العمل الصحافي بات معقدا وتحت ضغط السلطات في الجزائر.

تجري الرئاسة الجزائرية تغييرات بارزة على قيادة وكالة الأنباء الجزائرية وسلطة ضبط البريد والاتصالات الإلكترونية، بعد أشهر قليلة على تعيين مدير جديد للتلفزيون الجزائري، في وقت تجدّد فيه النقاش بشأن الخدمة العمومية للقنوات والصحف، التي تراجعت تغطيتها للحراك الشعبي بشكل كبير، ما أثار استياء وغضبا من الجمهور.

 عين الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، الصحافي فخرالدين بلدي مديرا عاما لوكالة الأنباء الجزائرية الحكومية، في وقت تشهد فيه وسائل الإعلام الجزائرية ارتباكا واضحا بسبب ضغوط السلطة من جهة والاستياء الجماهيري الواسع من أدائها المتواضع في تغطية الحراك الشعبي.

وكان بلدي يتولى منصب مدير الإعلام بالوكالة. وعيّن محل عبدالحميد كاشة الذي أقيل بعد أن أدار الوكالة ثماني سنوات، بحسب المصدر دون المزيد من التفاصيل.

كريم يونس: من غير المعقول ومهما كانت الظروف أن تُحرم الصحافة من عملها
كريم يونس: من غير المعقول ومهما كانت الظروف أن تُحرم الصحافة من عملها

كما عين الرئيس الجزائري، عبادلي خيرالدين مديرا عاما لسلطة ضبط البريد والاتصالات الإلكترونية. وتمت إقالة أربعة من أعضاء هذه الهيئة وعين ثلاثة آخرون فيها. وسبق أن عين بن صالح في مارس 2019 سليم رباحي مديرا جديدا للتلفزيون الجزائري.

وتشهد الجزائر منذ فبراير 2019 حركة احتجاج دفعت الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة إلى الاستقالة بعد أن رأس البلاد 20 عاما. لكن الاحتجاجات بقيت مستمرة لإقصاء وجوه النظام القديم من السلطة والمشهد السياسي الجزائري.

وأتاحت هذه الحركة للصحافيين الجزائريين خصوصا في وسائل الإعلام العامة، تضييق هامش المراقبة، لكن العمل الصحافي يبقى معقدا وتحت الضغط، حيث تراجعت تغطية وسائل الإعلام سواء العامة أو الخاصة المملوكة لرجال أعمال مقربين من السلطة، للحراك الشعبي، بعد عدة أسابيع على انطلاقه، حيث تجدّد النقاش بشأن الخدمة العمومية للقنوات والصحف، بينما اكتفى التلفزيون العمومي بإشارة سريعة للمظاهرات، ما أثار استياء وغضبا من الجمهور.

ورفع العديد من المتظاهرين خلال المظاهرات الأخيرة شعارات غاضبة تستنكر “تراجع وسائل إعلام محلية عن تغطية مظاهرات الحراك الشعبي”.

وقال متابعون أن ​تجاهل وسائل الإعلام للحراك يعود إلى التمويل الذي تتلقاه من الحكومة، بواسطة المؤسسة العمومية للإشهار.

وذهب ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تحميل وسائل الإعلام مسؤولية تأخر الانتقال الديمقراطي في الجزائر، بسبب “التعتيم غير المبرر الذي تمارسه على الحراك”.

كما أدان الدبلوماسي ووزير الاتصال الأسبق عبدالعزيز رحابي “الضغوط” على وسائل الإعلام وعرقلة بعض المواقع الإخبارية.

وكتب رحابي على صفحته في فيسبوك “تعيش بعض وسائل الإعلام ضغوطات غير مقبولة مثل الضغط عن طريق الإشهار العمومي أو عرقلة بعض المواقع الإخبارية دون مبرر معلن وصريح وتمارس خارج إطار العدالة أو سلطة الضبط الوحيدة الكفيلة بإدارة هذه القضايا. هذه التصرفات تمس بحقنا في الإعلام، وحرية التعبير حق إنساني ومن المطالب الأساسية للجزائريين والجزائريات”.

وأضاف رحابي “المنظومة الإعلامية الوطنية لا ترقى إلى المستوى المتعامل به دوليا وهي في أمس الحاجة إلى أحسن ظروف الممارسة الإعلامية للقيام بمهامها مرافقة الجهد الوطني للخروج من الأزمة”.

Thumbnail

كما يتعرض الصحافيون والمراسلون الذين يغطون الحراك للتضييق والشتم والملاحقة، وقد صلت في بعض الأحيان إلى حد الاعتداء الجسدي واللفظي. وهو ما حدث مؤخرا مع طرد طاقم التلفزيون الرسمي، وقبلها الاعتداء على صحافيين أمام البريد المركزي في العاصمة، أثناء تغطية الحراك.

من جهته عبر كريم يونس منسق لجنة الحوار والوساطة، عن تضامنه مع وسائل الإعلام التي تعرضت للحجب مثل  موقع كل شيء عن الجزائر “تي.أس.أي” (TSA)، الذي حجب قبل نحو شهرين، ما تعذر على قرائه في الجزائر متابعته.

وقال كريم يونس في تصريحات لوسائل إعلام محلية: إنه “من غير المعقول، ومهما كانت الظروف، أن تُحرم الصحافة من القيام بعملها”.

وأضاف “إذا كانت هناك مشاكل مالية أو أخرى تُدرس ويتم حلها لكن أن يتم غلق TSA ووسائل الإعلام الإلكترونية فهذا أمر مرفوض”.

وكان الرئيس الجزائري قد وعد بانفتاح إعلامي نحو الحراك، خلال استقباله لأعضاء لجنة الوساطة والحوار الأسبوع الماضي، لكن هذه اللجنة ما زالت تواجه العراقيل ولم يتم حسم دورها حتى الآن.