تصعيد جزائري ضد محور الإمارات – المغرب

انضمت زعيمة حزب العمال الجزائري لويزة حنون إلى موجة التصعيد السياسي والإعلامي المناهضة لمحور أبوظبي – الرباط، حيث كشفت في تصريح صحفي أنها أثارت في لقائها الأخير مع الرئيس عبدالمجيد تبون ما أسمته بـ”المخططات التآمرية” التي تستهدف البلاد من المحور المذكور، خاصة في دول الحدود الجنوبية، وتعبئة إمكانيات مالية للتأثير على الرأي العام الأفريقي ضدها، الأمر الذي يستوجب مراجعة شاملة للعلاقات مع الإمارات.

وتوسعت الحملة الجزائرية لتشمل دولا مختلفة غير الإمارات والمغرب وإسرائيل مثل موريتانيا والسودان وليبيا.

وتجددت الحملة على الإمارات بعد زيارتين مهمتين إلى أبوظبي، الأولى للعاهل المغربي الملك محمد السادس وانتهت باتفاقيات كبرى بين المغرب والإمارات، والثانية للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الذي حظي بحفاوة كبيرة في أبوظبي.

الحملة على الإمارات تجددت بعد زيارتين مهمتين وناجحتين إلى أبوظبي، للعاهل المغربي وللرئيس الموريتاني

وأوحت الزيارتان للنظام الجزائري بأنه معزول وأن لجيرانه بدائل، وأن لا أحد يراهن على الجزائر، خاصة موريتانيا التي بدأت بتعديل دبلوماسيتها للنأي عن أجندة النظام الجزائري في ملف الصحراء.

واتهمت وسائل إعلام جزائرية موريتانيا بالرغبة في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بدعم من الإمارات، وكذلك بالتخطيط لاستضافة قاعدة عسكرية إماراتية على حدودها مع الجزائر بمساعدة من إسرائيل.

وتثير عودة الاتهامات الجزائرية للإمارات التساؤلات في غياب أي حدث يستدعي ذلك، في ما بدا أنه محاولة للتغطية على أزمات داخلية كثيرة عجز النظام عن إيجاد حلول لها بالرغم من الارتفاع الكبير في عائدات النفط والغاز.

وينأى النظام بنفسه عن إصدار مواقف وبيانات لانتقاد الإمارات أو المغرب، ويوكل مهمة الاستهداف إلى أجهزة مجهولة داخل السلطة، أو إلى معارضين يسيرون في فلكه أو ممن يبحثون عن رضاه مثل ما جرى مع حنون (يسار) وقبلها مع رئيس حركة البناء الوطني ومرشح الانتخابات الرئاسية الماضية عبدالقادر بن قرينة (إخوان).

وأهمل النظام الجزائري التعامل مع لويزة حنون لسنوات، ثم ظهرت فجأة في لقاء مع الرئيس بما يوحي بالحاجة إلى توظيفها في الحملة على الإمارات.

واتهمت حنون، في مؤتمر صحفي عقدته في أعقاب اللقاء الذي جمعها بالرئيس تبون، دولة الإمارات بقيادة مخططات تآمرية وتحريضية ضد بلادها، الأمر الذي يستدعي مراجعة مصالحها في الجزائر.

وتتجاهل الإمارات الحملات الإعلامية الجزائرية المتكررة وتحافظ على استمرار أنشطتها الاقتصادية والتجارية، مثل استحواذ موانئ دبي على ميناءي العاصمة وجن جن بمحافظة جيجل في شرق البلاد ومركّب تجميع المركبات العسكرية لعلامة مرسيدس الألمانية وشركة “مدار” للتبغ التي تستحوذ هي الأخرى على نادي شباب بلوزداد الناشط في دوري المحترفين.

وقالت زعيمة حزب العمال إن “الإمارات حرضت دولا عربية ضد الجزائر وتصطف إلى جانب الكيان الصهيوني للتموقع في المغرب، وإنها تقف وراء محاولة إدخال الكيان الصهيوني إلى الاتحاد الأفريقي ودفع دول عربية والضغط عليها للتطبيع”.

وعادت حنون إلى استثمار شائعات سربها النظام وتم تداولها خلال الأشهر الماضية في وسائل إعلام محلية، حول “اكتشاف شبكة تجسس لصالح دولة الإمارات تتكون من أربعة أفراد”، وهو ما يبرز ضرورة “مراجعة العلاقات بين البلدين، بما في ذلك مشاريع الشراكة والتبادل التجاري والاقتصادي”.

وأوردت الإذاعة الحكومية عن مصدر وصفته بـ”الموثوق” أن “دولة الإمارات منحت 15 مليون يورو للمغرب من أجل إطلاق حملة إعلامية وحملات على المنتديات الاجتماعية بهدف ضرب استقرار بلدان الساحل”.

وذكرت أن “الحملة تهدف أيضا إلى نشر الأخبار الكاذبة والدعاية المغرضة بهدف خلق جو مشحون في العلاقات بين الجزائر ودول الساحل”.

وقال متابعون للشأن الجزائري إن النظام لا يريد الاعتراف أمام الجزائريين بفشل دبلوماسيته في الحفاظ على مصالح الجزائر في محيطها الإقليمي، وتأمين أمنها القومي الذي بات مهددا بعد التطورات في مالي والنيجر، وبدلا من ذلك يبحث عن جهة أخرى يحمّلها مسؤولية فشله ويحول أنظار الجزائريين إليها عوضا عن انتقاد السلطة وتحميلها مسؤولية الفشل.

وضمن سياسة الهروب إلى الأمام كشفت حنون أنها طلبت من تبون تجميد العضوية الجزائرية في جامعة الدول العربية، كونها تحولت إلى جهاز سياسي ودبلوماسي يمرر القرارات والأفكار المناقضة للخيارات والمواقف الوطنية الثابتة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعلاقات العربية – الإسرائيلية.

وخلال الأسابيع الأخيرة تواترت بشكل لافت التقارير الصحفية في الجزائر حول ما يوصف بـ”المؤامرة الثلاثية”؛ إذ جرى الحديث عن “تعاون مشبوه بين تل أبيب وأبوظبي والرباط” في المجالات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية من أجل إثارة الفوضى والاضطرابات في المنطقة، وفي الجزائر تحديدا بسبب مواقفها الثابتة تجاه القضايا القومية.

وذكرت صحيفة “لوسوار دالجيري” الناطقة بالفرنسية أن الجزائر كانت ضمن أجندة الزيارة التي أداها العاهل المغربي إلى الإمارات مؤخرا، وأن “صفقات لتمويل مشاريع عسكرية وأمنية أبرمت بين الطرفين لخلق تفوق إستراتيجي للمغرب في المنطقة واستهداف الجزائر”.

ومنذ إقالة وزير الاتصال السابق محمد بوسليماني، وتحميله مسؤولية ما تردد في بعض وسائل الإعلام المحلية، حول ما وصف بـ”شبكة التجسس الإماراتية وطرد السفير”، يلتزم الموقف الرسمي الصمت حيال محتوى حملة الشحن التي تخوضها دوائر سياسية وإعلامية في البلاد ضد الإمارات.

واضطرت وزارة الخارجية الجزائرية إلى تفنيد مضمون بيانات نسبت إليها وترددت على شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة ما تعلق منها بالوضع في مالي والنيجر، واتهمت جهات لم تسمّها بالوقوف وراء حملة الإساءة إلى الدبلوماسية الجزائرية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: