وزير الداخلية الإسباني في الرباط لإعطاء دفعة جديدة للتعاون الثنائي

أجرى وزير الداخلية الإسباني، فيرناندو غراندي مارلاسكا، الجمعة، زيارة إلى العاصمة المغربية الرباط، حيث بحث مع نظيره المغربي، عبدالوافي لفتيت، جملة من الملفات من بينها تعزيز التعاون في مجال مراقبة الهجرة غير النظامية، ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات، إلى جانب بحث سبل تطوير عملية عبور مضيق جبل طارق والدعم في مجال الحماية المدنية.

ووصف مارلاسكا، الذي جرى تعيينه في نوفمبر الماضي، المغرب بالشريك الإستراتيجي الرئيسي لإسبانيا في الشؤون الداخلية، قائلا إنه تم التطرق خلال المباحثات إلى مسألة تنشيط قنوات إعادة المهاجرين في وضع غير نظامي إلى المملكة.

وأشاد المسؤول الإسباني بالدور المغربي في مسألة مكافحة الهجرة غير النظامية. ويظهر الاجتماع الثالث عشر بين المسؤولين، الحالة الممتازة التي بلغتها العلاقات الثنائية والالتزام المشترك بتعزيز التعاون بشكل دائم، مع تأكيد المغرب على جهوده في مواجهة التحدي المشترك بين البلدان والمتمثل في الهجرة غير الشرعية وفي الحرب ضد المافيات التي تتاجر بالبشر.

 

هشام معتضد: مدريد تعترف بالرباط كشريك إستراتيجي في محاربة الهجرة

وبخصوص زيارة وزير الخارجية التي تستهدف إعطاء دفعة أخرى للتعاون بين مدريد والرباط في ملف الهجرة، أكد هشام معتضد الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية، المقيم بكندا، أن إسبانيا تعترف بلا مجاملة بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها المغرب لتدبير هذا الملف المركب والمعقد من أجل كسب رهاناته وضبط مكوناته المتغيرة.

ولفت معتضد، في تصريح لـه،  إلى أن مدريد تقر بالرباط كشريك إستراتيجي في محاربة الهجرة، وقد قدمت آليات عسكرية وأمنية إلى المملكة وجعلت من الرباط المستفيد الأجنبي الرئيسي من الإعانات الإسبانية غير القابلة للاسترداد، مضيفا أن البلدين ملتزمان بخارطة الطريق الجديدة القائمة بينهما لمعالجة المواضيع ذات الاهتمام المشترك، بروح من الثقة والتعاون الثنائي متعدد الأوجه.

وأصبح المغرب يتدخل في عرض البحر للحيلولة دون وصول زوارق تحمل المئات من المهاجرين غير النظاميين إلى جزر الكاري، وذلك في إطار الدعم الذي يقدمه لسلطات الإقليم الإسباني الذي يعاني من تدفقات قياسية للمهاجرين غير النظاميين، أدت إلى إدخاله في أزمة لم يعد قادرا على السيطرة عليها أو ضبطها.

وكان آخر لقاء بين الوزيرين المغربي والإسباني في الثاني من فبراير الماضي في الرباط في إطار الاجتماع عالي المستوى “ران”، حيث أثار مارلاسكا الحاجة إلى إعادة تفعيل سُبل مواجهة الهجرة غير النظامية للعودة إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا.

وكشفت معطيات رسمية أن 56.852 مهاجرًا حاولوا الوصول إلى إسبانيا بشكل غير نظامي عبر البحر والبر في عام 2023، 70 بالمئة منهم (حوالي 40.000) قد وصلوا إلى السواحل الكنارية.

وأكدت منظمة “كامينادو فروانتيراس” غير الحكومية الإسبانية، أوائل يناير الجاري أن ما لا يقل عن 6618 مهاجرا لقوا حتفهم أو فقدوا عام 2023 أثناء محاولتهم الوصول إلى إسبانيا، أي بمعدل 18 شخصا في اليوم.

ورافق مارلاسكا، مسؤولين إسبان، أبرزهم المديرة العامة للعلاقات الدولية والهجرة، إيلينا جارزون، والمفوض العام للهجرة والحدود، جوليان أفيلا، ورئيس قيادة الشرطة الحدودية والبحرية، الفريق خوان لويس بيريز، اعتبارا للتعاون بين الرباط ومدريد لتجنب وصول المهاجرين غير النظاميين إلى إسبانيا.

وحسب بيان الداخلية الإسبانية، فإن النموذج الإسباني المغربي للتعاون الوقائي الثنائي يشكل، في رأي مارلاسكا، “المثال الأكثر صلة وتطورا للتعاون العملي المعروف بين أوروبا وأفريقيا، ونموذجا رئيسيا في وقت يتزايد فيه ضغط الهجرة على الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي وفي المغرب”.

مدريد تقر بالرباط كشريك إستراتيجي في محاربة الهجرة، وقد قدمت آليات عسكرية وأمنية إلى المملكة وجعلت من الرباط المستفيد الأجنبي الرئيسي من الإعانات الإسبانية غير القابلة للاسترداد

ويعتبر التعاون الأمني بين البلدين ضروريا لمنع الوافدين غير الشرعيين إلى إسبانيا، حيث أكد مارلاسكا على انخفاض بنسبة تزيد عن 41 في المئة في أعداد الوافدين غير الشرعيين إلى سبتة ومليلية، وهو ما يظهر “الجهد المبذول” في مراقبة المحيط الخارجي لجزر الكناري وسبتة ومليلية.

من جانبه، تحدث وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت عن ” التحسينات التكنولوجية التي يتم إجراؤها في المدينتين المحتلتين، والتي تساهم في تعزيز سيولة المعابر الحدودية”، وفق الإعلام الإسباني.

وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، أشار الوزيران إلى أن “النشاط المشترك في مسائل مكافحة الإرهاب خلال عام 2023 شهد وقاية مهمة من كلا البلدين، بدعم وتعاون دوليين”.

وفي إطار التعاون الأمني والاستخباراتي تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قبل أسبوع في عملية أمنية مشتركة مع المفوضية العامة للاستعلامات الإسبانية، من تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم داعش، تتكون من ثلاثة عناصر ينشطون في كل من إسبانيا والمغرب، وذلك بشكل متزامن مع إلقاء السلطات الإسبانية القبض على عضوين آخرين ينشطان في إطار نفس الخلية الإرهابية بألميريا.

وتندرج العملية الأمنية المشتركة في إطار التنسيق الأمني المتواصل والمتميز بين المصالح الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية، حرصا على تحييد جميع المخاطر والتهديدات الإرهابية المحدقة بالبلدين، وسعيا كذلك لتعزيز التعاون الثنائي لفك الارتباطات القائمة بين الخلايا الإرهابية التي تنشط بين البلدين.

وينسحب هذا التوجه على الجهود المغربية لمكافحة شبكات تهريب البشر ضمن البعد الأمني والتنسيق الإستخباراتي، ويقول معتضد في تصريحه له، إن التنسيق والتعاون الإيجابي والبناء مع الإسبان يؤطر عمل المملكة الدبلوماسي وسياستها الخارجية، وسيخدم التنسيق الثنائي في القضايا المتعلقة بمكافحة تهديدات شبكات الجريمة المنظمة التي تنشط في تهريب الأفارقة القادمين من دول الساحل والصحراء وغيرها بمنطقة غرب البحر الأبيض المتوسط.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: