بعد القاعدة، بوليساريو تفتح الباب أمام انضمام الصحروايين لمجموعة فاغنر

ماموني

تحاول جبهة بوليساريو استغلال الأوضاع الصعبة في مخيمات تندوف، بفتح باب تجنيد الشباب وإقحامهم في مجموعات إرهابية مسلحة، حتى تسهم في تحقيق أهدافها في منطقة الساحل الأفريقي.

شرعت جبهة بوليساريو الانفصالية في تجنيد العشرات من الصحراويين للانضمام لمجموعة فاغنر الروسية في أفريقيا، حيث وجدت في مخيمات تندوف فرصة لاستقطاب وتجنيد مرتزقة لمساعدتها في مهامها في عدة مناطق بالساحل الأفريقي، حسب ما كشفه منتدى فورساتين.

وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها استخدام شباب المخيمات كمسلحين مأجورين حيث سبق أن أشارت تقارير غربية إلى انخراط صحراويين في القتال إلى جانب مجموعات متطرفة موالية لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل.

وفي وقت سابق أكدت تقارير دولية أن عناصر من بوليساريو انظموا إلى تنظيم القاعدة للقتال إلى جانبها، حيث وصل مئات المقاتلين من تندوف ومن السودان، في سنة 2012 إلى شمال مالي، الذي يسيطر عليه إسلاميون مسلحون، بغية القتال في حال تم الإقدامُ على إرسال قوة مسلحة أجنبية حينها، كما كشف معهد “هدسون”، وهو مجموعة تفكير أميركية، متعددة الاختصاصات ومتخصصة في القضايا العسكرية والإستراتيجية، التقاء المصالح بين النظام الكوبي وبوليساريو، الذي يدعمه منذ بداية سنوات السبعينات، وتنظيم القاعدة الإرهابي.

وفي 2021، قال مسؤول أمني كبير في المغرب الأربعاء إن أكثر من 100 عنصر من جبهة بوليساريو الانفصالية ينشطون في صفوف تنظيم القاعدة.

وأعلن منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف المعروف اختصارا بـ”فورساتين” أن ميليشيات فاغنر الروسية تقوم بتجنيد الشباب الصحراويين المقيمين في مخيمات تندوف، لافتا إلى أن “حادثة هجوم مرتزقة “فاغنر” قبل أيام قليلة على الأراضي الموريتانية، واقتحام قريتي “دار النعيم”، و”مدالله”، وإطلاق النار، واعتقال أشخاص وإصابة آخرين بجروح، كشف عن مشاركة شباب صحراويين يرتدون زي الميليشيات الروسية.

 

محمد الطيار: هناك تحرك مشبوه ترجمه توسع الإرهاب بقوة وتنظيم

وأضاف المنتدى أنه “بعد حديث بعض الضحايا عن مرافقة ملثمين لمجموعة فاغنر، مهمتهم تسهيل التواصل مع الضحايا، لاحظ بعض الأهالي أن أولئك الملثمين يتحدثون  بالحسانية، غير أنهم ليسوا موريتانيين، وهو الأمر الذي انتشر كالنار في الهشيم، ونقله موريتانيون إلى داخل مخيمات تندوف، لتبدأ جولة من البحث الجماعي عن حقيقة اختفاء عشرات الشباب الصحراويين، وعلاقتهم بالانخراط في مرتزقة فاغنر”.

وأوضح المنتدى أن “الانخراط في مرتزقة فاغنر يخضع لشروط صارمة، منها قطع المجندين علاقتهم مع ماضيهم، والتخلي عن هويتهم الحقيقية، والالتزام بعدم التواصل مع عائلاتهم، كما يمنع الانضمام على المتزوجين والآباء، خوفا من أن تجرهم العاطفة إلى الهرب أو الاتصال بأي شكل من الأشكال مع عائلاتهم، الذي قد يؤثر على عملية التنسيق والتجنيد، التي تشرف عليها جبهة بوليساريو عبر وسطائها من التجار والمهربين”.

وأكد محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، “حالة اليأس وغياب الأمل التي تنتاب عناصر بوليساريو بسبب فشل هذا المشروع الانفصالي مع تردي الوضع الأمني بمخيمات تندوف نتيجة التغلغل الكبير للعصابات المنظمة، هي عوامل تدفع الشباب في تلك المخيمات إلى تبني توجهات متطرفة لاسيما تلك المرتبطة بالجماعات المسلحة المنتشرة في منطقة الساحل”.

وأوضح ، أن ” أجندات انفصاليي بوليساريو باتت تتقاطع مع أجندات الجماعات المسلحة المنتشرة في منطقة الساحل، كما باتت ترعى العديد من الأنشطة غير القانونية في مقدمتها المتاجرة في السلاح ورعاية عصابات الجريمة المنظمة وتهريب البشر والمتاجرة في المخدرات”.

وإلى جانب انضمام عدد من ميليشيات بوليساريو إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم داعش، تحدث المنتدى عن “تجنيد 500 شاب من مخيمات تندوف، يراد نقلهم إلى مناطق مختلفة، ومنهم من سيرحل إلى روسيا للمشاركة في عمليات عسكرية لمدة لا تتجاوز 3 سنوات، يحصل بعدها على الجنسية والمساعدة في الاستقرار، مع واجب شهري يفوق 3000 دولار”.

وقال محمد الطيار الخبير في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، إن “زيارة  الجنرال الروسي سيرغي سورفيكين للجزائر خلال شهر سيبتمبر الماضي، رفقة وفد عسكري روسي رفيع المستوى، والمعروف بقربه من فاغنر وبقائدها الراحل يفغيني بريغوجين، تثير تساؤلات عديدة حول خلفيات ودوافع تواجده في الجزائر والسياقات المفترضة لضم عناصر بوليساريو للمجموعة”.

وأضاف في تصريح له، أنّ “هناك تحركا مشبوها ترجمه توسع الإرهاب بقوة وتنظيم، بعد سحب فرنسا لقواتها العسكرية من مالي، وتصاعد منسوب الصراعات العرقية والقبلية، وتزايد نسبة الضحايا من المدنيين، وتعدد انتهاكات حقوق الإنسان من قبل المجموعات الإرهابية والقبلية، ومن قبل مجموعة فاغنر الروسية”.

الانخراط في مرتزقة فاغنر يخضع لشروط صارمة، منها قطع المجندين علاقتهم مع ماضيهم، والتخلي عن هويتهم الحقيقية

وأوضح الطيار أن “انخراط عناصر بوليساريو في تنظيمات الجماعات الإرهابية بمنطقة الساحل الأفريقي ومجموعة فاغنر، يتجسد في العديد من الحالات، سواء تعلق الأمر بالعدد الكبير من الأسر التي التحق أفرادها بالجماعات الإرهابية أو بأعداد الأرامل الملتحقات اللواتي فقدن أزواجهن”.

وسبق أن حذر الجنرال الأميركي ستيفان تاونسند، المسؤول السابق عن القيادة العسكرية الأميركية لمنطقة أفريقيا، من أن الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة مدعوون لمواجهة انتشار جماعات متطرفة عنيفة، فضلا عن مرتزقة “فاغنر”، في منطقة الساحل التي تشهد تزايد عدم الاستقرار وتصاعدا للتطرف العنيف.

وفي فبراير الماضي نبهت كل من بريطانيا وإسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، مواطنيها في الجزائر، من أعمال عنف وعمليات اختطاف وبالتحديد في تندوف حيث مخيمات المحتجزين تزامنا مع فعاليات “ماراثون الصحراء”، الذي يقام في التراب الجزائري ويمر بمخيمات تندوف.

وفي مايو من العام الماضي شرع القضاء الإسباني في محاكمة صحراوي يلقّب بـ”إسماعيل”، من مخيمات تندوف بتهمة انتمائه لتنظيم داعش الإرهابي، والتعبير عن كراهيته لإسبانيا ونشر دعاية جهادية على الشبكات الاجتماعية يدعو فيها إلى الجهاد، فضلا عن مبايعته للتنظيم الإرهابي، إلى جانب اعتزازه بتواصله مع رئيسها السابق أبو الوليد الصحراوي الذي كان عضوا نشطا سابقا في جبهة بوليساريو، وقتل على يد الجيش الفرنسي في أغسطس 2021.

وثبت أن القياديين بداعش عبدالرحمن الصحراوي وعيسى الصحراوي وعبدالحكيم الصحراوي، كانو ينتمون إلى بوليساريو، ومستقرين بمخيمات تندوف طيلة سنوات قبل أن يتوجهوا نحو الصحراء الكبرى للانضمام إلى المجموعات الإرهابية.

كما أن بوليساريو اعترفت بالهجمات الإرهابية التي تعرضت لها مدينة السمارة بالأقاليم الجنوبية المغربية قبل أيام دون أن تخلف أي خسائر، وأيضا بهجمات إرهابية بالمقدوفات خلال شهري أكتوبر ونوفمبر من سنة 2023، راح ضحيتها شاب من المنطقة.

وارتباطا بانخراطها في أعمال إرهابية إلى جانب اندماجها مع مجموعات خارجة عن القانون، أدرجت الجمعية الكنارية لضحايا الإرهاب، بوليساريو ضمن الجماعات الإرهابية،التي عانت منها إسبانيا، وكشفت أن الجبهة هي ثاني حركة إرهابية تسببت في أكبر عدد من الضحايا في إسبانيا بعد منظمة إيتا الباسكية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: