اهتمام ملكي بتطوير قدرات القوات المسلحة المغربية

يتزايد الاهتمام الملكي بضرورة تطوير إمكانيات القوات المسلحة المغربية، حيث دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى إعادة التفكير في مفاهيم الأمن والدفاع وتطوير قدرات القوات بمختلف مكوناتها، فضلا عن تكييف البرامج والإستراتيجيات مع تعاظم التهديدات.

أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تعليماته لمباشرة تقييم شامل لمناهج التكوين وبرامج التدريب العسكري لكافة الجنود بمختلف مستوياتهم، لملاءمتها مع المتغيرات الدولية الجديدة واعتماد طرق مبتكرة في الميادين العلمية والتكنولوجية والذكاء الاصطناعي.

وأكد العاهل المغربي في “الأمر اليومي”، بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لتأسيسها، على تطوير قدرات القوات المسلحة الملكية وتمكينها من كل الوسائل التقنية الحديثة والتجهيزات الضرورية، من خلال برامج التكوين والتأهيل للعنصر البشري، مع وضع خطط مندمجة تكفل الجاهزية العملياتية الدائمة وتعزيز قدراتها الدفاعية في كل الظروف.

وأضاف الملك محمد السادس أن “العالم اليوم، يعرف توترات مقلقة وتحولات سريعة غير مسبوقة، تتجسد في التقاطبات واختلاف التحالفات وتزايد احتمالات الحرب في مناطق مختلفة عبر العالم، وقد فرضت هذه الظروف حتمية إعادة التفكير في مفاهيم الأمن والدفاع، وضرورة تكييف البرامج والإستراتيجيات مع تعاظم التهديدات والتحديات، مما يستوجب مسايرة هذه الوضعية والتأقلم معها”.

ولفت القائد الأعلى للقوات الملكية المسلحة الملك محمد السادس إلى “الإقبال منقطع النظير لشبابنا تلبية لنداء الوطن في إطار الخدمة العسكرية، التي أسفرت منذ إعادة العمل بها عن نتائج جد إيجابية، يعكس النجاح المستمر لهذه العملية، التي ارتأينا أن نجعلها برنامجا وطنيا مفتوحا وفق منظور جديد في التكوين والتأهيل المهني، يزاوج بين تقوية روح الانتماء للوطن وتحمل المسؤولية وبين فتح أبواب المستقبل والاندماج أمام الشباب المغربي المؤهل بدنيا وعلميا وتقنيا للمساهمة الفعالة في النهضة الاقتصادية والتنموية للبلاد”.

وأمر العاهل المغربي بإنشاء مقر جديد للكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا، كقطب جامعي مندمج، يحتضن كل مدارس التكوين العسكري العالي لضباط القوات البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي، ويضمن تعليما متكاملا طبقا للمناهج والتقنيات الحديثة المتطورة ومنفتحا على الفضاء القاري والدولي.

وعرفت ميزانية الدفاع المغربية زيادة مهمة لعام 2024، حيث ارتفعت إلى 12.4 مليار دولار، مواصلة في تعزيز القوات المسلحة الملكية لترسانتها الدفاعية والهجومية من خلال عملية اقتناء وإصلاح معدات متنوعة، فضلا عن إستراتيجية تعزيز تطوير صناعة الدفاع الوطنية.

 

محمد الطيار: العاهل المغربي أكد على تطوير منظومة التخطيط والقيادة

وتتميز القوات البحرية الملكية المغربية بتوفرها على العديد من الفرق المدعومة بفرقاطات مزودة بأسلحة دفاعية وهجومية، وتنتشر على الواجهتين الأطلسية والمتوسطية للسواحل المغربية، حيث أكدت إدارة التجارة الدولية “ITA” التابعة لوزارة التجارة الأميركية، في تقرير حديث، أن “المغرب يخطط للاستثمار في نظام مراقبة ساحلي متطور، إذ أصبح تأمين السواحل من ضمن الأولويات الرئيسية للمملكة”.

وأكد محمد الطيار، الخبير في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن “التحولات الجيوستراتيجية التي تشهدها الساحة الدولية تقتضي علاوة على اليقظة الدائمة والتكيف المستمر، مقاربة عقلانية، كيفا وكما، من أجل تعزيز القدرات الدفاعية والعملياتية واللوجستية للجيش المغربي، فضلا عن امتلاك الإمكانيات التقنية الحديثة في مختلف المجالات الحساسة والدقيقة والتي تشمل إدارة العمليات ونظم الدفاع والرصد والرقمنة، والتي تتطلب إعداد وتأهيل العنصر البشري لمواكبة التغيرات، وهو ما يفرض بناء إستراتيجية متكاملة تقوم بتحديد المخاطر والتهديدات المحتملة ودرجة خطورتها ورسم الخطط لمواجهتها وسرعة التعافي منها في حالة حدوثها”.

وأضاف في تصريح لـه أن “الملك محمد السادس، وضع الخطوط العريضة لهذه الإستراتيجية الشاملة، حيث أمر السنة الماضية بإنشاء المركز الملكي للدراسات وأبحاث الدفاع التابع للكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا، للمساهمة في تكريس ثقافة المقاربة الإستراتيجية في التعامل مع إشكاليات وتحديات منظومة الدفاع والأمن، وخلق فضاء للكفاءات التحليلية المدنية والعسكرية، كما أكد في عدة مناسبات، على العمل المتواصل على تطوير منظومة التخطيط والقيادة مع تفعيل شبكة واسعة من وسائل الاتصال والمعلوماتية من أجل تنفيذ المهام الأساسية بانضباط واحترافية، وبناء قدرات استشرافية للمستقبل”.

ولفت الطيار إلى أن “الإستراتيجية العسكرية المغربية أصبحت تقوم على قاعدة مؤسساتية صلبة، حيث تم اعتماد مخطط شامل يشمل تجهيز وتطوير القوات المسلحة وفق برامج مندمجة، تقوم أولا على الاهتمام بالعنصر البشري وإعداده وتأهيله لمواكبة التغيرات وتطوير منظومة التخطيط والقيادة، وامتلاك الإمكانيات التقنية الحديثة لدخول مجال التصنيع العسكري من الباب الواسع وتنمية البحث العلمي”، داعيا إلى “ضرورة التنسيق الفعال بين جميع عناصر القوة الوطنية، وبناء إستراتيجية خاصة لتحديد المخاطر والتهديدات المحتملة أو الوشيكة، ودرجة حدتها وترتيب الأولويات، ورسم خطط لمواجهة التهديدات غير التقليدية”.

وتلقى الخدمة العسكرية، التي انتهت عملية الإحصاء الخاصة بها، نهاية أبريل الماضي، إقبالا متزايدا ونوعيا من لدن الشباب، بالنظر إلى المسارات التكوينية التي تتيحها للمستفيدين، وأهدافها المتمثلة في تطوير القدرات المعرفية والمهنية والخضوع لتدريبات بدنية وعسكرية، مع الاستفادة من أجرة وتغطية صحية وتأمين. وأحدثت القوات المسلحة بالمغرب بموجب مرسوم ملكي نشر في الخامس والعشرين من يونيو 1956 بالجريدة الرسمية، وتضم عدة فروع تشمل الجيش والقوات الجوية والبحرية والدرك الملكي إضافة إلى الحرس الملكي والوقاية المدنية.

ومر تطوير الجيش عبر مجموعة من المراحل من تحديث الأسلحة إلى تأهيل وصقل مهارات عناصر القوات المسلحة الملكية بكل تشكيلاتها البرية والجوية والبحرية، بالإضافة إلى الانفتاح على شركاء وحلفاء مثل الولايات المتحدة، وتوقيع اتفاقية شراكة بشأن الأسلحة البيولوجية والكيماوية وكل أشكال الخطر الجديدة. وحصل الجيش المغربي في السنوات الأخيرة على عتاد عسكري جديد ومتطور من الولايات المتحدة وإسرائيل والصين، منها أسلحة الحرب الإلكترونية، وسرب جديد من مقاتلات أف – 16 المزودة بأنظمة تكنولوجية حديثة، وأنظمة الدفاع المتطورة من إسرائيل كمنظومة “باراك ماكس”، والعديد من المسيرات الدفاعية من الجيل الجديد.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: