مشروع قانون قاس يضع حدا لفوضى الإضرابات في المغرب

تطرح الحكومة المغربية مشروع قانون قاس يستهدف وضع حد لفوضى الإضرابات التي لها انعكاسات وخيمة على اقتصاد البلاد. ولا يزال مشروع القانون يثير الجدل، خصوصا في ظل اعتراض النقابات على بعض مواده، مخافة تقييد حق الإضراب.

وكانت الحكومة السابقة أعدت مشروع القانون التنظيمي للإضراب وتمت المصادقة عليه في مجلس وزاري ترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس في شتنبر 2016. وبقدر ما ترحب الحكومة بخطوة إقرار أول قانون يؤطر الإضراب، تبدي النقابات تخوفها منه، بسبب ما تعتبره “تكبيلا لأيدي النقابات التي تؤكد أن الإضراب أحد أوجه المطالبة بحقوق العمال”.

وفي حين لا يزال هذا المشروع قيد الدراسة بمجلس النواب، أطلقت الحكومة حلقة من مسلسل حوار مع النقابات وأرباب العمل حول “مشروع القانون التنظيمي للإضراب” خلال الفترة ما بين 25 يونيو الماضي و2 يوليو الجاري.

وعقب انتهاء هذه الجلسات قال وزير الشغل والإدماج المهني، محمد يتيم، إن “الحكومة طلبت من اللجنة المختصة في البرلمان تأجيل برمجة دراسة هذا المشروع”. وأبدى يتيم، في بيان، التزام الحكومة بـ”التشاور مع الشركاء الاجتماعيين قبل عرضه للمصادقة في البرلمان”، مرجعا طلب التأجيل إلى رغبة الحكومة “في بناء توافق حول المشروع”.

مشروع القانون يعتبر العمال المشاركين في الإضراب حال التوقف المؤقت عن العمل خلال مدة إضرابهم أنه “لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن مدة إضرابهم

واعتبر أن “المشروع يسعى لإقامة توازن بين معادلة تأمين الحق في الإضراب كحق دستوري وضمان حرية العمل”. النقابات العمالية لها رأي آخر بخصوص هذا المشروع، حيث أعلنت عن رفض عدد من مواده.

وقال رئيس نقابة المنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي، “نرفض هذا المشروع، كونه سيكبل أيدي النقابات، ويمنعها من ممارسة حقها الدستوري والكوني المتمثل في الإضراب”. وانتقد لطفي إحالة الحكومة لهذا المشروع على البرلمان “من دون فتح نقاش مع النقابات”.

وأوضح أن “النقابات تعمل دون قانون ينظمها، وهو ما يقتضي من الحكومة إخراج مشروع القانون الذي ينظم النقابات قبل مشروع قانون الإضراب، خصوصا أن الدستور ينص على ضرورة إصدار قانون ينظم عمل النقابات”. ورفض لطفي ما اعتبره “محاولة فرض مشروع قانون الإضراب”.

وقال إن “الحكومة تحاول تنزيل هذا المشروع لمنع ما يسمى التنسيقيات، مثل تنسيقية المعلمين أو المتدربين أو الطلاب الأطباء”. ونظمت هذه التنسيقيات في أوقات سابقة إضرابات استمرت أسابيع، وهو ما جعلها تحقق عددا من مطالبها. وتضم هذه التنسيقيات ممثلين عن العمال، وتقوم بالإعلان عن المطالب وتاريخ الإضراب وأحيانا تدخل في حوار مع الحكومة.

وقالت نقابة “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل” إن وزير التشغيل رفض خلال اللقاء الذي جمعه مؤخرا بالكونفدرالية، كل المقترحات التي تقدمت بها. وطالبت الكونفدرالية، في بيان، بسحب القانون التنظيمي للإضراب، المحال على البرلمان لأن “صياغته تمت بشكل انفرادي، وفيها إقصاء للحركة النقابية”.

وشددت على رفضها “آلية التشاور”، التي وصفتها بـ”الدخيلة في عالم الشغل، والغريبة عن الاتفاقيات الدولية”. وأكدت النقابة على رغبتها في تفاوض ثلاثي، من أجل الوصول إلى نص متوافق عليه يضمن ممارسة هذا الحق الدستوري والكوني.

في حين لا يزال هذا المشروع قيد الدراسة بمجلس النواب، أطلقت الحكومة حلقة من مسلسل حوار مع النقابات وأرباب العمل حول “مشروع القانون التنظيمي للإضراب”

وبحسب الفصل 29 من الدستور، فإن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة”. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات.

فيما مشروع قانون الإضراب يتكون من 49 بندا، وينص في المادة 5 على أن “كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة، كما يعتبر كل إضراب لأهداف سياسية ممنوعا”. ويوجب مشروع القانون حسب المادة 7 منه، إجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للعمّال قبل خوض الإضراب، وذلك قصد البحث عن حلول، ويضيف أنه في حالة تعذر المفاوضات أو فشلها يتعين بذل جميع المساعي اللازمة لمحاولة التصالح بين الطرفين.

أما في حالة الإضراب فتُمنع على المضربين حسب المادة 13، عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب، ويمنع عليهم احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها.

كما يعتبر مشروع القانون العمال المشاركين في الإضراب حال التوقف المؤقت عن العمل خلال مدة إضرابهم أنه “لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن مدة إضرابهم”.

ويمنع حسب المادة 23، بعد إنهاء الإضراب أو إلغائه بمقتضى اتفاق بين الأطراف المعنية، اتخاذ قرار إضراب جديد دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد مرور سنة على الأقل. وحسب المادة 26 يمكن لصاحب العمل حال ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون أن يطالب بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: