المغرب يضع أقاليم الصحراء على رادار أولوياته الاستثمارية

اكتسبت خطط المغرب لتنمية الأقاليم الجنوبية زخما كبيرا مع تزايد المؤشرات على عزم الحكومة تعزيز المشاريع التنموية المخطط لها في تلك المنطقة خلال المرحلة المقبلة في ظل قناعة المسؤولين بأنها ستصبح وجهة جاذبة لرؤوس الأموال مستقبلا.

قطعت الحكومة المغربية خطوة أخرى في جهودها لإدماج الأقاليم الصحراوية في المنظومة الاقتصادية للبلاد عبر خطط لزياد إقامة المشاريع الممولة حكوميا ضمن خطة تهدف إلى معاضدة الاستثمارات الضخمة التي باتت تحظى بها المنطقة.

وتطمح الدولة إلى فتح آفاق جديدة للجهات الجنوبية للاستفادة من مؤهلاتها التي تعتبر نقاط قوة وستشكل قوة دافعة أساسية للنمو فيها، لأنه سيمكن لأول مرة، من الإعداد والموافقة والتوقيع على اتفاقيات مشاريع الاستثمار على المستوى الجهوي.

وأكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار محسن الجزولي أن جهة الداخلة جنوبا في صميم اهتمام التوجهات الكبرى وذلك في إطار تفعيل الميثاق الجديد للاستثمار.

 

محسن الجزولي: نريد تحسين مقومات مناخ الأعمال وفق مقاربة تشاركية

وتأتي الخطط تفعيلا لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس وتماشيا مع الإمكانات والمؤهلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المهمة التي تزخر بها الجهة.

وقال الجزولي إن “الحكومة تضع جهة الداخلة في صلب اهتمام التوجهات الكبرى تفعيلا لتوجيهات الملك محمد السادس على تنزيل توصيات النموذج التنموي الجديد، والذي ينسجم مع التوجه لبلورة وتحقيق ديناميكية مهمة على المستوى المحلي”.

وتراهن الحكومة كثيرا على الشراكة بين القطاعين العام والخاص للقيام بالعديد من الاستثمارات في العديد من القطاعات الحيوية، وأيضا تطوير البنية التحتية حتى تصبح أكثر تنافسية وتسهل الحياة بالنسبة إلى المواطنين.

وأشار الجزولي خلال جلسة أمام البرلمان الأسبوع الماضي إلى أن الحكومة تسهر على تحسين مقومات مناخ الأعمال لتحفيز الاستثمار الخاص وجلب الاستثمار الأجنبي، وفق مقاربة تشاركية مع كافة القطاعات الحكومية.

وأوضح أن الخطط ستنفذ عبر اعتماد آليات عمل حديثة ترتكز على “الالتقائية بأبعادها الثلاثة، الأفقي الشمولي، والعمودي القطاعي، والمحلي والجهوي”.

وأكد أن الاستثمار العمومي سيمكن من تجويد البنية التحتية الضرورية للاستثمار وتعزيز القطاعات المنتجة على صعيد الجهة.

وخصصت الحكومة لجهة الداخلة – وادي الذهب في ميزانية العام الحالي نحو 2.6 مليار درهم (260 مليون دولار) ضمن بند الاستثمار العمومي لإنجاز مشاريع تنموية، أي بزيادة تصل إلى 42 في المئة بمقارنة سنوية.

وتشمل التنمية في الصحراء تطوير البنية التحتية وإقامة مناطق تجارة حرة على مستوى المعبر الحدودي الكركرات ومركز بئر كندوز جهة الداخلة – وادي الذهب، فضلا عن تطوير ميناء الداخلة – الأطلسي وغيرها لجعلها منطقة ربط تجارية.

وتماشيا مع أولويات النموذج التنموي، أكد نائب رئيس جهة العيون – الساقية الحمراء محمد أبا أن البرامج الاقتصادية والاجتماعية ومشاريع الطاقة والبنية التحتية عجلت بتحويل الصحراء إلى مركز اقتصادي مزدهر، وبوابة واعدة للاستثمارات في أفريقيا.

وقال في وقت سابق إن “خيار المغرب الذي لا رجعة فيه بجعل المنطقة قطبا اقتصاديا ووضع سكان الصحراء في قلب كل السياسات يجسد إرادة الدولة لمواصلة مسار التنمية والازدهار في الأقاليم الجنوبية والمنطقة بأكملها”.

260 مليون دولار الاستثمار في الداخلة هذا العام بارتفاع 42 في المئة بمقارنة سنوية

وأوضح أبا أنه تم استثمار نحو 29 مليار درهم (2.85 مليار دولار) في الجهة لتنفيذ 90 مشروعا داعما لقطاعات الإنتاج، كالفوسفات والزراعة وتربية الأحياء المائية والصناعة والطاقات المتجددة والصيد البحري والسياحة البيئية.

ويتسارع مخاض المغرب لتفعيل ركائز النموذج التنموي الجديد، حيث تنكب السلطات على توجيه بوصلتها نحو القطاع الخاص ليقود قاطرة الأنشطة التجارية والاستثمارية، بما يساعد على إعطاء النمو زخما إضافيا وفي الوقت ذاته مواجهة معضلة البطالة.

وتسعى الحكومة عبر ميثاق الاستثمار الذي أطلقه الملك محمد السادس في فبراير 2021 إلى رفع حصة الاستثمار الخاص لتبلغ 350 مليار درهم (33 مليار دولار) في السنوات الثلاث عشرة المقبلة.

وتريد الرباط أن تشكل رؤوس أموال الشركات الخاصة ثلثي إجمالي حجم الاستثمار بالبلاد بحلول 2035، مع تمكينه من إعطاء دفعة قوية للاقتصاد، بالنظر إلى مضامينه التحفيزية المبتكرة التي تهدف إلى تعزيز قطاع الأعمال.

ووفق التقديرات الرسمية فإن القطاع العام يستأثر بثلثي الاستثمارات حاليا، وبالتالي فإن إحداث انقلاب في طريقة الشراكات مع القطاع الخاص سيكون مفتاح المغرب لنجاح خططه التنموية الواعدة.

وردا على استفسار النائب عن حزب التجمع الوطني للأحرار محمد الأمين حرمة الله حول إستراتيجية الوزارة في تحريك عجلة الاستثمار والتنمية الاقتصادية في الداخلة – وادي الذهب، أوضح الجزولي أن المنهجية التشاركية تهدف إلى ضمان الكفاءة والفعالية لتعزيز التنمية في تلك المناطق مع توفير فرص عمل وتحقيق العدالة في توزيع الاستثمار.

وأكد أن ميثاق الاستثمار يطمح إلى جعل الجهات في الأقاليم الجنوبية محركا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجالات الترابية للمساهمة في إنجاح الورش الجهوية المتقدمة.

كما يتضمن القانون الإطار مقتضيات تهم كل فئات المستثمرين ويضع 4 أنظمة للدعم، تشمل الدعم الأساسي والدعم الإستراتيجي ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.

وعلاوة على ذلك، هناك نظام دعم خاص بتواجد الشركات المغربية في الأسواق الدولية والمطبق أيضا على مشاريع الاستثمار الإستراتيجية.

 

محمد أبا: البرامج التنموية حولت الصحراء إلى مركز اقتصادي مزدهر

وأكد الجزولي أنه يمكن الجمع بين نظام الدعم الأساسي وأنظمة دعم الاستثمارات التي تقترحها الجهات من الداخلة، بعد الإصلاحات العميقة التي عرفتها في السنوات الأربع الأخيرة، بهدف جعلها فاعلا متميزا في تنشيط الأعمال والمواكبة الشاملة للشركات.

ووفق المؤشرات المستندة على الاستثمارات المنجزة في إطار النموذج التنموي الجديد، والذي تجاوز معدل إنجاز مشاريعها 80 في المئة، ارتقت منطقة الصحراء إلى مرتبة القطب الاقتصادي المطابق للمعايير الدولية.

وبفضل ذلك أصبحت حلقة وصل بين المغرب وأفريقيا وأوروبا، وأن إجمالي الناتج المحلي للفرد يبلغ 5230 دولارا في مدينة العيون سنويا، وفق أبا.

ويؤكد غلا بهية عضو المجلس الجهوي للداخلة – وادي الذهب أن بلاده أطلقت برنامجا استثماريا استثنائيا في الأقاليم الجنوبية يتمحور حول مشاريع مهيكلة من قبيل الوحدات الصناعية والأقطاب التكنولوجية والموانئ.

وفضلا عن ذلك بناء المحطات الشمسية والرياح بهدف الارتقاء بالمنطقة إلى منزلة قطب للاستثمار والنمو في خدمة السكان المحليين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: