سيادة المغرب على أراضيه أساس المباحثات مع كولر

المبعوث الأممي إلى الصحراء يرعى مفاوضات لإيجاد حل نهائي للنزاع المفتعل.

يشارك وفد مغربي يترأسه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في لقاء مع المبعوث الأممي إلى الصحراء هورست كولر، يهدف للتوصل إلى حل سياسي نهائي للخلاف الإقليمي حول الصحراء المغربية، سيجري الثلاثاء في لشبونة.

ويرى سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي، أن هدف اللقاء هو معرفة رؤية المبعوث الأممي الجديد للتسوية الممكنة لقضية الصحراء وأيضا ليقدم الوفد المغربي تصوره لشروط استئناف المفاوضات خاصة ما يتعلق بالسيادة المغربية على الإقليم والتي ينبغي أن يحترمها أي مقترح جديد لحل القضية.

ويقول الصديقي إنه باستثناء هذا الشرط يمكن أن يترك المغرب الباب واسعا لمقترحات المبعوث الأممي، بما في ذلك البحث عن أرضية جديدة لهذه للمفاوضات.

وأعلنت وزارة الخارجية المغربية، في بيان أصدرته الجمعة، أن وفدا يقوده وزير الخارجية ناصر بوريطة يلتقي الثلاثاء في لشبونة المبعوث الخاص للأمم المتحدة للصحراء المغربية هورست كولر لإجراء “محادثات ثنائية”.

وقالت الوزارة في بيانها إن مشاركة الجانب المغربي في هذا اللقاء “بدعوة من المبعوث الخاص”، تهدف إلى “التوصل إلى حل سياسي نهائي للخلاف الإقليمي حول الصحراء”.

وأشارت الوزارة إلى أن الوفد المغربي “ستوجهه خلال هذا اللقاء الثنائي أسس الموقف الوطني” أي رفض أي حل باستثناء الحكم الذاتي.

وكان الملك محمد السادس قد حدد الأسس التي لا يمكن المساس بها في أي مفاوضات حول قضية الوحدة الترابية للمملكة.

وتتجسد شروط التفاوض التي حددها المغرب في عدم وجود أي حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها.

تبدي الرباط مرونة كبيرة في تعاملها مع المفاوضات التي يجريها المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية هورست كولر، طالما أنه يحترم مبدأ سيادتها على أراضيها. والثلاثاء، سيلتقي وفد مغربي بالمبعوث الأممي في لشبونة في سياق مشاورات تهدف إلى إيجاد تسوية نهائية للنزاع في الصحراء المغربية
كما تشدد الرباط على أهمية الاستفادة من الدروس، التي أبانت عنها التجارب السابقة، بأن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل وإنما في المسار الذي يؤدي إليه. ومن هذا المنطلق يتعين على جميع الأطراف، التي بادرت إلى اختلاق النزاع حول الصحراء المغربية، أن تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل إيجاد حل نهائي له.

ويتمسك المغرب بالالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية.

وإلى جانب ذلك، ترفض الرباط بشكل قاطع أي تجاوز أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب وبمصالحه العليا وأي مقترحات متجاوزة للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من قبل المؤسسات المختصة.

وأفاد الصديقي بأن الظروف الموضوعية الحالية للمنطقة لا تدعو إلى التفاؤل، خاصة مع إصرار جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر على مواقفها التقليدية المتعلقة بالانفصال، إذ يرى أن هذا الأمر “سيجعل مهمة المبعوث الأممي شبه مستحيلة في تسوية للنزاع بشكل كامل”.

وسبق لكولر أن دعا أطراف النزاع إلى عقد اجتماعات منفصلة في العاصمة الألمانية برلين، بعد سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية التي أجراها في أوروبا وأفريقيا.

ويشارك في المحادثات المرتقبة حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، وبحضور عمر هلال الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها شخصيات صحراوية في وفود تفاوض، حيث يرى الصديقي أنه لا توجد أي دلالة لسفرهما مع الوفد إلا إذا شاركا في المفاوضات المباشرة مستقبلا.

ويستبعد الصديقي ذلك باعتبار أن “البوليساريو ترفض هذا بشدة”، مؤكدا أن تواجدهما مع الوفد لن يغير من الترتيبات التي يشتغل عليها كولر حاليا.

ويأتي هذا اللقاء في وقت تلوح فيه بوادر أزمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بعد أن قضت المحكمة الأوروبية باستثناء منتجات الأقاليم الجنوبية من اتفاق الصيد البحري الموقع بين الطرفين.

ورفضت المملكة المغربية هذا الحكم، حيث أكد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني أن المغرب “لا يمكنه أن يقبل ولن يقبل مستقبلا أي مساس بهذه الثوابت الوطنية”.

وأضاف العثماني، في وقت سابق، مؤكدا على أن المغرب “ينطلق من هذه الثوابت في علاقاته الخارجية ويبقى مرنا في مفاوضاته وعلاقات التعاون والشراكات التي تجمعه بدول العالم وهو يعتز بتنوع علاقاته الدولية وتوازنها”.

وتابع أن الرباط ستبقى وفية لشركائها ولن تتردد في المضي قدما في الدفاع عن مصالحها “بناء على هذه الثوابت الوطنية”.

ويقول مراقبون إن رد المغرب على قرار المحكمة الأوروبية ينسحب على المباحثات المرتقبة مع هورست كولر، حيث لا يريد أن تكون قضية ثروات الأقاليم الصحراوية مجال مناقشة سياسية مع المبعوث الأممي، باعتبار أنها “جزء أصيل من سيادته لا يمكن التفريط فيها أو تفويضها لأي جهة”.

وكان كولر قد دعا في 23 يناير الماضي وزراء خارجية المغرب والجزائر وموريتانيا ومسؤولا في البوليساريو إلى برلين لإجراء مباحثات. واستقبل في 25 يناير وفدا من البوليساريو في برلين.

ويرى الصديقي أن المغرب مقتنع بعدم وجود الظروف الملائمة لنجاح أي مبادرة في هذا الوقت، ومع ذلك سيستجيب لأي دعوة إلى مفاوضات جديدة من باب التعبير عن حسن النوايا لا سيما إذا كانت هذه المبادرة تحترم السيادة المغربية على الإقليم.

وتتمسك الرباط بوحدة أراضيها وتقترح الحكم الذاتي تحت سيادتها حلا لتسوية النزاع في إقليم الصحراء المغربية. لكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر ترفض هذا المقترح وتطالب بانفصال الإقليم عن المغرب.

وتم تعيين كولر الرئيس الألماني السابق مبعوثا للصحراء في أغسطس 2017. وقام كولر في أكتوبر الماضي بأولى جولاته في المنطقة ويعمل جاهدا لدفع المباحثات حول هذا النزاع المستمر منذ عقود.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: