عرض ترامب الدرامي في قمة الدول السبع

كان واضحا أن ضيق ترامب وتأففه من قمم مجموعة السبع، قد ضاقا أكثر فأكثر، وأن الأعضاء الآخرين يتعاملون معه كحالة متعبة ينبغي التهيؤ لمنع إضرارها بقممهم.

كأنما قُدِّر للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يستضيف عرضا أكثر درامية من سابقاته في تاريخ قمم زعماء الدول الصناعية السبع، في مدينة بيارتيز الفرنسية. فقد كان هو، ومعه سائر الزعماء الأوروبيين، مرة أخرى، أمام رئيس أميركي مختلف عن كل من سبقوه، وليس له من وداد في القمة، إلا مع بوريس جونسون، رئيس حكومة المحافظين في بريطانيا، الذي اضطر إلى معارضته في إحدى لقطات العرض. فالرجل لا يدع أمرا مما كان الأوروبيون يتوافقون عليه مع أي رئيس أميركي، إلا ويذهب فيه إلى اتجاه آخر.

في جلسة الثلاثاء التي نُوقشت فيها اتجاهات المناخ التي يمكن أن تجعل أجزاء من الكوكب غير صالحة للسكن إذا تركت أسبابها دون ضبط؛ تخلف ترامب عن الحضور، وبدت السمة اللافتة في مشهد الاجتماع مقعده الخالي. وقد تعلل في غيابه بانشغاله بحديث قبل الجلسة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي وهما لم يتخلفا عن الجلسة.

حيال مثل هذه القضايا الإشكالية بالنسبة له، كقضية المناخ والاحتباس الحراري، يكون تغيبه وتهربه هما القاعدة وحضوره الاستثناء. على الرغم من ذلك، لم يتعثر تقدم الدول الصناعية في العالم بسبب سياساته، ولم يؤثر غيابه على سياقهم في قليل أو كثير. فقد بات الرجل بالنسبة لهم جميعا ينطبق عليه القول “لا أوحش من غاب ولا آنس من حضر”!

لعل من نافل القول، أن رئيس الولايات المتحدة افتعل الكثير من الخلافات مع الدول الحليفة تقليديا للولايات المتحدة، ناهيك عن الدول المنافسة لبلاده على صعيد السياسات الإستراتيجية ومنهجياتها التجارية والعسكرية. والحلفاء التقليديون من جانبهم، أصبحوا يتعاملون مع ولايته باعتبارها مرحلة استثنائية عابرة، يميزها الشطط، لذا استمروا في السير دون الولايات المتحدة، وفي قممهم الأخيرة مضت قُدما عناصر التوافق في الآراء بشأن التجارة والمناخ، ووجدوا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقرب إليهم من دونالد ترامب في موضوعات التباحث، ولم يكترثوا لكونه سواء منافسا استراتيجيا أم إنه حليف وصديق. لذا تعمّد الفرنسيون في منهجية التنظيم، إغلاق الباب المحتمل أن يدخل منه ترامب لإثارة جدال، عندما اختاروا التخلي عن تقليد إنهاء القمة ببيان مشترك، يعكس التوجهات العامة للدول الصناعية، وإستراتيجيتها التوافقية لمواجهة المشكلات الأكثر إرباكا للعلاقات الدولية ولكافة المناخات السياسية والبيئية.

وبخلاف احتمالات انفجار ترامب، كان الفرنسيون حريصين على تحاشي تكرار ما حدث في قمة العام الماضي في كندا، وبذل أقصى الجهود لاستيعاب ترامب والتقليل من ضجيجه، مستذكرين ما حدث في العام الماضي عندما كان البيان المشترك سببا في هياج ترامب واستعراضه المسرحي الذي انتهى بانسحابه، ثم إهانة مضيفه رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو، واستكمال نوبته بتغريدات على “تويتر” نصّب فيها نفسه حارسا للشرف والعدالة، قائلا عن قمة مجموعة السبع في كندا “غير شريفة وضعيفة للغاية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: