تعديل وزاري سعيا لإنهاء الاحتقان الاجتماعي في المغرب

عيّن  الملك محمد السادس مساء الاثنين، 4 وزراء وكاتب دولة مكلفا بالشؤون الأفريقية، وهي الخطوة التي يرى مراقبون أنها ضرورية لإنهاء حالة الاحتقان الاجتماعي الذي تعيشه مدن مغربية.

يراهن المغاربة على التعديل الوزاري الذي أجراه  الملك محمد السادس، على الحكومة في النهوض بالوضع التنموي، ما من شأنه وضع حد لحالة الاحتقان الاجتماعي الذي تعيشه عدة مدن مغربية.

وعيّن الملك  المغربي أربعة وزراء جددا وكاتب دولة بعد ثلاثة أشهر على سلسلة إقالات مرتبطة بسوء إدارة برنامج تنمية منطقة الريف في شمال البلاد.

وتمت الموافقة على كل من عبدالأحد الفاسي وزيرا لإعداد التراب الوطني والتعمير وسعيد أمزازي وزيرا للتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي وأناس الدكالي وزيرا للصحة ومحسن الجزولي وزيرا منتدبا مكلفا بالتعاون الأفريقي، ومحمد الغراس كاتبا للدولة لدى وزير التربية مكلفا بالتكوين المهني.

ويأتي تعيين الوزراء الجدد مكان وزراء أقيلوا في أكتوبر الماضي بعد صدور تقرير أشار إلى تأخير في تنفيذ برنامج تنمية لمنطقة الحسيمة في منطقة الريف التي شهدت حركة احتجاج لأشهر عدة. وينتمي الوزراء المقالون إلى حزبي الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية.

وأعفى الملك محمد السادس 4 وزراء في حكومة العثماني و14 مسؤولا إداريا، ومنع 5 وزراء في الحكومة السابقة من تقلد أي مسؤولية مستقبلا، وذلك بعد تسلّمه تقرير المجلس الأعلى للحسابات تضمن نتائج تحقيق حول برنامج “الحسيمة منارة المتوسط”، حيث أكد التقرير أن التحريات والتحقيقات أثبتت وجود مجموعة من الاختلالات تم تسجيلها في عهد الحكومة السابقة. وتم تعيين الوزراء الجدد عقب ترو وتمحيص بالغين، وهو ما يعكسه التأخير في سد الشواغر في الحكومة الذي تجاوز ثلاثة أشهر.

تعيين وزراء من نفس الأحزاب التي شملها الإعفاء تعبير واضح عن التشبث بمكونات التحالف الحكومي الحالي في المغرب
ويقول مراقبون إن التعديل الوزاري وما سبقه من إقالة للمسؤولين المقصرين سيساهم في تخفيض حدة الاحتقان التي شهدها إقليم الحسيمة العام الماضي، مشددين على ضرورة إيلاء الوزراء الجدد أهمية بالغة للنهوض بالتنمية في مختلف أقاليم البلاد وتدارك التقصير الذي ساهم فيه الوزراء المقالون.

واندلعت في دجنبر الماضي احتجاجات في إقليم جرادة شرق البلاد، على خلفية وفاة شقيقين في بئر لاستخراج الفحم الحجري، الذي يعد مصدر الدخل الوحيد لسكان الإقليم.

وقال أناس المشيشي، الباحث في العلوم السياسية بجامعـة فاس  إن هناك رهانا سياسيا لدى وزيري التقدم والاشتراكية يتمثل في إثبات الجدارة السياسية في تولي وتدبير القطاعات الاجتماعية (السكن والصحة) ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على أدائهما. وعكس ما كان متوقعا، فقد حافظ التعديل الحكومي على التشكيلة السابقة للائتلاف الحكومي.

وتتكون الحكومة الحالية برئاسة سعدالدين العثماني من 6 أحزاب، وهي حزب الأحرار، والاتحاد الاشتراكي، والاتحاد الدستوري، والتقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية، بالإضافة إلى حزب العدالة والتنمية.

وقال المحلل السياسي حفيظ الزهري، إن تعيين وزراء من نفس الأحزاب التي شملها الإعفاء هو تعبير واضح عن التشبث بمكونات التحالف الحكومي الحالي بعدما راجت أخبار عن تعديل موسع أو تقليص للأحزاب المشاركة في هذا التحالف الذي يعرف العديد من الصراعات الخفية.

ويقول متابعون إن الإبقاء على الهيكلة الحكومية يؤكد أن التعديل مس الأشخاص وليس الأحزاب، ما يعني أن الهيئات السياسية ليست هي المسؤولة عن الاختلالات التي أطاحت بالوزراء.

وكان الملك محمد السادس  انتقد بشدة يوليو الماضي أداء الأحزاب السياسية في بلاده. وقال حينئذ “إن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها واجتماع مكاتبها السياسية ولجانها التنفيذية، أو خلال الحملات الانتخابية، أما عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع المواطنين، وحل مشاكلهم، فلا دور ولا وجود لها، وهذا شيء غير مقبول”.

وتم خلال التعديل الوزاري تفعيل القرار الملكي بإحداث وزارة منتدبة بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي مكلفة بالشؤون الأفريقية.

ويعتبر مراقبون أن تعيين محسن الجزولي رئيس شركة مختصة في الشؤون الاستراتيجية والتجارية بهذه الحقيبة الوزارية يؤكد سعي المغرب لتعزيز علاقاته الاقتصادية مع أفريقيا.

ويرى هؤلاء هذا الاختيار يؤكد أن المغرب تراجع بشكل كبير في رؤيته لأفريقيا من الجانب السياسي إلى الجانب الاقتصادي، وهي إشارة قوية على أن العلاقات المغربية الأفريقية ستعتمد بشكل كبير على المشاريع الاقتصادية والتنموية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: