رفض مغربي لتواجد البوليساريو في منطقة التبادل الحر الأفريقية

يحاول المغرب عبر تطوير أدائه وعمله الدبلوماسي الدفاع عن وحدته الترابية، في مواجهة تحديات قضية الصحراء المغربية أمام اختراقات مفترضة لجبهة البوليساريو، وقد استغلت الخارجية المغربية تعيين سفراء جدد بعواصم مختلفة، للتأكيد على يقظة المملكة وتصديها لمناورات خصومها، كما أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة رفض المغرب لتواجد البوليساريو في منطقة التبادل الحر الأفريقية رغم انضمام المملكة مؤخرا إليها عقب القمة الاستثنائية لدول الاتحاد الأفريقي التي استضافتها عاصمة النيجر “نيامي” الأحد الماضي.

دعت وزارة الشؤون الخارجية المغربية سفراء المغرب المعينين حديثاً في عدد من العواصم العربية والغربية، إلى المواجهة والتصدي لمناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية “القائمة على الافتراء والتضليل الممنهج”، في إشارة إلى خطط جبهة البوليساريو التي تريد خلط الأوراق على المستوى الأفريقي والآسيوي وبدول أميركا اللاتينية، وعرقلة تصور المغرب لحل قضية الصحراء المغربية المبني على مبادرة الحكم الذاتي.

وجاءت توجيهات الخارجية المغربية ضمن سلسلة ندوات نظمتها لفائدة السفراء الجدد من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس. وأكدت على أهمية “الاستمرار في نفس النهج والعمل المستمر على جميع الأصعدة من أجل التصدي لمناورات خصوم وحدتنا الترابية”.

وتمحورت أشغال الأيام التوجيهية حول الآليات، التي من شأنها تقوية الأداء الدبلوماسي الوطني “لتعزيز مكانة المملكة، بوصفها عضوا فاعلا ومسؤولا داخل المجتمع الدولي في ما يتعلق بالمجالات السياسية، الأمنية، والسوسيو-اقتصادية والبيئية”. وتهدف أيضا إلى إبراز المحاور الاستراتيجية للدبلوماسية المغربية وآفاقها المستقبلية، وتحيين المعطيات المتعلقة بعدد من الملفات.

وتحرص الخارجية المغربية على أن يكون العمل الدبلوماسي فاعلا على الأرض حتى يتسنى له تحقيق الأهداف المرجوة منه والمساهمة بشكل مؤثر في تعزيز إشعاع المغرب على الصعيد الدولي في ظل ظرفية عالمية تتسم بالتغيرات العميقة والتحولات الكبيرة على المستويين الإقليمي والدولي.

ويشير مراقبون إلى أن الجسم الدبلوماسي المغربي مطالب بالعمل بكل مكوناته بشكل متسق لإفشال أي اختراقات مفترضة لخصوم الوحدة الترابية في المحافل الدولية وبكافة المناطق.

ولاحظ هؤلاء أن بروفايلات السفراء الجدد منسجمة مع توجهات الخارجية المغربية واستراتيجيتها في العمل الدبلوماسي المبني على التموقع الجيد بجميع الوسائل المتاحة تقنيا وسياسيا ودبلوماسيا خدمة للاستراتيجية الأمنية، والسوسيو-اقتصادية والبيئية داخليا وعلى المستوى القاري والدولي.

وضمن العمل الميداني الذي انخرط فيه المغرب بالقارة الأفريقية دعما لتموقعه السياسي والاقتصادي والدبلوماسي، شارك وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في القمة الاستثنائية الـ12 للاتحاد الأفريقي الخاصة بمنطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية المنعقدة بنيجيريا، الأسبوع الماضي، ممثلا للعاهل المغربي الملك محمد السادس.

الخارجية المغربية ما فتئت تعري وجه المسؤولين الجزائريين أمام المجتمع الدولي، وتكشف مدى تدخلهم في ملف الصحراء المغربية كمحركين للبوليساريو وداعمين لها

وتهدف منطقة التجارة الحرة الأفريقية إلى إزالة الحواجز التجارية، وتعزيز التجارة بين دول القارة. وستلغي هذه المنطقة التعريفة الجمركية تدريجيا على التجارة بين الدول الأعضاء بالاتحاد (55 دولة)؛ ما سيجعل التجارة أسهل بالنسبة للشركات الأفريقية في القارة.

وشدد بوريطة، على أن المغرب انخرط بقوة في مسار إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، لكن توقيعه وتصديقه على هذه الاتفاقية لا يحمل ما يمكن تفسيره بأنه إقرار بوضع أو واقع أو كيان لا يعترف ويهدد وحدته الترابية ووحدته الوطنية.

وكان المغرب انسحب من منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليا) عام 1984؛ احتجاجا على قبول الأخير لعضوية ما يُعرف “بجبهة البوليساريو”، غير أنه عاد إلى الاتحاد في يناير 2017.

وأشار المسؤول المغربي إلى أن بلاده تتصرف وفقا لعقيدة ومبادئ واضحة عندما يتعلق الأمر بالتمييز بين العضوية في منظمة ما، والاعتراف بكيانات يمكن أن تكون جزءا من هذه المنظمة، لكن المغرب لا يعترف بها. وتساءل مستنكرا “كيف يمكن لكيان ليس له أرض أن ينتمي إلى منطقة تجارة حرة؟”.

وخلال القمة، التي شارك فيها المغرب، أُعلنت جبهة البوليساريو كعضو في “منطقة التجارة الحرة الأفريقية”، رغم عدم اعتراف الرباط أو الأمم المتحدة وغالبية المجتمع الدولي بها.

وندد وزير الخارجية بهذه الخطوة متسائلا عن “العملة التي سيعتمدها هذا الكيان لإدارة التجارة التي، إذا ما كان لها أن تتم، لن تكون إلا بالعملة الجزائرية”، مشيرا إلى أنه “إذا كان للسلع أن تمر عبر الجمارك فستكون جمارك الجزائر”، وبالتالي فإن هذه الوضعية هي “حالة شاذة حرص المغرب على إثارتها”. ويشير مراقبون إلى أن وزارة الخارجية المغربية ما فتئت في كل المناسبات والمحافل الدولية تكشف وجه المسؤولين الجزائريين أمام المجتمع الدولي، وتكشف مدى تدخلهم في ملف الصحراء المغربية كمحركين للبوليساريو وداعمين لأطروحتها.

وبدروه أكد مصطفى الخلفي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني في المغرب، أن توقيع ومصادقة المغرب على الاتفاقيات مع الاتحاد الأفريقي، لا يمكن أن يفهم أو يؤول أو يفسر بأي حال من الأحوال على أنه “اعتراف بواقع أو فعل أو وضعية أو كيان غير معترف به من قبل المملكة المغربية من شأنه أن يمس بالوحدة الترابية والوطنية”.

وتخشى جبهة البوليساريو من أن تنحو جمهورية الإكوادور طريق السلفادور التي أعلنت قبل أسابيع قطع علاقاتها مع الانفصاليين. وتطرق الخلفي إلى تواصل سحب الاعتراف بجبهة البوليساريو، مشيرا إلى أنه بعدما كانت 84 دولة تعترف بها في ثمانينات القرن الماضي، بلغ عدد الدول التي سحبت اعترافها إلى الآن أزيد من 50 دولة آخرها كل من السلفادور والباربادوس.

وتشدد الخارجية المغربية، على ضرورة التكيف بفعالية مع محيط دولي معقد، والانخراط الفعال والجدي في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة لقطع الطريق أمام مناورات خصوم الصحراء المغربية، باستثمار التطورات الإيجابية التي يشهدها ملف الصحراء بفضل المكاسب المتتالية للدبلوماسية المغربية، لاسيما سحب العديد من الدول لاعترافها بالبوليساريو.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: