خطر يداهم الجالية المغربية اسمه الطلاق

عرفت المحاكم المغربية  في السنوات الأخيرة ارتفاعا قياسيا لنسبة الطلاق لكن الجديد في الأمر هو تسجيل أكثر من 70 بالمئة من حالات الطلاق التي كان سببها فشل العلاقات الجنسية بين الطرفين. ظاهرة الطلاق ليست بالجديدة في سجل المحاكم العربية والدولية، لكن الأمر الذي يلفت الانتباه هو تفشيها الخطير بين الجالية المغربية بسبب عدم التوافق الجنسي الذي أصبح موضة العصر و زواج المصالح لأجل وثائق الإقامة .

باتت منظومة الجالية  أمام أخطار كبيرة تهددها بالانفجار والتفكك، في ظل تفاقم ظاهرة الطلاق والخلع خلال السنوات الأخيرة، لأسباب مازالت محل تضارب بين المختصين والفاعلين الذين أطلقوا أجراس الإنذار لمراجعة الكثير من المسائل المتصلة بسيرورة المجتمع، لإنقاذ أجيال جديدة تتقاذفها التداعيات النفسية والتركيبة الذهنية، ومستقبل رجال المستقبل.

وأكدت تقارير رسمية التفاقم الخطير لظاهرة الطلاق والخلع بين الجالية ، حيث ناهزت الـ 30 ألف حالة خلال عام 2017، منها حوالي 15 ألف حالة خلع، ما يمثل نحو 50 بالمئة من الإحصائيات الإجمالية، ودعت إلى ضرورة مراجعة العديد من المسائل المتصلة بالبناء الاجتماعي والعلاقات الأسرية.

وحذّرت جمعيات مدنية خارج المغرب  من مغبة التغافل عن هذه الظاهرة، بسبب امتداداتها وتداعياتها على تنشئة الأجيال الجديدة، خاصة وأن الطفولة هي المهددة بالنمو في أجواء أسرية غير نموذجية، وتحت ضغوط ومشاحنات تحولها إلى أزمات اجتماعية خطيرة تهدد المجتمع بالانفجار والتفكك.

أبواب القطيعة

و تكمن الأسباب الرئيسية الصادمة التي تقف وراء حالات الطلاق، خاصة الخلع، في عدم التوافق الجنسي بين الزوجين، وما يساهم في ذلك هو حساسية المسألة التي تبقى محل تجاذب خفي بين الطرفين، ولا يمكن لمبادرات الوساطة والتسوية من محيطهما بالاطلاع على السبب الحقيقي للخلاف بينهما. و ان “المشكلة بدأت تطفو على السطح، من خلال إفصاح بعض الأزواج  عن عدم توافق جنسي بين بعض الأزواج، ودخولهم في خلافات عميقة وصلت بالبعض منهم إلى أبواب القطيعة والقضاء.

و باتت المحاكم المختصة في شؤون الأسرة، تستقبل ملفات المشاكل الزوجية بشكل مطرد، وأنه رغم جلسات الصلح والتسوية التي يقيمها القضاة للأزواج، فإن حالات الطلاق والخلع صارت لافتة للانتباه، وتؤشر إلى أزمة حقيقية يتخبط فيها المجتمع في صمت”.

ناهيك ان “العلاقات الأسرية لم تتماش مع التحولات الاجتماعية، فلازالت تفتقد للصراحة والوعي اللازمين بإقامة مشروع الأسرة الجديدة، فنصادف يوميا حالات طلاق أو خلع لزوجين لم تمر إلا أشهر قليلة على حفل زفافهما، والتناغم الذي كان بين الزوجين تحول في ظرف قصير إلى مشاحنات وقطيعة غالبا ما يدفع ثمنها طفل أو أطفال ينشأون في ظروف غير مثالية”.

وصرّحت الصحفية وفاء زيان ، بأن “العلاقات الزوجية في حاجة إلى مراجعات تشريعية واجتماعية، ولا بد على المشرع أن يخضع المقبلين على الزواج إلى اختبارات شخصية ونفسية وذهنية، لتبيّن جدارة كليهما ببناء أسرة جديدة، وذلك لتفادي الانهيار والتفكك اللذين يهددان الجالية المغربية ”.

وسرد إطار متقاعد رفض الكشف عن هويته لـ”اخبارنا الجالية ”، رواية صادمة عن سبب طلاق ابنته الطبيبة بعد أشهر قليلة
من زواجها من طليقها المحامي، “كنت في الأول أجهل أسباب الخلاف بينهما، وكثيرا ما أتفاجأ لمشاحنات تقع بينهما، كونهما راشدين وجامعيين، فهي طبيبة وهو محام”.

وأضاف “في البداية كانت تتمنع عن ذكر أسباب خلافاتهما، وحتى هو نفسه كان يرفض الإدلاء بسبب ما مقنع، وشيئا فشيئا ازدادت شكوكي حول المسألة، ولما زاد إصراري على زوجتي لاطلاعي على الأمر، فاجأتني بحقيقة صادمة، وهو عدم توافق جنسي بينهما، لأنه كان يطلب منها ممارسات ‘شاذة’، وهو ما رفضته البنت وطلبت الطلاق”.

وتابع “رغم أن الحالة استثنائية، إلا أنها أماطت اللثام عن واقع اجتماعي مسكوت عنه، ورغم حقها في طلب الطلاق، إلا أنها لجأت إلى خيار الخلع وتنازلت عن جميع حقوقها المادية والمعنوية، لاستحالة استمرار الحياة الزوجية مع شريكها، وللتملص من أي إكراه قد يفرضه عليها، بعدما فشلت بكل الوسائل في إقناعه بعدم شرعية وصحية طلبه الغريزي لاسيما وأنها طبيبة، وخلصت إلى أنه لا بديل لها سوى الانفصال”.

وانتشرت  حالات الخلع  بشكل رهيب، ويجب على البرلمانيين التقدم  بحزمة اقتراحات وإجراءات للحكومة، من أجل احتواء الظاهرة، بإدراج تدابير جديدة تحد من الأسباب الواهية لاستفحال الخلع”.

فدور القاضي في المحكمة ليس فقط لتطبيق القانون وإصدار أحكام الطلاق والخلع، وإنما يجب أن يتمحور دوره حول إيجاد وسائل لرأب الصدع، وإعادة الأزواج لبعضهم، وهو ما يتطلب تكوينه في جميع النواحي الثقافية والاجتماعية، ليكون على دراية بتكوين المجتمع، والإلمام بمسائل الشريعة، كما أن رغبة القاضي تعتبر عنصرا أساسيا في هذا الأمر”.

وفي المقابل ترى أستاذة الحقوق والعلوم السياسية بجامعة لوفان فاطمة الزهراء مجدي ، أن “الطلاق والخلع هما حق شرعي وقانوني خول للمرأة للخروج من المشاكل الزوجية التي لا حل لها، وأن استفحال الظاهرة يعود إلى تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة في المهجر ، والذي يحدث في الغالب هو التأويل الخاطئ لمدونة الأسرة ”.

السبب الحقيقي

تعتبر المشاكل الجنسية، ممثلة أساسا في اضطرابات الجماع كالعجز الجنسي  أو السادية أو العنف أو الشذوذ أو غيرها، العوامل الأولى والحقيقية وراء ظاهرة الطلاق المبكر وإن وجدت أسباب أخرى إلا أن بعضها غطاء لهذا السبب تحديدا.

وقد طالب باحث شرعي بضرورة تدريس الجنس في المدارس لتلافي المشاكل والأمراض التي تنشأ في العلاقات الحميمية بعد الزواج، مشددا على أن المشاكل الجنسية قد تكون سببا في إنهاء الحياة الزوجية إذا تضرر أحد الطرفين، وأكد في الوقت نفسه على ضرورة التركيز على تطوير الطب الجنسي بإضافة أبحاث متعلقة بسيكولوجية الإنسان العربي، وتطوير المناهج التعليمية لمحو الثقافة السائدة حول العلاقة الحميمية والمفاهيم الخاطئة.

وأوضح منصور بوبكر، أستاذ في علم النفس بالمركز الجامعي لوادي، أن المشاكل المتعلقة بالحياة الجنسية بين الزوجين هي السبب الكامن وراء ظاهرة الطلاق المبكر، وذلك في حال حدوث ما يعرف بصدمة بداية الزواج، حيث يمكن أن يكتشف الزوج شيئا في زوجته أو العكس.

وقد يعتقد البعض أن المرأة يمكن أن تواصل حياتها مع رجل لا يعطيها حقها في الفراش وتفضل ذلك على أن تحمل لقب مطلقة في حين الرجل لا يستطيع الصبر إذا كانت زوجته تعاني برودا جنسيا ولا يتردد في تطليقها وهذا ما نفاه منصور. وأكد أن مشكلة الجهل الجنسي عند الكثير من الرجال تكون سببا في عدم تمكنه من إشباع رغبة زوجته الجنسية.

وقد بينت الدراسات أن العلاقة الجنسية تساهم كثيرا في تجاوز المشاكل بين الزوجين، فهما يستطيعان من خلال تلك المساحة التي تجمعهما في القضاء على المشاكل التي تعتري الحياة الزوجية، إضافة إلى الأمراض الجسدية من ضغط وتوتر نفسي وغيرهما.

وطالب بعض المختصين بضرورة إدراج مسألة القدرة الجنسية للرجال في ملف الفحص الطبي للمقبلين على الزواج لتجنب المشاكل وإيجاد حلول مناسبة، للحد من الخلافات القائمة بين الأزواج، والتي باتت تطفو على السطح مؤخرا أهمها مشاكل الفراش.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: