يعيش الحمار

قال مسؤول الهجرة لـ”الحمار” الذي تسلل إلى عاصمة غربية: نأسف يا عزيزي.. لم توافق السلطات على طلبك الخاص باللجوء السياسي، لأن الشروط لا تنطبق عليك، ونأسف جدا لأنه سيتم ترحيلك إلى حيث أتيت. فانفعل الحمار متسائلا: لماذا يا سيدي وأنتم قلعة الحريات ومنبع الديمقراطيات ومنبر “النهيق والنهيق الآخر”؟

فابتسم المسؤول وأجاب: الحريات لدينا لا تعني “الرفس” كما اعتدتم في بلادكم، والديمقراطيات جاءت بعد “ذيول” طويلة لمخاض عسير وليست ما تفهمونه عندكم عن صندوق المرة الواحدة والأخيرة.. ثم إنك في النهاية مجرد حمار بائس، ولست “نخبويا” معروفا ولا ناشطا سياسيا شهيرا أو مضطهدا بحجة الدين أو العرق، كما أنك لست من دعاة “المثلية” أو تواجه حكما بالإعدام نظير جناية أو خيانة.

فانتفض الحمار: أنا مضطهد باسم “الحمورية” يا سيدي.. دائما ما يتهمونني بالغباء، وأعاني يوميا من “عبودية” العمل وأتعرض للتمييز العنصري دون بقية الحيوانات الأخرى.. حتى عندما أهز ذيلي أو أمارس حق “التظاهر” الطبيعي بالنهيق والرفس، دائما ما أتعرض للضرب المبرح بالهراوات والعصيّ على يد عناصر الأمن التي تخفيها حكوماتنا في زي أصحاب العمل.. ثم تساءل: لماذا لا تساوونني مع أقراني الحمير عندكم؟

أعتقد أن هذا طموح مشروع. هز المسؤول رأسه، وقال بصرامة بعد أن قلَّب بضعة أوراق أمامه: عفوا.. كل مبرراتك غير مقبولة، وطلبك مرفوض تماما، فإضافة لما سبق فأنت حمار “عربي” ذكر ولست “أتانا” يمكن أن نوفر لها اللجوء ونتكفل بها بعد إغرائها وإقناعها بالهرب لتصفية حسابات أخرى لا تفهمها.. هنا نهق الحمار نهقتين متتاليتين أعقبهما برفسة هزت الغرفة وقال: لن أقبل هذا القرار غير “الحيواني” منكم كدولة تقول إنها متحضرة.. أين وسائل الإعلام العالمية؟ وأين الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية ومنظمة “أنيمال رايتس ووتش” لشرح قضيتي العادلة وفضح عنصريتكم وازدواجيتكم؟

ثار المسؤول وضرب المكتب بقبضته، وقال: قررنا إيداعك في غرفة، أقصد “زريبة” خاصة حتى يحين موعد ترحيلك.. وبينما يقتاده الحرس، غافلهم الحمار وصعد المبنى ووقف على السور مهددا بالانتحار إذا لم تنفذ طلباته.

انتشر الخبر، وحضرت وسائل الإعلام وتجمع نشطاء ومعارضون و”ثوار” يهتفون للرفيق المناضل، فيما وصلت سيارات الإسعاف ورجال الإنقاذ، نظر “صاحبنا” للأسفل فصدق أنه أصبح بطلا فانتشى.. وما إن أخذ نفسا عميقا حتى زلَّت قدمه وسقط جثة هامدة. في اليوم التالي، وبينما نعى نشطاء “السبوبة” شهيد الحرية، خرجت الصحف المحلية بخبر متواضع مع صورة عنوانه: عاش حمارا.. ومات أكثر “حمورية”!

كم من حمار ينهق للدفاع و لتوطيد العلاقة مع مموله و كم حمار اصبح مسؤولا و لم يتمكن حتى الان من التخلص من حموريته ….

تعبير مجازي لبعض الاشخاص الذين اتخذوا من الجالية قنطرة للوصول الى مناصب دينية  استغلوها فقط في اغراضهم الشخصية .

لنا عودة ..

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: