السياحة المغربية تستقبل 2024 بعد عام مليء بالمكاسب

يعم التفاؤل الأوساط السياحية المغربية بأن 2024 سيكون سنة انطلاقة جديدة لهذا القطاع الحيوي والمهم في النشاط الاقتصادي للبلاد بعد تحقيق مكاسب كبيرة خلال العام الحالي رغم بعض التحديات التي كانت من أبرزها تكاليف النقل وزلزال الحوز.

تؤكد الدلائل أن السياحة في المغرب شهدت خلال 2023 ديناميكية قوية عكستها مختلف الإنجازات الإيجابية المسجلة، مما يؤشر على آفاق واعدة في المستقبل مع وجود خطط لتحفيزها بشكل أكبر حتى تكون إحدى قاطرات النمو الفعالة.

ورغم التداعيات الكارثية التي خلفها زلزال الحوز مطلع سبتمبر الماضي، إلا أن السياحة اكتسبت زخما جديدا مكنها من تجاوز مختلف التحديات والحفاظ على وتيرة نمو ثابتة على مدار العام.

وتتجلى هذه الديناميكية القوية عبر الارتفاع الكبير في عدد السياح الوافدين، والذي بلغ 13.2 مليون سائح خلال أحد عشر شهرا فقط، مسجلا بذلك رقما قياسيا يفوق الرقم المسجل سنة 2019 بأكملها والبالغ 12.9 مليون زائر.

ويمثل عدد السياح الذين زاروا البلاد خلال الفترة الفاصلة بين يناير ونوفمبر الماضيين زيادة بنحو 36 في المئة على أساس سنوي.

 

إيمان الرميلي: آفاق القطاع واعدة جدا لما يزخر به بلدنا من مؤهلات

وخلال شهر نوفمبر لوحده بلغ العدد حوالي مليون سائح بزيادة قدرها 9 في المئة بمقارنة سنوية، وفقا للأرقام الرسمية التي نشرتها وزارة السياحة مؤخرا.

وفي العام الماضي استقبلت السوق السياحية المغربية قرابة 11 مليون سائح مع تعافي القطاع بعد تداعيات الأزمة الصحية. ويُتوقع أن يتجاوز العدد للعام الحالي نحو 14 مليون سائح.

وتقول وزارة السياحة إن هذه المؤشرات تدل على فاعلية المبادرات التي تقوم بها الحكومة على مستوى الترويج والنقل الجوي، وكذلك الجاذبية المتزايدة للمغرب باعتباره إحدى الوجهات السياحية المفضلة.

وتعد السياحة من القطاعات الرئيسية إلى جانب الصادرات والزراعة والاستثمار، وتقوم بدور في زيادة حصيلة العملات الأجنبية لدى البنك المركزي.

وكانت السياحة من أكثر المجالات التي تضررت في البلاد بسبب الأزمة الصحية العالمية، حيث قدمت الحكومة دعما ماديا أكثر من مرة للعاملين في القطاع.

وأكدت رئيسة الفيدرالية الوطنية للمطاعم السياحية إيمان الرميلي أن “آفاق السياحة بالمغرب واعدة جدا”، كون بلدها يزخر بمؤهلات عديدة، ولاسيما “تراثه التاريخي الغني وثقافته المتنوعة ومطبخه ومناخه اللطيف ومواقعه المتنوعة”.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى الرميلي، وهي نائب رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة، قولها إن المغرب “قام باستثمارات كبرى بهدف تطوير البنية التحتية السياحية، من خلال إقامة فنادق عالية الجودة وتحسين مستوى الخدمات المقدمة”.

وفي ما يتعلق بتداعيات الزلزال على السياحة، أوضحت أن القطاع كان في مأمن نسبيا من آثار الزلزال، مضيفة أن بلدها، بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، “أثبت للعالم أجمع قدرته على الصمود وتضامنه”.

وكانت الحكومة قد اعتمدت في مارس الماضي خارطة طريق جديدة للقطاع للسنوات الأربع المقبلة بميزانية تناهز 6.1 مليار درهم (580 مليون دولار) لرفع عدد السياح الأجانب إلى 17.5 مليون سائح بحلول عام 2026.

ومن المتوقع أن تحقق الخطة إذا سارت على النحو المطلوب دون منغصات قفزة في إيرادات السياحة السنوية إلى 11.5 مليار دولار من خلال رفع سعة النقل الجوي، وتعزيز الترويج والتسويق، وزيادة المعروض من الفنادق.

وشددت الرميلي على أهمية مواصلة العمل لزيادة الطاقة الاستيعابية للفنادق، والانخراط في الرقمنة وتعزيز القدرة التنافسية للوجهة المغربية بغية ضمان استمرار نمو هذا القطاع الاقتصادي الهام.

وعلاوة على ذلك، انخرط المغرب في تعزيز السياحة المستدامة والمسؤولة بيئيا، وهو ما يعد مصدر جذب للمزيد من السياح الواعين بأهمية البعد المنسجم مع المناخ.

وأوضحت الرميلي أن المبادرات الرامية إلى توسيع العرض السياحي، لاسيما البيئية والثقافية وفن الطهي والمغامرات، سوف تساهم بدورها في استقطاب زبائن من فئات متنوعة.

وقالت “نحن في عصر السياحة المسؤولة بيئيا، ووفقا لهذه المعايير، سنمضي قدما في إعادة البناء، مما سيساهم بصورة أكبر في تنمية القطاع”.

وسيترافق هذا المجهود مع العمل على تحسين وتعزيز الربط الجوي والذي ترى الرميلي أنه “يعد عاملا إيجابيا آخر يخدم السياحة”.

وفعليا، ثمة برنامج طموح لجعل الخطوط الملكية المغربية أكثر تنافسية من خلال دعم الأسطول بنحو 150 طائرة حتى العام 2037 مع تدشين مسارات متوسطة وطويلة المدى في أربع قارات لتعزيز شبكة رحلاتها لتبلغ 143 وجهة.

14 مليون وافد أجنبي تتوقع الحكومة قدومهم إلى الوجهة المغربية خلال العام الحالي

وهذا الزخم سيكون مدعوما بدخول رايان أير، أكبر شركة طيران أوروبية منخفضة الكلفة، إلى السوق المغربية المحلية لتنافس شركة الطيران الحكومية التي تتقاسم حصص الرحلات الداخلية مع العربية للطيران الإماراتية.

وفي وقت سابق هذا الشهر، أعلنت رايان أير أنها ستستثمر قرابة 1.4 مليار دولار لتطوير برنامج رحلاتها الدولية والداخلية بالمغرب خلال العام المقبل.

وستطلق شركة الطيران الاقتصادي برنامجا “غير مسبوق” لصيف عام 2024، يشمل توفير 1100 رحلة أسبوعية على 175 خطا، منها 35 خطا جديدا، موزّعة على 24 خطا دوليا و11 خطا داخليا، بما يجعل المغرب أكبر سوق للناقلة خارج أوروبا.

وكانت وزارة السياحة المغربية قد أعلنت قبل ذلك أن شرطة الطيران الأيرلندية ستسيّر رحلات داخلية لأول مرة على 11 خطا لربط تسع مدن.

ويطمح المغرب لجعل مدينة الدار البيضاء مركزا حديثا يتمتع بقدرة استيعابية كبيرة، مع سوق ضخمة، خاصة مع حصول البلد على حق تنظيم مونديال 2030 مع كل من إسبانيا والبرتغال.

ويقول خبراء في صناعة الطيران إن الخطوط المغربية تسعى من خلال خططها المستقبلية إلى أن تكون نقطة الوصل الرئيسية بين أوروبا ودول غرب أفريقيا، لاسيما وأنه لا توجد شركات طيران ناجحة في شمال أفريقيا.

وأكدوا أن البلاد بفضل الإصلاحات المستمرة ودعم المانحين والشركاء التقليديين تمتلك فرصة كبيرة لأنها على عكس دبي والمنامة والدوحة ومسقط، التي تتنافس على أن تكون نقطة العبور لشرق آسيا.

ويراهن المغرب بقوة على أن يكون وجهة عالمية لسياحة الأعمال في السنوات المقبلة بفضل ما يتمتع به من استقرار أمني واجتماعي، وهو ما يعزز نشاط السياحة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: