الجزائر تقر بعجزها عن كبح تبخر الاحتياطات النقدية

عكست أحدث التوقعات حول تسارع تبخر احتياطات الجزائر من العملة الصعبة حجم التحديات أمام الحكومة وخاصة مع محاولاتها اليائسة لاعتماد ميزانية جديدة متوازنة بعض الشيء، والتي يقول اقتصاديون إنها لن تعالج أزمات البلاد المزمنة، في ظل التعويل المفرط على عوائد الطاقة.

أعطى إقرار الحكومة الجزائرية بعجزها عن كبح تبخر احتياطات الدولة النفطية من العملة الصعبة صورة واقعية عن حجم التحديات الاقتصادية، التي تواجهها لمعالجة التوازنات المالية المختلة.

وتوقع وزير المالية، عبدالرحمن راوية، خلال مناقشة ميزانية 2019 في البرلمان الأحد الماضي، هبوطا حادا في احتياطات بلاده من النقد الأجنبي، على خلفية انكماش مواردها المالية.

وقال راوية، “نتوقع أن تتقلص احتياطات الصرف إلى نحو 62 مليار دولار في عام 2019، وإلى 47.8 مليار دولار عام 2020، ثم 33.8 مليار دولار بحلول نهاية 2021”.

وكانت بيانات البنك المركزي قد كشفت في وقت سابق أن احتياطات البلاد من النقد الأجنبي تراجعت إلى نحو 88.1 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، بعدما بلغت 97.3 مليار دولار بنهاية العام الماضي.

99.2 مليار دولار، احتياطات النقد الأجنبي التي فقدتها الجزائر منذ منتصف 2014، كما تشير التقديرات

وفي ضوء هذه المؤشرات المفزعة تكون الجزائر قد فقدت أكثر من 99.2 مليار دولار من احتياطاتها النقدية منذ أن بدأت أزمة تراجع أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية في منتصف عام 2014.

وتكشف توقعات الحكومة الجديدة أن احتياطات الجزائر من العملة الصعبة ستتجاوز الخطوط الحمراء بالفعل، وهو ما يعني أن الدولة، العضو في منظمة أوبك، ستدخل في منعطف خطير من أزماتها الاقتصادية.

وكان رئيس الوزراء أحمد أويحيى، قد طمأن مواطنيه عندما تقلد منصبه قبل أشهر، بأن احتياطي النقد الأجنبي، لن يهبط عن مستوى مئة مليار دولار إلى غاية حلول عام 2020 مع الحفاظ على معدل التضخم عند حوالي 5 بالمئة.

ويقول محللون إن فقدان الجزائر لجزء كبير من الاحتياطي النقدي هو نتيجة طبيعية لفشل السياسات المالية المتبعة من الحكومات المتعاقبة طيلة السنوات الماضية، والتي تسببت في أزمة اقتصادية كبيرة نتيجة الاعتماد المفرط على عوائد صادرات النفط والغاز.

عبدالرحمن راوية: نتوقع هبوطا في احتياطات النقد الأجنبي بسبب انكماش الموارد المالية
عبدالرحمن راوية: نتوقع هبوطا في احتياطات النقد الأجنبي بسبب انكماش الموارد المالية

وتمثل عائدات النفط أكثر من 90 بالمئة من مداخيل الجزائر من النقد الأجنبي، وحوالي 60 بالمئة من الموازنة العامة للبلاد.

وأوضح راوية أن الحكومة مستمرة في جهودها من أجل التخفيف من الآثار السلبية لانكماش الموارد المالية على الاقتصاد المحلي، في سياق يشهد توترات على توازنات البلاد الداخلية والخارجية بفعل تراجع أسعار النفط، مرجحا تراجع صادرات الطاقة بنسبة واحد بالمئة في العام المقبل.

ويستمر هذا التراجع رغم إقدام الحكومة على اقتراض حوالي 5 مليارات دولار من السوق المحلية، إضافة إلى مليار دولار من البنك الأفريقي للتنمية، وطباعة أوراق نقدية بقيمة تقدر بأكثر من 30 مليار دولار لمواجهة أزمة نقص الموارد المالية.

وتشكل مخاطر إفلاس البلاد صداعا مزمنا للحكومة التي باتت في مفترق طرق على اعتبار أن كل الخيارات المتاحة للخروج من نفق الأزمة ستكون مؤلمة، بما فيها خطوة التمويل غير التقليدي، الذي يرى محللون أنه سيفاقم الأزمة وبالتالي تأجيج الاحتجاجات الشعبية.

وتوقع وزير المالية أن يشهد عجز الميزان التجاري تباطؤا تدريجيا لينتقل من 10.4 مليار دولار العام المقبل، إلى 8.2 مليار دولار في عام 2020 ليصل إلى حوالي 6.4 مليار دولار بنهاية عام 2021.

ولا يتضمن مشروع الميزانية أية زيادات ضريبية ويُتوقع نموّ بنحو 2.9 بالمئة العام المقبل، مقابل نمو القطاع غير النفطي بنحو 3.2 بالمئة.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: