المغرب يعمل على تنويع تمويل برنامج الحماية الاجتماعية رغم التحديات

ماموني

كشف رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش عن نجاح حكومته، في ظرف وجيز، في تنفيذ ‏مجموعة ‏من البرامج الاجتماعية ‏الكبرى، على غرار تعميم التغطية الصحية والدعم ‏‏الاجتماعي ‏المباشر ودعم السكن، مشيرا إلى أن الحكومة ستصرف أولى دفعات الدعم خلال ‏الشهر الجاري بعدما تمكنت من تعميم ورش التغطية الصحية. وجاءت تصريحات أخنوش خلال الجولة التاسعة من المنتديات الجهوية للفيدرالية الوطنية للمنتخبين التجمعيين بجهة مراكش – آسفي.

وتعترض الحكومة بعض التحديات المرتبطة بتمويل برنامج الحماية الاجتماعية، وبالأخص في شقه المتعلق بتوازن أنظمة التأمين الصحي، والمرتبطة أساسا بضرورة التحكم في النفقات، إذ يتضح من خلال المؤشرات المرتبطة بالتوازنات المالية لمختلف هذه الأنظمة أن نفقاتها تتطور بوتيرة أسرع مقارنة مع مواردها، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا على الاستدامة المالية لأنظمة التأمين الإجباري الأساسي على المرض.

وأكد الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع أن الحكومة تمكنت من وضع هندسة مالية عميقة ومضنية لهيكلة تمويل برنامج الحماية الاجتماعية، لا تراعي القدرة على التمويل فحسب بل تراعي أيضا تحقيق العدالة والتوازن المجتمعي، مردفا أنه حبذا لو كان مجرد إعادة توزيع الاعتمادات ممكنا في هذه الحالة، لربما كانت الحماية الاجتماعية قد تم إنجازها منذ زمن بعيد، لكن الأمور أعقد من ذلك بكثير.

 

رشيد ساري: هناك إرادة فعلية لاعتماد نظام ضريبي منتظم وقار

وحدد قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية الصادر في أبريل سنة 2021 آليتين للتمويل، الأولى قائمة على الاشتراك بالنسبة إلى الأشخاص القادرين على المساهمة في تمويل الحماية الاجتماعية، والثانية قائمة على التضامن لفائدة الأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، وتعمل الحكومة على ابتداع آليات التمويل وفقا لما حدده القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية.

وارتباطا بدعم برنامج الحماية الاجتماعية أكد القيادي محمد القباج، المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار بجهة مراكش – آسفي، أن الحكومة تُباشر تنزيل توجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس الرامية إلى تكريس دعائم الدولة الاجتماعية، وجهودها على صعيد هيكلة النظاميْن الصحي والتعليمي، لافتا إلى أن استدامة التمويل مرتبطة بالتنمية المحلية لفائدة المواطنين والعناية بالمستثمرين المحليين والاهتمام بهم من أجل إحداث وتنزيل التنمية الترابية.

وكشف لقجع عن معطيات جديدة بخصوص مصادر تمويل “دعم الفقراء” الذي تصل كلفته السنوية إلى 25 مليار درهم (2.4 مليار دولار)، مسجلا أن تمويل برنامج الحماية الاجتماعية في إطار الآلية القائمة على التضامن يتطلب تمويلا سنويا يناهز 35 مليار درهم (3.4 مليار دولار) في العام 2024، ليبلغ 40 مليار درهم (3.9 مليار دولار) سنة 2026.

من جهة أخرى تعمل الحكومة على إيجاد الحلول لمجموعة من التحديات المرتبطة بتنفيذ إصلاحات النظام الصحي في الجانب المتعلق بتوازن أنظمة التأمين الصحي وكذلك التحكم في نفقات هذه المنظومة. واعتبر الوزير المكلف بالميزانية أنه من خلال المؤشرات المرتبطة بالتوازنات المالية لمختلف أنظمة الحماية الاجتماعية، يتضح أن نفقاتها تتطور بوتيرة أسرع مقارنة مع مواردها، وهو ما قد يؤثر سلبا على الاستدامة المالية لأنظمة التأمين الإجباري الأساسي على المرض.

لذلك أصبح من الضروري وأكثر من أي وقت مضى التفكير ضمن إطار شمولي ومتكامل ووفقا لمقاربة تشاركية في إعداد نموذج مندمج يمكّن من التوفيق بين متطلبات الولوج إلى خدمات ذات جودة عالية وبين إكراهات الديمومة المالية لهذه الأنظمة. وأوصى المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي وزارة الصحة ووزارة الاقتصاد والمالية بمراجعة مقاييس تمويل منظومة التغطية الصحية الأساسية والتفكير في الآليات الكفيلة بتنويع موارد وطرق تمويلها.

وترى بعض أحزاب المعارضة أن تنفيذ برنامج الحماية الاجتماعية يشترط مواصلة إصلاح صندوق المقاصة (صندوق الدعم الاجتماعي) ورفع الدعم عن باقي المواد، وذلك نظرا للإكراهات والتحديات التي تواجه التوازن المالي للمشروع، من أجل ضمان الحصول على موارد مالية وضمان توازن صناديق تمويل تعميم الحماية الاجتماعية.

ويؤكد خبراء اقتصاد أن الحكومة تراهن على إلغاء صندوق المقاصة، وتحويل الميزانية المخصصة له إلى تمويل الحماية الاجتماعية، ولاسيما تقديم الدعم المباشر للفئات الاجتماعية الهشة، الذي يعتبر جزءا من منظومة الحماية الاجتماعية الشاملة. ولفت لقجع إلى وضع تصور لإصلاح صندوق الدعم الاجتماعي يقوم على رفع الدعم بشكل تدريجي عن بعض المواد المدعمة، وخصوصا غاز البوتان بمقدار 10 دراهم سنويا، في إطار زمني لا يتجاوز سنة 2026.

◙ هناك إرادة فعلية لاعتماد نظام ضريبي منتظم وقار يتيح هوامش مالية مُريحة للدولة لتمويل حصتها من ورش الحماية الاجتماعية

وسيمكن هذا الإجراء، وفق المعطيات التي قدمها الوزير المكلف بالميزانية أمام البرلمان، من تعبئة هوامش مالية مهمة ستصل قيمتها إلى ما يناهز 3 مليارات درهم (295 مليون دولار) سنة 2024، و8 مليارات درهم (789 مليون دولار) سنة 2025 لترتفع إلى 12 مليار درهم (1.1 مليار دولار) ابتداء من سنة 2026.

واعتبر رشيد ساري، الخبير الاقتصادي، في تصريح لـه أن “هناك إرادة فعلية لاعتماد نظام ضريبي منتظم وقار يتيح هوامش مالية مُريحة للدولة لتمويل حصتها من ورش الحماية الاجتماعية، والمرتقب اكتمال عِقده بحلول 2025″، لافتا إلى أن اكتمال إنجاز تنفيذ برنامج الحماية الاجتماعية المتعددة يتطلب وفق تقديرات رسمية 51 مليار درهم (5 مليارات دولار) سنوياً، من ضمنها 23 مليار درهم (2.3 مليار دولار) من حصة الدولة.

وفي هذا الصدد ستقوم الحكومة بتفعيل آليات التضامن، والتي من المتوقع أن توفر 7 مليارات من العائدات الجبائية المتعلقة بالمساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالشركات في إطار انخراطها المسؤول في إنجاح هذا المشروع الوطني، وتخصيص عائدات الرسوم على عقود التأمين والضرائب الداخلية على الاستهلاك وتفعيل المساهمة الإبرائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج والتي يتوقع أن تعبئ موارد مهمة ستخصص لتمويل الورش.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: