حركية متزايدة على محور الجزائر- طهران

كشفت الخارجية الإيرانية عن زيارة مرتقبة لرئيس البلاد إبراهيم رئيسي إلى الجزائر، في مسعى إلى تعزيز العلاقات بين البلدين وإحياء محور طهران – الجزائر، بالموازاة مع تنامي الرهانات الإقليمية والدولية.

أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خلال لقائه في نيويورك بنظيره الجزائري أحمد عطاف، أن رئيس بلاده سيزور الجزائر قريبا، الأمر الذي سيعزز زخم العلاقات بين البلدين اللذين تبادلا زيارات مسؤولين كبار خلال الأشهر الأخيرة، ويحيي خط طهران – الجزائر من جديد، لاسيما في ظل توافقهما بشأن عدد من القضايا الإقليمية، خاصة الوضع في الشرق الأوسط والعلاقات مع إسرائيل.

وأعلن وزير الخارجية الإيراني أن الرئيس إبراهيم رئيسي، سيزور الجزائر قريبا، وهي الزيارة المرجح أن تعطي زخما جديدا لمحور طهران – الجزائر، خاصة في ظل التطورات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، كما تفتح الباب أمام فرص جديدة لتعزيز التكامل بين البلدين على مستوى العلاقات الثنائية والقضايا التي يعيشها العالمان الإسلامي والعربي.

وتناول رئيسا دبلوماسية البلدين خلال اللقاء الذي جمعهما في نيويورك، بمناسبة انعقاد جلسة رفيعة المستوى لمجلس الأمن للنظر في القضية الفلسطينية، سبل تعزيز العلاقات الثنائية، لاسيما في أفق الزيارة الرسمية التي سيقوم بها الرئيس الإيراني إلى الجزائر، فضلا عن الأوضاع السائدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتداعيات العدوان على غزة على أمن واستقرار المنطقة برمتها.

وكان وزير الخارجية الجزائري قد التقى بعدد من وزراء الخارجية وممثلي بلدانهم في مجلس الأمن الدولي، على غرار إندونيسيا ولبنان وروسيا والأردن وماليزيا، حيث استعرض معهم مختلف الملفات الثنائية والإقليمية والدولية، كما هو الشأن مع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، الذي بحث معه علاقات التعاون والشراكة التي تجمع بين البلدين، وسبل تعزيز التنسيق بينهما في مجلس الأمن، لاسيما في ما يتعلق بالقضايا التي تندرج في صميم اهتماماتهما وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأوضاع بمنطقة الساحل الصحراوي، بحسب بيان لوزارة الخارجية الجزائرية.

 

حسين أمير عبداللهيان: الدبلوماسية البرلمانية تواصل لعب دورها في تقوية العلاقات بين البلدين

وتعرف العلاقات الجزائرية – الإيرانية زخما لافتا خلال الأشهر الأخيرة، حيث كان المحور محل زيارات متبادلة لمسؤولين كبار في الدولتين، على غرار زيارة رئيس البرلمان الجزائري إبراهيم بوغالي، ووزير الخارجية أحمد عطاف، وانعقاد لجنة الصداقة البرلمانية في طهران، ثم الدعوة التي وجهها الرئيس الإيراني لنظيره الجزائري من أجل زيارة بلاده.

وقبل الإعلان عن الزيارة المرتقبة، كان الرئيس الإيراني قد “وجه دعوة للرئيس عبدالمجيد تبون للقيام بزيارة دولة إلى طهران في أقرب وقت ممكن يناسب برنامج التزاماته وارتباطاته”، بحسب ما أفاد به بيان للخارجية الجزائرية، بمناسبة زيارة الوزير أحمد عطاف، خلال الصائفة الماضية.

وحينها استُقبل رئيس الدبلوماسية الجزائرية من طرف رئيس الجمهورية الإيرانية، كما أجرى مباحثات مطولة مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وتم إبلاغ الرئيس الإيراني رسالة شفوية من الرئيس الجزائري، تندرج في سياق تأكيد ما تم التوافق عليه خلال محادثاتهما الهاتفية، من خطوات عملية لتعزيز العلاقات الجزائرية – الإيرانية، وترحيب الجزائر ودعمها للحركية الإيجابية التي تشهدها العلاقات العربية – الإيرانية.

من جانبه أعرب الرئيس الإيراني عن “إعجابه بالتطور الذي تشهده الجزائر في ظل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة التي يقودها الرئيس عبدالمجيد تبون”، وأكد تطلعه إلى تكثيف التواصل والعمل معه لتجسيد ما يحدوهما من حرص مشترك وطموح متبادل في الارتقاء بالتعاون الاقتصادي بين البلدين إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة.

ويرتبط البلدان منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران نهاية سبعينات القرن الماضي، بعلاقات مميزة، وكانت الجزائر حاضرة في توترات المنطقة، بما فيها الحرب الإيرانية – العراقية، وفقدت في المنطقة وزير خارجيتها الراحل محمد الصديق بن يحيى، الذي كان في مهمة وساطة بين الطرفين.

وباستثناء حقبة مطلع نهاية التسعينات، التي قطعت فيها علاقات البلدين، بسبب اتهامات جزائرية لطهران بالوقوف وراء الإسلاميين المسلحين، وإعادتها لوضعها الطبيعي بمجيء الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، فإن علاقات الطرفين ظلت في مستواها العادي، لاسيما في السنوات الأخيرة، لما ظهر ما يعرف بمحور الجزائر – طهران.

ويتقاسم البلدان عددا من المواقف والتصورات بشأن الوضع في المنطقة، تكرست برفض الجزائر تصنيف حزب الله اللبناني في لائحة الكيانات الإرهابية، ورفضها الانضمام إلى الحلف العربي باليمن، ودعمها للرئيس السوري بشار الأسد، فضلا عن رفض التطبيع مع إسرائيل والانحياز للمقاومة الفلسطينية، ومن جانبها تدعم طهران جبهة بوليساريو الانفصالية.

البلدان يتقاسمان عددا من المواقف تكرست برفض الجزائر تصنيف حزب الله اللبناني في لائحة الكيانات الإرهابية

وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قد صرح خلال زيارة الوفد البرلماني الجزائري إلى طهران مطلع هذا الشهر، بأن “الدبلوماسية البرلمانية تواصل لعب دورها في تقوية العلاقات بين البلدين”، كامتداد للعلاقات بين المؤسسات الرسمية في البلدين.

وأبدى “ارتياحه للديناميكية التي تعرفها العلاقات الثنائية، وللدور الكبير الذي لعبه رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، والبرلمان ككل لدعم القضية الفلسطينية العادلة، وللموقف الثابت لإيران إزاء هذه القضية”.

ومن جهته، أشاد رئيس المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائر – إيران موسى خرفي بـ”المنحى الإيجابي والجدي الذي أخذته هذه العلاقات مؤخرا، لاسيما محادثات رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون مع رئيس الجمهورية الإيرانية إبراهيم رئيسي، على هامش أشغال الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة”.

وأكد المتحدث أن “إيران بلد شقيق وأن الجزائر مستعدة سياسيا وقانونيا، لتطوير وتقوية علاقاتها معها بالشكل الذي يعود بالفائدة على البلدين، خاصة في ظل وجود إرادة للرقي بالتعاون إلى أعلى المستويات، لاسيما في مجالات الزراعة والصحة والطاقة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: