بئس الصداقة …. صداقة المصلحة

تسير بنا الحياة في زمن متقلب لا يثبت على حال,مرة نجد أنفسنا في غنى ومرة في فقر,وتارة نجد أنفسنا في سعادة وأخرى نجد فيها الحزن والألم,فالحياة تمضي ونلتقي بأناس بعضهم من يبقى في حياتنا وآخرين يولون الادبار.

هؤلاء من يتمسكون بنا ويبقون علينا,هم من يدركون معنى الصداقة الحقيقية ويعلمون انها كنز ونعمة من الله ,وهي عملة نادرة لا نجدها هذه الايام,هؤلاء من يدركون أنهم لا يستطيعون العيش بلا أصدقاء ويلجأون الينا وقت الشدة والبلاء,ينشدون رفقتنا ومواقفنا الطيبة والانسانية معهم خاصة عندما تشتد بهم الأزمات,فلا يستطيعون الابتعاد أو الاستغناء عنا لعطائنا واهتمامنا بهم وللمنفعة والفضيلة التي نقدمها لهم.

ولكن لا يمكن للصداقة الحقيقة والصادقة أن تنجح الا اذا بنيت على أساس قوي وثابت عماده اتفاق الضمائر على المحبة والمودة والاحترام والوفاء والحكمة والثقة ,وأهم شئ الوفاء بحيث لا تكون صداقة مصلحة أو منفعة تنقطع بانقطاع الفائدة.

والصداقة الحقيقية مسؤولية مشتركة بين الاصدقاء ولا يمكن أن تبنى على طرف واحد أبدا,بل تزرع فيها بذور المحبة والتعاطف,التضحية والدعم,التواصل والتسامح ,لنجني ثمار السعادة الحقيقية ونبوح بها لمن حولنا من الاصدقاء,نسير متبعين الحكمة القائلة:”املأ عينيك من وجوه الاحباء والاهل والاصدقاء,فقد يغيبون عنك بعد حين,ولا تؤجل افصاحك لهم عن مشاعرك الطيبة تجاههم الى الغد,فقد لا يكونون على مسرح الحياة حين يجئ ذلك الغد.”

ولنتذكر أن الصديق الحقيقي ليس ذلك الذي نمرح ونضحك معه,بل ذلك الذي نجده ليسمعنا اذا اشتكينا ويهنئنا اذا حزنا,ويساعدنا اذا وقعنا في مشكلة,ذلك الذي لا يخالط في تعامله معنى لأي غدر أو كذب أو خيانة أو نفاق,ولكننا للاسف نلتقي بأشخاص يتعاملون معنا لأن لهم منافع خاصة حيث تبقى صداقتهم قائمة ومستمرة ما دامت المنافع جارية,واذا انقطعت تلك المنافع,انقطعوا عنا…هؤلاء من نطلق عليهم “أصدقاء المصلحة”, لأنهم يتعاملون بأنانية مغلبين ذاتهم على معاني الصداقة والانسانية,هؤلاء من يجب علينا أن نكون حذرين في اختيارهم أصدقاء لنا ,نبحر في أعماقهم لنكتشف حقيقتهم فجواهر الأخلاق لا تكشفها الا المعاشرة وكما يقول ابن المقفع:
“صحبة الاخيار تورث الخير وصحبة الاشرار تورث الندامة.”
وعلينا أن نكون على يقين أن الصادق لا يلتف حوله الا الاصدقاء الصادقون والمخلصون,أما اولئك من يرتدون أقنعة النفاق,سرعان ما تسقط تلك الاقنعه وتزول ثم ينكشفون على حقيقتهم,ولأن الايام دول,سيجدون أنفسهم بلا أصدقاء وسينقلب عليهم سوء عملهم,لكن ورغم اساءتهم ,لا ننكر أن كل الفضل يعود لهم في منحنا عين متفحصة تجيد التفريق بين المخلصين وبين أمثالهم واننا لا ننتظر الجزاء الا ممن لا يضيع الاحسان عنده,فلندعهم يرحلون آخذين مصالحهم معتقدين انهم منتصرين بذكائهم لا يعلمون أنهم أخذوا ما أرادوا ونحن أخذنا ما نريد….
يقول الشاعر:
لكل شئ اذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش انسان
هي الامور كما شاهدتها دول من سره زمان سائته أزمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شان

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: