منتدى التعاون العربي – الروسي يدعم الشراكة المتنوعة للمغرب

ماموني

احتضنت مدينة مراكش المغربية الأربعاء منتدى التعاون العربي – الروسي في دورته السادسة، على مستوى وزراء الخارجية، بحضور الوزير سيرجي لافروف، وسط تأكيد مغربي على ضرورة دعم الشراكة الإستراتيجية بين الطرفين بشكل متوازن والمساهمة في أمن المنطقة واستقرارها.

انطلقت الأربعاء أشغال الدورة السادسة لمنتدى التعاون العربي – الروسي، بمراكش المغربية، بحضور وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، والوفود الوزارية للدول العربية المشاركة، حيث تبحث هذه النسخة قضايا التعاون بين روسيا والعالم العربي، ويسعى المغرب من خلالها إلى تعزيز خياراته الخارجية بتنويع شركائه الإستراتيجيين الدوليين بمن فيهم روسيا.

ودعا وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى رسم خارطة طريق لشراكة ناجحة وفاعلة تقوم على الانفتاح والحوار الإستراتيجي ومراعاة المصالح المشتركة للدول الأعضاء، مشدّدا على أنه بات من الضروري “تجاوز منطق الحوار الدبلوماسي الكلاسيكي، نحو أنماط تعاون مبتكرة وملموسة، تقوم المشاريع ذات المنفعة المشتركة”.

وأكد بوريطة في كلمة له خلال ترؤسه أشغال الدورة السادسة لمنتدى الحوار العربي – الروسي، “إننا نصبو إلى الرقي بهذا المنتدى إلى مستوى حوار إستراتيجي عربي – روسي فعلي وفاعل، يكون فضاء حقيقيا للتنسيق، ولشراكة بنّاءة وعملية ومثمرة، تخدم بشكل متوازن مصالح الطرفين وتساهم في أمن واستقرار منطقتنا العربية، وتوازن بين الحرص على المصالح السياسية والاقتصادية من جهة وواقع الشركاء وإمكاناتهم وتطلعاتهم من جهة أخرى.

 

محمد الطيار: اختيار مراكش يعكس أهمية مكانة المغرب في التوازنات الدولية
محمد الطيار: اختيار مراكش يعكس أهمية مكانة المغرب في التوازنات الدولية

 

من جهته أكد وزير الخارجية الروسي أن “هذا الاجتماع ينعقد في سياق تفاقم غير مسبوق للوضع في الشرق الأوسط، وفي سياق الاضطرابات المستمرة في العالم ككل”.

وأضاف “لا شك في أن الطبيعة المعقدة والمتكاملة للتحديات والتهديدات الناشئة تجعل من الضروري بشكل متزايد اتباع نهج جماعي لحل المشاكل لتعزيز السلام والأمن في المنطقة وضمان تطورها المستدام”.

وأكد لافروف أن “روسيا تواصل بذل الجهود لنقل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي إلى القناة الدبلوماسية، بالتنسيق مع شركائنا، وخاصة العرب، نواصل بذل الجهود من أجل استقرار الوضع على المدى الطويل ونقل العمل لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي إلى المستوى السياسي والدبلوماسي، حيث يتطابق موقف روسيا المبدئي مع موقف الدول العربية التي أكدت التزامها بحل الأزمة على أساس الإطار القانوني الدولي المعترف”.

واختير المغرب لاحتضان هذه النسخة من المنتدى خلال الدورة الماضية التي انعقدت في أبريل بالعاصمة الروسية موسكو عام 2019.

ويعد منتدى التعاون العربي – الروسي اجتماعا ذا طابع إقليمي الذي ينعقد على مستوى وزراء الخارجية، وفقا لمذكرة التفاهم التي وقعتها جامعة الدول العربية وروسيا سنة 2009.

وبطلب من الجامعة العربية يحتضن المغرب، الذي يرأس حاليا المجلس الوزاري للجامعة العربية، هذا المنتدى.

وقال محمد الطيار خبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية أن “تنظيم المنتدى العربي – الروسي بمدينة مراكش يأتي في ظرفية دولية تشهد ارتفاع حدة الصراعات والمواجهات، وتصاعد مستوى التجاذبات السياسية الدولية والمواقف الدبلوماسية المتوازنة للمغرب من المتغيرات والتوترات القائمة في عدد من البلدان من أفريقيا إلى الشرق الأوسط، والحرب الروسية – الأوكرانية، تترجم إدراك المملكة لموازين القوى ولمعطيات السياسة الدولية وانخراطها الواسع والمسؤول في شراكة واسعة ومتنوعة تدعم دبلوماسية المساعي الحميدة والوساطة الدولية لحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية.

وأكد أن “اختيار مراكش يعكس المكانة التي يحظى بها المغرب في التوازنات الدولية ودوره المركزي في القارة الأفريقية وفي الجامعة العربية، فضلا عن كون دبلوماسيته العريقة تدعم بشكل ملحوظ أدواره المتعددة وتدعم انخراطه المسؤول في الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل الأطراف، وتبادل المصالح دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مما يجعله يحقق مجمل الأهداف الإستراتيجية والمصالح الحيوية وفق رؤية إستراتيجية متكاملة”.

ويرى الطيار أن “اختيار روسيا عقد لقائها بالدول العربية في المغرب يوضح من جهة عمق العلاقات المغربية – الروسية وحرص الدولتين على تطويرها، ويؤكد صواب موقف المغرب من الحرب الروسية – الأوكرانية، ويكشف دور المغرب كمركز سياسي يمارس سيادته الدبلوماسية بقوة واستقلالية”.

وأعرب بوريطة عن تطلعه إلى تفكير جماعي لرسم خارطة طريق لشراكة ناجحة وفاعلة تأخذ بعين الاعتبار الإطار المنظم للتعاون بين الجانبين، بهدف الانتقال به من نمط التداول السياسي التقليدي إلى مرحلة الحوار الإستراتيجي، وفق رؤية استشرافية مع مراعاة التطورات على المستويين العالمي والإقليمي، وكذلك المصالح المشتركة للطرفين.

وعلى المستوى الثنائي تجمع المغرب وروسيا مشاريع كبرى وتنسيق في قضايا مختلفة، كما أن تعزيز هذه المشاريع وتقويتها تشكّل مدخلا مهما لتعزيز الشراكة الثنائية.

ويقول بوريطة أنه إذا كانت المملكة المغربية تحتل المرتبة الثالثة ضمن قائمة أهم خمسة شركاء تجاريين لروسيا في القارة الأفريقية، فإن هذه المرتبة تبقى “دون طموحنا ورغبتنا في الارتقاء بهذه الشراكة الإستراتيجية إلى مستويات أعلى وآفاق أرحب”، مشددا على أن “انخراط المملكة في تقوية المنتدى العربي – الروسي والمضي به قدما على جميع الأصعدة، تعبير عن رغبتها في تطوير العلاقات متعددة الأبعاد التي تربطها بروسيا الاتحادية”.

وتشكل القضية الفلسطينية ركيزة هامة في السياسة الخارجية المغربية وتبحث مع شركائها عن حل عملي لوقف الحرب في غزة، والأزمة المؤسساتية الليبية باكتمال فصول العملية السياسية في هذا البلد في أقرب الآجال بواسطة الليبيين أنفسهم، بعيدا عن التأثيرات والتدخلات الخارجية.

كما أكد بوريطة “إننا نرى في روسيا شريكا قادرا على لعب دور بناء في حل هذه القضايا، وفقا لمبادئ التضامن الفاعل والتأثير الإيجابي”.

ويشارك في الاجتماع عدد من وزراء خارجية الدول العربية، منها مصر والبحرين وفلسطين والسودان واليمن، فيما نقلت وسائل إعلام مغربية عن مصدر دبلوماسي مغربي قوله إن “الوفد الجزائري لن يشارك في اجتماع منتدى التعاون العربي – الروسي”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: