رادار ألماني متسامح لرصد التطرف الإسلامي: إرهابيون ولكن ليسوا إرهابيين جدا

تصنيف المتشددين إلى درجات مختلفة عملية غير مجدية، والتركيز على العائدين من سوريا يصرف الأنظار عن الخطر المحلي.

كشفت تقارير إعلامية أن نحو 50 بالمئة من نحو 720 إسلاميا مصنفين في ألمانيا على أنهم خطيرون أمنيا لا يشكلون خطورة إرهابية بالغة على الأرجح. لكن متخصصين في الحركات المتشددة قالوا إن التقرير، المبالغ في “تسامحه”، يرسل إشارات سلبية، ويساعد المجموعات المتشددة على التحرك بحرية أكبر في ضوء المعايير المرنة التي يعتمدها “رادار” لرصد التطرف الإسلامي من قبل السلطات، فضلا عن كونه يغض الطرف عن الخطر الدائم الذي تمثله الشبكات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين.

وذكرت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية، وإذاعتا شمال وغرب ألمانيا، الاثنين، أن ذلك كان نتيجة مفاجئة لدراسة أجرتها هيئات الشرطة التابعة للولايات ومكتب الشرطة الجنائية الاتحادي.

وفي المقابل، صنفت الدراسة النسبة المتبقية على أنها بالغة الخطورة. ويقصد بالخطيرين أمنيا الأفراد الذين لا تستبعد سلطات الأمن بصورة مبدئية إمكانية ارتكابهم جرائم جسيمة مثل هجوم إرهابي.

وطبقت السلطات في هذا التقييم نظاما تحليليا جديدا اسمه “رادار-آي تي إي” أو “رادار التطرف الإسلامي”، والذي طوره مكتب الشرطة الجنائية الألماني الاتحادي وعلماء سويسريون.

ويستند هذا النظام إلى 73 سؤالا جرى البحث عن إجابات عنها حول التنشئة الاجتماعية والموقف من العنف و”عوامل الحماية”، مثل الظروف الأسرية والاندماج الجيد وفرص عمل آمنة.

وأتمت السلطات نهاية الشهر الماضي 205 تقييمات، تم وفقها وضع 96 إسلاميا في فئة “الخطورة المتوسطة”، و27 إسلاميا في فئة “الخطورة الواضحة” و82 إسلاميا في فئة “الخطورة العالية”.

ويعتقد المكتب المحلي للشرطة الجنائية أن “رادار التطرف الإسلامي” وسيلة مناسبة لرصد المتطرفين الخطرين، وأنه سيساعد في تكثيف إجراءات الرقابة التي تقوم بها سلطات التحقيق المثقلة بالأعباء والأجهزة الاستخباراتية، على الأفراد المشمولين بتلك القوائم. وحذر متخصصون في الحركات الإسلامية المتشددة من أن الرادار يعطي فرصة للعناصر المتشددة لزيادة التخفي والتنقل السري والتمويه، وهي خصائص يتقنها المتشددون، وقالوا إنه كان على الجهات المختصة أن تعالج المسألة بطريقة أعمق، فالمتشدد الأقل خطورة هو في الطريق لأن يتحول إلى متشدد خطير، إذ لن يمنعه الرهان على المتابعة الأمنية من ارتكاب الجريمة، خاصة بعد أن أصبح أسلوب “الذئاب المنفردة” أمرا شائعا وسهلا.

وأثبتت التجربة أن المرونة أو التردد في التقييم دائما يعطيان نتائج عكسية مع المتشددين، كما أكدت أيضا أنه من الأجدر التعامل مع الظاهرة ككل وليس مع الأفراد بتكثيف عمليات المراقبة والتتبع.

وصنفت ألمانيا، وفق التقرير، العشرات من النساء والمراهقين كعناصر خطيرة أمنيا يمكنها أن تقوم بأعمال إرهابية، وهو دليل إضافي على أن الفصل بين المتشددين، والتفريق بينهم بحسب درجات تطرفهم عملية غير مجدية.

ومؤخرا حذر رئيس “هيئة حماية الدستور” (الاستخبارات الداخلية) هانس-غيورغ ماسن من الخطر الذي يشكله أطفال ونساء ينتمون إلى أوساط المتطرفين، خاصة من العائدين من مناطق قتال سابقة لتنظيم داعش.

وقال ماسن إنه لم تبدأ بعد موجة عودة كبيرة لجهاديين “ولكن يتم رصد عودة نساء وشباب وأطفال”. وأوضح أن هذا يشير إلى مساعي المقاتلين لتأمين أفراد أسرهم بسبب أحداث الحرب. وأضاف “هناك أطفال خضعوا لغسيل دماغ في مدارس في منطقة التنظيم، ويعتبرون متطرفين إلى حد كبير”.

ونفذ مراهقون ثلاث هجمات إرهابية في ألمانيا العام الماضي، حيث قام مراهق (15 عاما) بطعن أحد أفراد الشرطة الاتحادية في محطة القطار الرئيسية بمدينة هانوفر، كما نفذ مراهقان آخران هجوما في معبد للسيخ في مدينة إيسن، بينما هاجم رابع (17 عاما) ركاب أحد القطارات بسلاح أبيض بالقرب من مدينة فورتسبورغ. وفي سوق لعيد الميلاد (الكريسماس) بمدينة لودفيغسبورغ، تم رصد وإحباط محاولة هجوم خطط لها صبي يبلغ من العمر 12 عاما.

ويقول مراقبون إن تركيز الجهد على تتبع تحركات العائدين من سوريا والعراق قد يصرف الأنظار عن حقيقة أكبر، وهي الشبكات الإسلامية القائمة في أوروبا منذ عقود، وتتزعمها جماعة الإخوان المسلمين. وتقوم هذه الشبكات بعمليات استقطاب واسعة للشباب، ونجحت عمليا في بناء مجتمعات صغيرة منعزلة داخل المجتمع الغربي، وتحصل على تمويل كبير يتم ضخه دون رقابة.

وتعد المساجد والمراكز التي تتحكم بها جماعة الإخوان، والأخرى التي تديرها تركيا، فضاء خصبا لتشجيع أبناء الجالية في ألمانيا على التشدد. ورغم أن السلطات بدأت تعي خطورة هذا النموذج، فإنها تستمر في التغاضي عنه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: