السنغال على طريق إنهاء الوجود العسكري الفرنسي
سلط تقرير في موقع ‘ساحل انتليجنس’ الذي يتابع أخبار منطقة الساحل، الضوء على مصير الوجود العسكري الفرنسي في السنغال بعد التغييرات السياسية الاخيرة على اثر انتخاب باسيرو ديوماي فاي رئيسا للبلاد وما اذا كانت داكار ستسير على خطى كل من النيجر ومالي وبوركينا فاسو التي وضعت حدا لعقود من التواجد الفرنسي على اراضيها وشكلت تحالفا موازيا لتحالف دول الساحل وأعادت رسم خارطة جيوسياسية جديدة في العلاقة مع القوى الغربية التي كانت صاحبة اليد الطولى تقليديا في منطقة لم تغادر مربع الاضطرابات مع تنامي النزاعات العرقية ونفوذ الجماعات الجهادية فيها.
لم يمضِ على الانتخابات الرئاسية في السنغال أكثر من شهرين حتى لمّح رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو خلال اجتماع مع الطلاب في داكار في شهر مايو الماضي، إلى إمكانية إغلاق القواعد العسكرية الفرنسية في بلاده الواقعة غرب أفريقيا، قائلا “بعد مرور ستين عاما على استقلالنا، يتعين علينا أن نتساءل لماذا لا يزال الجيش الفرنسي يحتفظ بقواعد عسكرية في بلادنا”.
وأضاف “أريد أن أكرر رغبة السنغال في تقرير المصير وهو ما يتعارض مع الوجود طويل الأمد للقواعد العسكرية الأجنبية فيه”، مؤكدا على أن الرغبة في إلغاء وجود القوات الفرنسية وغيرها من القوات الأجنبية لا تقوض معاهدات الدفاع التي وقعتها بلاده مع تلك الدول.
وينتمي كل من سونكو والرئيس فاي الذي تولى منصبه في الثاني من ابريل الماضي، إلى تيار يعتمد على التحرر من التبعية للغرب بشكل عام، ويدعو لإعادة النظر في الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون الاقتصادي والمالي معها.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يطالب بالتخلي عن عملة الفرنك الإفريقي، وسك عملة سنغالية جديدة.
ومع ذلك، فإن مستقبل الوجود الفرنسي في السنغال لا يزال بحاجة إلى توضيح رسمي، بما يتجاوز المناقشات غير الرسمية.
لكن تصريحات الرئيس الجديد وكذلك رئيس وزرائه تشير إلى رغبة قوية في إعادة ترتيب العلاقات مع المستعمر السابق وقد يشمل ذلك الدفع نحو انهاء الهيمنة الفرنسية والوجود العسكري تماما كما فعلت مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
ورسمت الانقلابات العسكرية في الدول الثلاث خارطة طريقة جيوسياسية جديدة مع تشكيل مجالس حكم عسكرية رأت في الوجود الفرنسي عبئا واستغلالا لثروات بلدانها واعتبرت أن المهمة الفرنسية في مكافحة الجماعات الجهادية ساهمت في تنامي نفوذ تلك الجماعات وتمددها.
ويبدو حسب المعلن أن داكار في طريقها لخطوات مماثلة لتلك التي اتخذتها الدول الثلاث والتي أعلنت تعليق مشاركتها وعضويتها في منظمات افريقية مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) وأنشأت تحالفا ثلاثيا يقطع مع تجالف دول الساحل لمكافحة الجماعات المتطرفة ويهدد في الوقت ذاته بتفككه.
وأكد دياو ديالو ممثل الجبهة من أجل ثورة شعبية وإفريقية مناهضة للإمبريالية (فراب)، الذي أعرب عن “معاداة الفرنسيين” أنه “لا يوجد اليوم أي مبرر لوجود القوات العسكرية الفرنسية على أراضينا.”
ويرى مراقبون أن موقف السنغال من الوجود العسكري الفرنسي ليس بالجديد، حيث تكرّر التلويح بإخراج القوات الفرنسية خلال حمالات الدعائية للانتخابات الرئاسية.
وكان الرئيس السنغالي السابق عبدالله واد، قد طرح على اثر انتخابه في (2000-2012)، فكرة السيادة عسكريا وأمنيا وطالب فرنسا بإخلاء قواعدها، معتبرا أن في استمرار الوجود العسكري الفرنسي “عدم الاستقلال”.
واستجابت فرنسا بعد نقاشات دامت لسنوات وفككت عددا من قواعدها عام 2010 وقلصت في عدد قواتها من 1200 إلى 500 جندي.
ويعتقد محللون أن السنغال ستجد نفسها أمام مجموعة من المعطيات والحقائق الثابتة في مصير العلاقة مع فرنسا، فبينما تسعى السلطة إلى الاستقلال السياسي، ستبقى مكبلة بارث ثقيل وبتبعية اقتصادية، حيث أنها تعد الشريك الاقتصادي الأول لباريس وتنشط 250 شركة في السوق السنغالية توفر نحو 30 ألف فرصة عمل.
وتحوز الشركات الفرنسية نسبة 17.5 بالمئة من مجموع الواردات السنغالية، كما وصلت الصادرات الفرنسية إلى دكار عام 2020 إلى حدود 900 مليون دولار، بينما لم تتجاوز صادرات السنغال إلى باريس 75 مليون دولار.