المغرب يتصدى لاختراق استخباراتي إيراني تحت غطاء برلماني

أعاد غياب الوفد الإيراني عن الدورة الـ14 لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، التي يحتضنها المغرب، الحديث عن توتر العلاقات بين الرباط وطهران بعد اتهامات سابقة بدعم جبهة البوليساريو الانفصالية.

منعت السلطات المغربية مسؤولين أمنيين إيرانيين من دخول أراضيها، بعدما وصلوا إلى مطار الدار البيضاء أياما قبل اجتماعات اتحاد مجالس التعاون الإسلامي، التي انطلقت الاثنين الماضي واستمرت حتى الخميس.

واستبق الأمنيون وصول علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى المسؤول البارز في هرم الجمهورية الإيرانية.

وقالت مصادرنا  إن المغرب تحفّظ على وجود جنرالين إيرانيين كانا ضمن الوفد الإيراني الذي وصل للتحضير لمشاركة إيران في المؤتمر الإسلامي بالدار البيضاء الذي استمر حتى 14 مارس الجاري، وهو ما يبدو أنه أثار غضب إيران التي تغيّب وفدها عن المؤتمر.

واعتبر المحلل السياسي حفيظ الزهري في تصريح لـه  أن “منع دخول وفد أمني استخباراتي إيراني للمغرب تحت غطاء المشاركة في اتحاد المجالس للمؤتمر الإسلامي بالرباط هو ممارسة مشروعة لصلاحيات الدولة المغربية التي كانت قد أرسلت تأشيرات للوفد الرسمي الإيراني للمشاركة في المؤتمر طبقا لمقتضيات القانون الدولي”.

وأضاف أن “استغلال رفض دخول الوفد الأمني الاستخباراتي الإيراني للمغرب كذريعة لعدم الحضور للرباط من قبل الوفد الرسمي الإيراني هو محاولة للتشويش على أشغال المؤتمر إن لم نقل السعي لإفشاله من قبل السلطات الإيرانية”.

ويتفق رضا الفلاح أستاذ القانون الدولي مع الزهري، على أن منع هؤلاء المسؤولين الأمنيين الإيرانيين شأن سيادي ويشير إلى أن هناك تأزما وتوترا يطغى على العلاقات المغربية الإيرانية. وأوضح رضا الفلاح أن هذا المؤتمر ليس له بعد أمني بالتالي فمشاركة عناصر أمنية ضمن الوفد البرلماني يعتبر خطوة غير ودية من المسؤولين الإيرانيين، باعتبار أن الترتيبات الأمنية شأن الدولة المضيفة لتوفير أمن الوفود الأجنبية.

ولم تعلق الخارجية المغربية على هذه القضية رغم ما أثارته من جدل، إضافة إلى أنها أعادت التوتر المغربي الإيراني إلى الواجهة من جديد.

واعتبر حفيظ الزهري أن قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإيران كان له تأثير كبير على العلاقات بين البلدين خاصة بعد انكشاف تورط السفارة الإيرانية بالجزائر في الوساطة بين حزب الله وجبهة البوليساريو.

وكان المغرب قد قرر قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران في مايو الماضي بعد التفطن لدعم حزب الله، حليف طهران، لجبهة البوليساريو، مشددا على أنه “يمتلك أدلة دامغة وأسماء ووقائع محددة”.

واعتبر ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي حينئذ، أن “إيران ترغب في استخدام دعمها للبوليساريو لتحويل النزاع الإقليمي بين الجزائر والجبهة الانفصالية من جهة، والمغرب من جهة ثانية، إلى وسيلة تمكنها من توسيع هيمنتها في شمال وغرب أفريقيا، وخاصة الدول الواقعة بالساحل الأطلسي”.

ومسؤولية إيران المباشرة قائمة بالنظر إلى احتضانها لحزب الله الذي يعتبر أداة وجهازا عسكريا لزعزعة استقرار مجموعة من الدول العربية، وجهازا أيديولوجيا لنشر التشيع لضمان استمرار التحكم في البوليساريو لزعزعة استقرار المغرب وضرب سيادته وتهديد أمن مواطنيه بشتى الوسائل وكافة الظروف.

Thumbnail

وشدد رضا الفلاح على أن منع دخول هؤلاء الأمنيين إلى التراب المغربي يعكس وجود أزمة ثقة وتواصل بين الطرفين نتيجة العلاقات المقطوعة، لافتا إلى أن حضور الأمنيين ضمن وفد برلماني بإمكانه أن يشكل خطرا على أمن الدولة لان هؤلاء لهم مهام استخباراتية متنوعة لا تقتصر فقط على حماية الوفد، وموقف المغرب يدخل ضمن مهام مراقبة الحدود. وكان المغرب قد أعاد علاقاته الدبلوماسية كاملة مع إيران في العام 2016 بعدما انقطعت سنة 2009، بسبب ما اعتبرته الرباط أنشطة مذهبية للسفارة الإيرانية في المغرب.

واعتبر خبراء في العلاقات الدولية حينئذ أن إرجاع السفراء إجراء دبلوماسي لا يمس جوهر العلاقات الثنائية المطبوعة بالحذر من طرف المغرب. ويرى رضا الفلاح أن المغرب يحكمه هاجسان في علاقته مع إيران هما محاصرة المد الاستخباراتي والأيديولوجي المرتبط بأهداف تصدير الثورة إلى عدة بلدان عربية من بينها المغرب، موضحا أن الأذرع الاستخباراتية والأيديولوجية منتشرة بقوة في المنطقة وتعمل على هذا الصعيد بكافة الوسائل المتوفرة.

وأضاف “أما الهاجس الثاني فهو تدخل الإيرانيين في الشؤون الداخلية للمملكة خصوصا دعمهم للبوليساريو وهذا بحجج وأدلة قدمها الطرف المغربي، عكس المسؤولين الإيرانيين الذين لم يقوموا بأي مبادرة لإبداء حسن النوايا لتذويب جليد هذه الأزمة وإعادة العلاقات الدبلوماسية”.

ويستبعد رضا الفلاح عودة العلاقات إلى طبيعتها في ظل هذه التوترات لكونها مرت بعدة أزمات وترسبات متعددة وما يزيد من حدة هذة المشكلة الدعم الذي تقدمه طهران إلى البوليساريو وأيضا تورطها بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول وخلق الأزمات بالمنطقة العربية.

وما يضيف مزيدا من التشنج أن الوفد البرلماني الإيراني اختار ردا انفعاليا بعدم المشاركة في المؤتمر الإسلامي بالرباط، في وقت اعتبر فيه المحلل السياسي، حفيظ الزهري، قرار عدم حضور الوفد الإيراني البرلماني للدار البيضاء قرارا ذاتيا تتحمل فيه السلطات الإيرانية المسؤولية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: