاركون الأقنعة وملابس مصنوعة من جلود الحيوانات، واندمجوا في رقصات ونغمات موسيقى كناوة الشعبية.

واستمد المنظمون فكرة هذا المهرجان، المنظم للسنة الثالثة عشرة على التوالي، من تقليد بوجلود الشعبي في المغرب الذي يقام غداة عيد الأضحى مع عروض راقصة في الشارع يؤديها شباب متنكرون بأزياء مصنوعة من جلود الأضاحي التي يتمّ ذبحها يوم العيد.

الكرنفال يهدف إلى حماية التراث الشفوي المغربي من الاندثار

ويقول وهيب محمد المدير المؤسس للمهرجان، في تصريح له  إن “ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺑﻮﺟﻠﻮﺩ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ للاستعراضات ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺪ ﺃﺻﻮﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻎ ﻗﺒﻞ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ الاجتماعية والثقافية ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ”.

وتسبق مهرجان ﺑﻮﺟﻠﻮﺩ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ، ﺗﺒﺪﺃ ﺑﺠﻤﻊ ﺟﻠﻮﺩ ﺍﻷﺿﺎحي ﻣﺠﺎﻧﺎ، ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﻮن ﺑﻐﺴﻠﻬﺎ ثم ﺨﻴﺎﻃﺘﻬﺎ في شكل لباس بإتقان لضمان ﺗﻤﺎﺳﻜﻬﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ الرقص وﺍﻟﺠﺮﻱ ﻭﺍﻟﻤﻄﺎﺭﺩﺓ.

وﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﺤﻀﻴﺮ ﺯي ﻭﺍﺣﺪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺧﻤﺴﺔ وﺳﺒﻌﺔ ﺟﻠﻮﺩ خروف أو معز، بحسب ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺸﺨﺺ ووزنه، كما يجب أن يتضمن الزي ﺣﻮﺍﻓﺮ ﺍﻷﺿﺤﻴﺔ الأربعة.

ويؤكد الداعمون لاستمرار هذا الكرنفال أن الدور الأكبر في حماية التراث الشفوي المغربي من الاندثار والحفاظ عليه باعتبار أن هذه الفنون الشعبية تعبير عن تاريخ وهوية المجتمع المغربي بكل مكوناته.

وضمن فعاليات المهرجان شارك عدد من الشباب في دورات تدريبية في صناعة الأقنعة وخياطة ألبسة بوجلود.

وأكد وهيب انفتاح المهرجان على فن “الحلقة” ودورها الريادي في السرد الحكائي من خلال حضور الحكواتي المشهور ياسين الركراكي المعروف بلقب “الأقرع”. كما تجسد الانفتاح الثقافي للكرنفال الاستعراضي في مشاركة مجموعة من شباب مدينة إمينتانوت إلى جانب حضور مجموعة من الفرق التراثية الأمازيغية والأفريقية، حيث أكد المدير المؤسس للمهرجان أن الهدف هو التغيير والعصرنة مع الحفاظ على الموروث اللامادي وتنميته.

ويعد المهرجان، حسب عدد من المشاركين، مناسبة مهمة للحفاظ على الموروث اللامادي المغربي وترغيب الشباب فيه والمساهمة في تنميته والمحافظة عليه من الاندثار شأنه شأن فن الحكاية.

وأكد وهيب، أن أهالي حي سيدي موسى من مختلف الأعمار شاركوا كعادتهم في أنشطة المهرجان من منطلق وعيهم بضرورة تنمية مهرجان رقص بوجلود، ما جعل فضاء باب لمريسة بمدينة سلا ساحة لفنون الريادة وفنون الشارع لإطلاق الطاقات الإبداعية للشباب، ومكانا للفرجة والترفيه والإبداع الفني من أجل التعبير عن مشاغلهم اليومية.

وقال عادل يديحيا، رئيس جمعية “بيلماون أفلانتلات” للثقافة والفنون، إن “هذه مشاركتنا الأولى في الكرنفال وهي بمثابة تعاون ثقافي وفني مع القائمين على هذا المهرجان”، مشددا على أن هدفهم الانفتاح على بقية المناطق المغربية وتبادل المعرفة وخلق أجواء الفرجة.

وذكر يديحيا أن مدينة إمينتانوت تنظم بدورها مهرجانا لبوجلود كل عام في إطار جهودها للمحافظة على التراث، معربا عن أمله في أن تعزز الجهات المسؤولة جهودها لضمان استمرارية تراث بوجلود.

وأكد وهيب وجود دعم من المؤسسات العمومية للمهرجان إذ تم عقد شراكة بين وزارتي الثقافة والشباب وبين السلطة المحلية في سلا.وفي خطوة تأتي للاعتراف بجهود المحافظة على التراث كرمت جمعية فضاء التضامن والتنمية بسلا محمد العسيري صاحب فكرة تنظيم مهرجان بوجلود، وعبدالإله أقلجوي باعتباره عضوا فاعلا في استمرار المهرجان وتنوع مضامينه.

ويتطلع وهيب إلى أن يتم التعامل مع نداء المهرجان بالكثير من العناية من طرف السلطة المحلية لجعل الساحة التاريخية باب لمريسة بالمدينة سلا فضاء لفنون الشارع ورواد فن الحلقة كباقي المدن المغربية، مثل مراكش التي تضم جامع الفنا ومكناس والتي بها ساحة الهديم وفاس المتواجد بها باب بوجلود.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: