وسائل الإعلام الإسرائيلية تتهم المغرب والمغاربة بمعاداة السامية

رغم هدم ما أنجز من مشروع نصب الهولوكست الذي كان مزمعا إقامته بالقرب من مراكش وطرد الألماني الماسوني رئيس المنظمة التي كانت تخطط للمشروع، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية واللوبي الصهيوني يتهمون المغرب والمغاربة بمعاداة السامية ويعملون عبر الضغط على العودة لاقامته في ظل استمرار الأسئلة كيف صمتت السلطات المغربية أو غضت النظر عن مشروع بهذه الأهداف وهذا الحجم، إذ من الصعب أن يجري بدون علم السلطات في بلد مثل المغرب.

ناشط مغربي يهودي: نحن البلد العربي الوحيد الذي يحيي ذكرى المحرقة

وقالت صحيفة «جيروزاليم بوست» الصهيونية إن هدم السلطات المغربية للنصب الخاص بالهولوكوست «جريمةً معادية للسامية»، وإن منظمة «بيكسل هيلبر» Pixel Helper الصهيونية العقيدة، الماسونية التوجه، ستواصل تحركها لإعادة بناء ما هدم واستكمال المشروع كاملا حيث كان مقررا إقامة نصب للهولوكوست ونصب آخر للمثلية الجنسية.
وقالت صحيفة «هوية» المغربية إن القوة الدولية للصهاينة تستعمل تهمة «معاداة السامية» في ابتزاز الدول الإسلامية الضعيفة؛ وهي التي تفسر عدم استعداد الدولة المغربية لمواجهة هذا الاختراق للوطن والانتهاك الصارخ لسيادة الدولة، في قضية «هولوكوست مراكش»، وتفضيل الاكتفاء بتفعيل الإجراءات القانونية العادية بدون إعطاء الموضوع بعده الهوياتي والأمني الحقيقي.
وأكدت الصحيفة «أن هذا الالتباس الذي يلف قضية «هولوكوست مراكش» يثبت أن الدولة تعيش تحت ضغط خارجي تمارسه المنظمات الصهيونية ومؤسساتها الإعلامية، ويشهد لهذا الضغط أن أمرا بليغ الخطورة مثل هذا، يُتعامل معه بالهدم الجزئي كأنه يتعلق بغرفة بنيت فوق سطح بيت؛ إذ لم يجرؤ مسؤول أو جهة رسمية أن تحقق في الأمر وتحمل المسؤولية لمن تواطأ وباع هوية المغرب وسيادة الدولة وشارك في هذه الجريمة النكراء وهذا «التعامل الملتبس يجعلنا نوقن بأن قصة مشروع نصب الهولوكوست لن تنتهي بالهدم «الجزئي» وسيكون لها ما بعدها».
ولاحظت «التناقض المريب بين الجهات اليهودية الرسمية، ففي الوقت الذي صرح فيه رئيس الطائفة اليهودية في مراكش جاكي كوديتش «أن المشرف على هذا المشروع لم يتواصل معنا نحن ممثلي اليهود في المغرب ولم يخبرنا بشيء»، معقبا بعد ذلك بقوله «نحن لا نعلم نية هذا الشخص ولا المنظمة التي قامت بهذا المشروع»، قال رئيس المنظمة صاحبة المشروع «إذا كان سيرج بيرديغو، الأمين العام لمجلس الطائفة اليهودية في المغرب، لا ينقل المعلومات لجاكي كوديتش فهذا ليس خطأنا»، كما أنه أحاط «المستشار اليهودي للملك (في إشارة إلى المستشار الملكي أندري أزولاي) علما بمشروعنا، وتمت دعوته إليه».
وقالت الصحيفة إن رئيس المنظمة «يتكلم بكل قوة، ويسفه كل إجراء أو انتقاد، بحيث يعطي الانطباع للمغاربة والمتتبعين أنه ندٌّ للدولة، وأنه قادر على إرغامها على الانقياد لما يمليه، مستغلا علاقة الصهيونية بمراكز القرار في أمريكا والدول الأوروبية، وحاجة المغرب لها في تدبير ملفات قضايانا الوطنية الكبرى؛ لذا فهو يصر على أن يمارس حالة مكشوفة من الابتزاز الفظيع المذل، ويضرب في كل اتجاه. وهذا الكلام «بمثابة قنبلة انشطارية ألقاها الخبيث في وجه الدولة المغربية، فهو يكتسي خطورة خاصة وتهديدا كبيرا، يجعلنا نتساءل: إذا كان فعلا سيرج بيرديغو كبير اليهود وأندري أزولاي اليهودي المستشار الملكي كلاهما يعلمان بالفعل الإجرامي للمنظمة الصهيونية واستشيرا في الأمر، فهل كان عدم تحرك السلطات لمنع هذا الإجرام، بأمر منهما أو بتدخل منهما؟»
وتساءلت «كيف يليق المزيد من السكوت وهذا الصهيوني يزيد في إذلال الدولة وإحراجها بتصريحاته المستفزة عندما قال: «لقد كنا نرسل معلومات عن المشروع إلى جميع السفارات المغربية حول العالم، وقبل انطلاقه أبلغت شخصيا السفارة المغربية في برلين عن جميع المشاريع المخطط لها».
وقال الكاتب والنّاشط اليهودي المعادي للصّهيونية، الفرنسي المغربي جاكوب كوهين، حول مشروع نصب مراكش ان اللوبي الصهيوني العالَمي «يستمرّ في سياسة بنائه نُصُبا في كل مكان يمكن فيه ذلك، وأُقيمَ آخرها في البرازيل التي ليست لها علاقة بالهولوكوست؛ حتى يظهرَ للعالَم كم عانى الشّعب اليهودي، وإلى أي حدّ معاداة السّامية ظاهرة يجب القضاء عليها. معاداة السّامية التي تستوعب كلّ انتقاد موجَّه ضدّ إسرائيل».
وأضاف كوهين في تصريحات نشرها موقع «هسبرس»  أن اللوبيّ الصهيوني مع «مشروع علاء الدين»، يحاول منذ عَقد من الزمن أن يجعل العالَم العربي يعترف بالمحرقة. والمغرب هو الدولة العربية الوحيدة إلى حدود الآن (ويمكننا أن نخمّن أسباب ذلك)، بفعل ضغط أندري أزولاي، التي تحيي ذكرى المحرقة… «يوم شواه» بمدينة إفران (أي يوم «الكارثة» بالعبرية التي تعني الهولوكوست) وبمشروع «نصب مراكش» وأضاف أن «المرحلة المقبلة كانت بناء نُصُب تذكاري في مراكش، له الهدف نفسه دائما، وهو فرض مأساة على المجتمع المغربي لا علاقة له بها، وتكييفها لصالح إسرائيل».
وحول اتهام الصحف الإسرائيلية للمغرب بمعاداة السامية قال الناشط المعادي للصهيونية إن «هذا أمر كلاسيكي»، ويوضّح أنّ وراء كلّ نشاط للهولوكوست أسباب لا يتمّ ذكرُها للدّعاية، فإسرائيل واللّوبي اليهودي يصفان بمعاداة السّامية أي نقد لإسرائيل. واستخدم الصّهاينة هذه الحجّة منذ أزيد من خمسين سنة» بقول إن من معاداة السّامية تدمير النّصب التّذكاري يراد جعل السّلطات المغربية تشعر بالذّنب، لارتكاب جريمة معادية للسّامية بشعة جدّا. والتّعريف الجديد لمعاداة السّامية الذي يفرض نفسه شيئا فشيئا على العالم هو انتقاد إسرائيل. و«معاداة السامية» هي ورقة «الجوكر» عند الدّعاية الصّهيونية» حيث أن «المشكلة أنّنا نضع على ظهور معارضين للنُّصُب رفضا لأيّ تعاطف أو حساسية تاريخية. يمكن أن يكون المغرب قلقا من مأساة إنسانية يهودية، كما مآس أخرى. المشكل ليس هنا. المعارضون، أولئك الواعون سياسيا، والذين تحدّثت معهم بداية 2019، يعرفون أنّ المشكل ليس إنسانيا، بل سياسيا».
وأكد كوهين «أن المغرب ليس عليه أن يكون معنيا بما حدث في ألمانيا… وهو منذ استقلاله، وخصوصا منذ الحسن الثاني، انضمّ إلى أمريكا والغرب، وقبِل بتصرّف الموساد بحريّة في البلاد، واستقبل قياديّين صهيونييّن عام 1986» وبات المغرب «لا يرفض أيّ شيء لإسرائيل، لأنه يعتقد أن دعم اللوبي اليهودي يمكّنه من الحصول على الدّعم الأمريكي في قضية الصّحراء المغربيّة. لذا عندما يُؤمَر المغرب بإحياء ذكرى الهولوكوست، لا يستطيع أن يقول لا، وهو ما لا يمكن أن يحدث أبدا في دولة عربية أخرى».

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: