المغرب: إزاحة الوزيرة شرفات أفيلال تثير جدلا سياسيا

 أثار بلاغ الديوان الملكي القاضي بحذف كتابة الدولة لدى وزير التجهيز والنقل والماء المكلفة بالماء، نقاشا قانونيا وسياسيا مكثفا حول مآل الوزيرة، شرفات أفيلال وحزبها والحكومة معا. نقاش تمحور حول مستقبل التحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية الذي أثار جدلا منذ عهد رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران بين مناصري هذا التحالف ومناهضيه، وأيضا تمحور حول «سابقة «قانونية أن يتم سحب المقعد بدل إعفاء الجالسة عليه دون أن يأتي في صيغة البلاغ الحديث عن تعديل حكومي جزئي، مما جعل السؤال حول هل لا زالت أفيلال عضوا في الحكومة سؤالا متداولا في تحليل محللين سياسيين ومعنيين من داخل الحزب بالنازلة الجديدة.

بخصوص وضعية أفيلال فهي لم تعف بالطريقة التي ينص عليها الدستور بل جرى حذف القطاع الذي كانت تشرف على تدبيره، وذهبت التحليلات في اتجاه أن الدستور وإن لم ينص على إعفاء الوزير في حالة حذف منصبه لكن الحس السياسي يفيد بأن حذف المقعد يعني منطقيا إعفاء الوزير. وفي نظر عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية فإن «الدستور في الأصل يتحدث عن الإعفاء والاستقالة، ليس هناك وضع إلغاء وزارة أو إدماج وزارة « مضيفا في تصريح  أن «وضع أفيلال يشبه تعديل حكومي جزئي وتلقائيا في التعديل الجزئي الوزراء الذين لم يبق لهم مقاعد فهم لا يبقون وزراء، ولكن تبقى لهم حقوقهم في التقاعد و نهاية الخدمة وفي نفس الوضع للوزير الذي أنهى مدته « مشيرا أن « البلاغ كان ينبغي أن يشير لتعديل حكومي جزئي» و بأنه من ناحية البروتوكول «لا بد من حفل تسليم و تسلم يقام للوزيرة ، ففي غيابه نصبح أمام ليس حالة عادية و يصبح كأن هناك خصومة سياسية مع الوزيرة أو مع حزبها» يقول العلام. مصدر موثوق من داخل حزب التقدم والاشتراكية أفاد أن أفيلال حاليا من الناحية القانونية هي «وزيرة الدولة بدون حقيبة» وهذه «سابقة ووضع قانوني جديد»، غير أن المعنية بالأمر قامت بتسليم سيارة الخدمة ومفاتيح مكتبها للوزارة دون أي حفل، يقول المصدر. الغموض القانوني على هذا «الإعفاء بالتأويل» لا يشوش على وضوح الأمر من الناحية السياسية وهو الأمر المهم في نظر مصدرنا الذي اعتبر أن الطريقة التي تم بها حذف الوزارة بعدم استشارة الأغلبية وأن أمين عام الحزب المعني من خلال أفيلال بهذا الحذف، نبيل بنعبد الله، تلقى الخبر هو أيضا كباقي المتلقين دون أي استشارة، تنم عن رغبة في فك التحالف الذي أزعج كثيرين خلال مرحلة تشكيل الحكومة في عهد بنكيران، حيث وقفت أصوات من داخل السلطة في وجه هذا التحالف بين حزب يساري وإسلامي، مؤكدا أن مضمون القرار يستهدف وضع حد لهذا التحالف المزعج الذي يعد من تركة المرحلة السابقة وأيضا إنهاء البيجيدي بعزله بدءا .
النازلة التي شكلت صدمة للحزب بدأت تثير ردود فعل أصوات تطالب بخروج التقدم و الاشتراكية للمعارضة و هو في نهاية المطاف الهدف المرجو حسب مصدرنا الذي رأى أن بلاغ الديوان الملكي جاء فيه أنه تفاعل مع مقترح رئيس الحكومة وهو الأمر الذي لا يعد مفاجئا بسبب مواقف العثماني سابقا من تدبير التحالف الحكومي في عهد بنكيران حيث كان يؤاخذ على هذا الأخير أنه يعطي للتقدم والاشتراكية أكثر من حجمه، إضافة لحبل الود غير الموصول بين رئيس الحكومة و الحزب اليساري فإن كاتبة الدولة بدون مقعد الآن كانت على خلاف دائما مع وزير التجهيز عبد القادر عمارة عن حزب العدالة و التنمية الذي أفاد مصدر موثوق أن أفيلال كانت تشتكي من عدم منح الأخير لها أي صلاحيات وهو ما دفعها للتشكي مرارا منه لشخصيات نافذة في الحكومة بل إن اجتماعا تم عقده بحضور رئيس الحكومة و عمارة و مصطفى الرميد و أفيلال لتدارس هذا الخلاف وانتهى بالخروج بصيغة تمنح صلاحيات للوزيرة غير أنه لم يتم الوفاء بهذا الوعد حسب مصدرنا واستمر الوضع على ما هو عليه المتسم بالخلاف منذ سنوات. و بعد لقاء بين وزير عن الحزب اليساري ورئيس الحكومة للتباحث حول خلفيات هذا الحذف ، أفاد هذا الأخير بأن الحذف تم بناءا على «تقرير أسود» للمجلس الأعلى للحسابات حول تدبير الوزارة في عهد بن كيران وفي عهد العثماني..وتروج قراءات تغمز بإمكانية أن تتطور الأمور لأكثر من «الإعفاء بالتأويل» في حالة ما استمر رفاق بنعبد الله في إعطائه بعدا أكبر. و يبقى السؤال هو هل سيكون رد الحزب الذي سيجتمع اليوم مكتبه السياسي للتباحث في هذه النازلة بحجم البلاغين السابقين اللذان أصدرهما ردا على بلاغين للديوان الملكي بشأن تصريح لنبيل بنعبد الله و بلاغ ثان يرد على إعفاء وزراء الحزب فيما عرف إعلاميا ب«الزلزال السياسي» عقب تقرير للمجلس الأعلى للحسابات حيث انتصر البلاغان لأطر الحزب و لاستقلالية قراره السياسي ، مصدرنا يرى أن الحديث عن التقرير و التلميح لأمور أخرى هو من باب الهمس في أذن الحزب وهو ما قد يجعل بلاغه قد يكون لا يرقى للبلاغين السابقين .
أصوات من داخل الحزبين (العدالة و التنمية و حزب التقدم والاشتراكية) تعالت بالقول بأن ما يختفي وراء النازلة هو استهداف للحزبين معا، وأن الخلاف مع عمارة هو خلاف قديم ولا يمكن أن يكون وراء قطع شعرة معاوية بين البيجدي والتقدم والاشتراكية وأيضا أن الحديث عن تقارير حالية أو مضت أو أخرى في المستقبل هو من باب سد الطريق على إمكانية استثمار الإعفاء و إعطائه بعدا سياسيا ، معتبرين أن هناك قص على مهل لأجنحة الحزبين لإضعاف الحزب الذي يقود الحكومة و إجبار الثاني على الخروج منها لفسح المجال لحزب آخر.. يتم تهييء دخوله على مهل خاصة بعدما ظهر أن حزب التجمع الوطني للأحرار لم يعد بالإمكان الرهان عليه لكسب رهان الانتخابات المقبلة .

سعيدة كامل

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: