العدالة والتنمية المغربي يستعد لعقد مؤتمره التاسع في ظل تراجع موقعه وضعف هياكله

ماموني

يستعد حزب العدالة والتنمية المغربي لعقد مؤتمره التاسع، وسط عدم اتضاح الرؤية حيال إمكانية التجديد لعبدالإله بنكيران لاسيما وأن الأخير سبق وأن لمّح مرارا لرغبته في الانسحاب من المشهد السياسي.

 قرر حزب العدالة والتنمية المغربي تحديد تاريخ عقد مؤتمره التاسع، وذلك خلال دورة عادية للمجلس الوطني للحزب التي سيحتضنها المركب الدولي مولاي رشيد للطفولة والشباب ببوزنيقة، يومي 13 و14 يناير المقبل.

وسيجري خلال الدورة المنتظرة اختيار أعضاء اللجنة التحضيرية لهذه المحطة الحاسمة في تاريخ التنظيم السياسي بعد هزيمة انتخابات 2021. ويأتي التوجه لتحديد موعد المؤتمر في سياق تتخلله قضايا وملفات هامة تعيشها الساحة الوطنية والإقليمية وتشكل تحديات كبيرة لحزب العدالة والتنمية.

وسيكون الحزب في الدورة على موعد مع الحسم في التداول على القيادة بعد تقييم حصيلة أداء الحزب خلال فترة عبدالاله بنكيران الذي لم يقرر بعد ترشحه لولاية جديدة. ولمّح بنكيران في الكثير من المناسبات إلى قرب مغادرته العمل السياسي ما سيقود إلى نقاش حاد حول زعامة الحزب بين قادته التي توارى أغلبها عن الأنظار بعد مجيء بنكيران وتنتظر الفرصة للظهور مرة أخرى.

 

هشام عميري: عودة عبدالإله بنكيران لم تكن بتلك القوة المنتظرة
هشام عميري: عودة عبدالإله بنكيران لم تكن بتلك القوة المنتظرة

 

وتعهد مكتب رئيس المجلس الوطني للعدالة والتنمية بأن يتحصل كافة أعضاء المجلس عبر وسائل التواصل المتاحة على ”البرمجة الزمنية وجدول أعمال اللجان الدائمة والدورة العادية للمجلس الوطني”، معتبرا أن البيان بمثابة دعوة لحضور أشغال الدورة العادية لبرلمان الحزب.

وبخصوص التحضيرات الأولية للمؤتمر التاسع، سجل هشام عميري، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، غياب الزخم المتعارف عليه قبل انعقاد مؤتمرات الأحزاب السياسية وبالأخص حزب العدالة والتنمية، وهذا يعود، وفق عميري إلى قيام النخبة القديمة بتقديم استقالتها من التنظيم السياسي، وكذلك إلى التراجع الذي عرفه الحزب في انتخابات 8 سبتمبر، وهو ما سمح لعبد الإله بنكيران بقيادة الحزب مرة أخرى.

وأكد عميري في تصريحات لـه أنه رغم عودة بنكيران لقيادة الحزب الذي كان له دور في التخفيف من الصراع الذي كان يعتمل داخل التنظيم مقارنة مع فترة سعدالدين العثماني، إلا أن عودته لم تكن بتلك القوة وذلك نظرا إلى ضعف تجربته في تدبير الشأن العام، وفشله في إدارة العديد من الملفات.

ودافع رئيس الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عبدالله بوانو عن بنكيران، مؤكدا أنه يطل تقريبا كل أسبوع ليقوم بأدواره في التأطير وإرسال الرسائل لمن يعنيه الأمر، وتعتبر إطلالاته الأقوى في حجم وأثر المعارضة للحكومة.

أما فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه العدالة والتنمية حاليا وبعد المؤتمر، فاعتبر هشام عميري أنها ترتبط بما هو داخلي بالأساس، إذ أن العدالة والتنمية يعاني من أزمة مالية كان لها الأثر على حملته الانتخابية في انتخابات 2021 وكانت من بين العوامل التي أدت إلى تراجع الحزب، كذلك يوجد تحدّ آخر أمام الحزب مرتبط بما هو جغرافي.

وأوضح الباحث في العلوم السياسية أن الحزب يحتاج إلى إعادة الانتشار في مختلف تراب المملكة، نظرا إلى كونه فقد مجموعة من أعضائه والمتعاطفين معه قبل انتخابات 2021 وبعدها، وهي فئة كانت تعتبر خزانا للحزب خاصة على المستوى القروي، وهو تحدّ يفرض إعادة إنتاج نخبة جديدة قادرة على إعادة التموقع.

ويحتاج الأمين العام الحالي إلى مجهود إضافي في اجتماع المجلس الوطني القادم لإقناع القيادات السابقة للمشاركة بفعالية وثقة في المؤتمر التاسع، خصوصا بعد تستر بنكيران عن عمل ذراعه اليمنى في الحزب مستشارا في ديوان رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش الذي ترى فيه قيادات العدالة خصمها الأول خاصة أنه كان وراء هزيمة الحزب في انتخابات 2021 وتسبب في إخراجه من الحكومة بشكل كامل.

ويقول مراقبون إن أثر هذا الملف لازال عالقا داخل دواليب الحزب، بعدما أَسكَت بنكيران منتقديه عندما هدد بالتنحي من منصبه في حالة استمرار الحملة التي يشنها بعض أعضاء الحزب على نائبه.

الأمين العام الحالي يحتاج إلى مجهود إضافي في اجتماع المجلس الوطني القادم لإقناع القيادات السابقة للمشاركة بفعالية وثقة في المؤتمر التاسع

ويأتي الحدث التنظيمي في ظل خفوت دور المعارضة التي يتنمى إليها العدالة والتنمية، خصوصا وأن حزب الاتحاد الاشتراكي قرر الانسحاب من تنسيقية أحزاب المعارضة داخل البرلمان المغربي، ردا على ما اعتبره الهجمات المتكررة التي يتعرض لها الحزب في الآونة الأخيرة من الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.

وكثّف بنكيران مؤخرا من هجومه على القيادة الحالية لحزب الاتحاد الاشتراكي، قائلا إن “العمل يكون مع أناس لديهم الشرف ويحترمون أنفسهم وليس مع الذي يكذب ويدلي بالتزوير بالرغم من أنه محام”، في إشارة إلى الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، واعتبر بنكيران أن هذا غير مقبول.

واستشرافا لما بعد المؤتمر المنتظر في ما يخص علاقة الحزب بباقي الأحزاب الأخرى، فيرى هشام عميري أنه سيبقى مستمرا في نفس الصراع مع حزب الاتحاد الاشتراكي، وهو صراع مرتبط بتاريخ الحزبين، أما من حيث تموقع الحزب فإنه من المؤكد أنه سينتقل إلى مرحلة جديدة من المعارضة، وذلك لاستغلال ما تبقّى من عمر الحكومة خاصة في ظل الحركات الاجتماعية والإضرابات.

وفي هذا الصدد ولكي لا يعطي آمالا كبيرة لأنصار الحزب، أكد الأمين العام على أن “موقع العدالة والتنمية وأدواره لا تحدده مقاعده ومناصبه في المؤسسات المنتخبة، وأن الذي ينبغي أن يحدد موقعنا ومكانتنا هو مواقف الحزب ومبادراته”، مؤكدا على أن انهيار منسوب الثقة بالحكومة وفي عملها وفي قدرتها على معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعجزها عن ترسيخ النزاهة والشفافية والتنافس الشريف في تدبير الشأن العام يستدعي العودة للاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

ويرى عميري في تصريح لـه أن هذا التموقع قد يؤثر على نتائج الحزب في عام 2026 بشكل إيجابي دون أن يكتسح المشهد السياسي كما في السابق، خاصة إذا أعاد الحزب النظر في علاقته مع باقي التنظيمات الدينية، وكذا في علاقته مع الأحزاب الإسلامية على مستوى العالم العربي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: