أحزاب السلطة تنفّذ انقلابا في البرلمان الجزائري

الخميس 2018/10/25

انتخب نواب البرلمان الجزائري بالإجماع مرشح حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم معاذ بوشارب، رئيسا للهيئة التشريعية الأولى، خلفا للرئيس المخلوع سعيد بوحجة، وسط غياب كلّي للكتل النيابية المعارضة، وهي الخطوة التي تكرّس أزمة سياسية غير مسبوقة في البلاد، في ظل تمسّك بوحجة بمنصبه وشرعيته.

ويعتبر الرئيس الجديد (47 عاما)، من جيل الشباب الذي تدرّج من موظف في إدارة محلية بمحافظة سطيف، إلى نائب برلماني حظي بدعم من عمّه عبدالسلام بوشارب، الذي شغل منصب ضابط سام (جنرال) في المؤسسة العسكرية. ورغم أنه يحسب على تيار الأمين العام السابق عبدالعزيز بلخادم، إلا أنه استطاع التكيّف مع التغييرات التي طرأت على قيادة الحزب منذ العام 2012.

وكانت كلمة الامتنان والشكر التي كالها للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، كرئيس للحزب، ولقائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، باعتباره حامي أمن واستقرار البلاد، في جلسة الانتخاب العلنية المنعقدة نهار أمس، رسالة لإظهار الولاء والوفاء للرجلين، ولاستمرار الخط السياسي القائم، رغم ما يُثار في دوائر مختلفة عن خلاف حادّ بين الرجلين بسبب الانتخابات الرئاسية المنتظرة.

ورغم التسويق المبكّر لسياسة التشبيب في أركان الدولة، التي باشرتها أحزاب الموالاة، قياسا بفارق السن بين الرئيسين بوحجة (80 عاما) ومعاذ بوشارب (47 عاما)، إلا أنّ متابعين يرون بأن الهامش سيكون ضيّقا أمام الرئيس الجديد، بسبب عامل الخبرة والظروف التي جاء فيها، فضلا عن تطويقه من طرف الحرس القديم في الحزب، وعلى رأسهم الأمين العام (82 عاما).

ويعتبر بوشارب الرئيس العاشر للمجلس الشعبي الوطني، منذ استقلال البلاد في 1962، لكن اللافت هو شرعيته المهتزة مسبقا، كونه جاء على خلفية انقلاب سياسي نفذته الأحزاب الموالية، ضد رئيس لا زال متمسكا بمنصبه وبشرعيته، ويصف ما يحدث بـ”الحماقة والجنون”، الذي أساء لصورة وسمعة البلاد في الداخل والخارج.

وحذّر النائب لخضر بن خلاف، في تصريح لـه ، من “أن يكون ما حدث في البرلمان سببا في انفلات الوضع داخل المؤسسات، وتحوّله إلى موضة سياسية تعبث بصورة وصدقية مؤسسات الدولة”، وشدّد على أنّ ما حدث اليوم (أمس الأربعاء)، انقلاب بكامل الأوصاف”.

وتعيش الجزائر على وقع أزمة مؤسسات في السنوات الأخيرة، فعلاوة على ما تصفه المعارضة السياسية بـ”الشغور غير المعلن لمؤسسة الرئاسة” والشلل الذي تعرفه منذ العام 2013 بسبب الوعكة الصحية التي ألمّت بالرئيس بوتفليقة، فإنّ الحكومة تعرف بدورها انفلاتا في ظل غياب الانسجام والتكامل والافتقاد لسلطة تحكيم مركزية.

وينسحب الأمر على المؤسسة العسكرية، التي أثير حولها جدل صاخب بسبب الغموض الذي اكتنف حملة التغييرات العميقة التي طالت عددا كبيرا من الجنرالات والضباط السامين، وانتهت بسجن خمسة منهم بتهم الثراء غير المشروع واستغلال وظيفة سامية.

ويتخوّف متابعون أن يتسبب سيناريو البرلمان، في انفلات سياسي في مختلف مناطق البلاد والمؤسسات المحلية، حيث لا يستبعد أن ينتهج منتخبون آخرون أو مواطنون، أسلوب غلق بوابات المؤسسات وفرض سياسة الأمر الواقع، في ظل عدم جدوى التشريعات والنصوص الضامنة للشرعية المؤسساتية والقانونية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: