ألمانيا تدشن موجة استهداف أوروبية للإسلاميين المتعاطفين مع حماس من الإخوان والتنظيمات التابعة لإيران

حرب غزة تمثل تحديا داخليا للدول الأوروبية التي تحتضن عددا كبيرا من الإسلاميين المتعاطفين مع حركة حماس والجماعات الإسلامية الداعمة لها. ولا تستبعد أجهزة الاستخبارات الغربية تكثيف الإسلاميين لتحركاتهم التحشيدية والمالية بغاية دعم منظمتهم وهو ما يستوجب إستراتيجية استباقية للتعامل مع الأمر.

دشنت ألمانيا الخميس حملة استهداف وتعقب للإسلاميين المتعاطفين مع حماس من الإخوان والتنظيمات التابعة لإيران، في خطوة يرجح مراقبون أن تتوسع لتشمل باقي الدول الأوروبية.

ورصدت فرنسا تزايدا في خطاب الكراهية والدعاية لحماس على أراضيها بينما تستعد سويسرا التي لطالما وقفت على الحياد لتقديم مشروع قانون بنهاية فبراير القادم لتصنيف حركة حماس جماعة إرهابية، وهو ما يضيّق الخناق أكثر على الحركة التي يقول محللون إنها تعتمد على هامش الحريات والقوانين الأوروبية في تمويل شبكة تحركاتها في القارة الأوروبية ونقل الأموال إلى الجماعة في غزة.

واستهدفت الشرطة الألمانية 15 موقعا لأعضاء ومتعاطفين مع حركتَي حماس و”صامدون” الفلسطينيتين المحظورتين في البلاد، مع تنامي تحركات الأخيرتين على وقع الحرب في غزة.

 

نانسي فيزر: يجب ألا يشعر الإسلاميون والمعادون للسامية بالأمان
نانسي فيزر: يجب ألا يشعر الإسلاميون والمعادون للسامية بالأمان

 

وتشمل التحركات العمل على جمع تبرعات مالية للجماعة في غزة وبث خطابات الكراهية ضد اليهود في ألمانيا وهو ما تقول برلين إنه يعرض السلم المجتمعي للخطر.

وأوضحت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر في بيان “نواصل التحرك ضد الإسلاميين المتطرفين. ومن خلال حظر حماس و’صامدون’ في ألمانيا، أرسلنا إشارة واضحة مفادها أننا لا نتسامح مع دعم الإرهاب الهمجي الذي تمارسه حماس ضد إسرائيل”. وأضافت “يجب ألا يشعر الإسلاميون والمعادون للسامية بالأمان في أي مكان”.

وكانت ألمانيا حظرت في 2 نوفمبر نشاطات حماس و”صامدون” في البلاد حيث تفيد الأرقام الرسمية أن عدد أعضاء حماس يبلغ حوالي 450 فردا.

وقالت الوزارة إنه رغم أن أعضاء حماس لم يقوموا “بأعمال عنف” في ألمانيا حتى الآن، إلا أنهم حاولوا جمع الأموال لمساعدة الحركة في الخارج و”التأثير على الخطابين الاجتماعي والسياسي في ألمانيا”.

وأوضحت أنه “من ناحية أخرى تميل ‘صامدون’ إلى استخدام العنف (…) وتنكر حق إسرائيل في الوجود”.

ووصفت وزيرة الداخلية المحلية لبرلين إريس شبانجر حملات التفتيش الجديدة ضد منظمات إسلامية بأنها خطوة مهمة، وقالت إن “عملية اليوم تظهر أنه تتم مواصلة التصدي بشكل حاسم للأيديولوجيا الإرهابية المعادية للسامية واللاإنسانية لحركة حماس وشبكة ‘صامدون’ المحظورتين”، وأكدت أنه “لا مكان في ألمانيا لمعاداة السامية ودعم الإرهاب”.

 

إغنازيو كاسيس: السابع من أكتوبر يمثل نقطة تحول في التاريخ
إغنازيو كاسيس: السابع من أكتوبر يمثل نقطة تحول في التاريخ

 

ولم تقتصر المداهمات وحملات التعقب على حركة حماس لوحدها وإنما طالت المنظمات التابعة لإيران في ألمانيا.

وتستغل إيران الغطاء الجمعياتي الألماني للتغطية على تحركات وسلوكيات المنظمات التابعة لها، وهي مراوغة يشير مراقبون إلى أنها لم تعد تؤتي أكلها مع تشديد الحكومات الألمانية المحلية لترسانة قوانينها.

وقبل أيام، داهمت الشرطة الألمانية المركز الإسلامي في هامبورغ ومنظمات أخرى تابعة له في 7 ولايات.

ورفعت الشرطة أدلة من داخل المراكز التي تمت مداهمتها بحثاً عمّا يثبت تورطها في دعم حزب الله المحظور في ألمانيا منذ عام 2020.

وقالت الداخلية الألمانية إن السلطات “تشتبه بأن المركز يتصرف بشكل مخالف للدستور وللتفاهمات الدولية”. وأضافت أن تحقيقات جارية حالياً في شبهات تتعلق بدعم المركز لتحركات حزب الله.

وقبل عام صوت البرلمان الألماني على قرار يدعو الحكومة إلى إغلاق مركز هامبورغ الإسلامي لارتباطه بإيران، لكن الحكومة بصدد انتظار النتائج النهائية لتحقيقات الشرطة وجمع أدلة الإدانة للمصادقة على القرار.

استنفار في فرنسا

 

حملة أمنية مكثفة
حملة أمنية مكثفة

 

منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي رفعت فرنسا حالة التأهب الأمني والاستخباراتي على أراضيها إلى الدرجة القصوى، إذ تعيش جالية عربية إسلامية كبيرة داخلها إلى جانب تواجد أكبر جالية يهودية في أوروبا تقدر بـ7 ملايين شخص.

وتخشى السلطات الفرنسية التي تتبع مقاربة أكثر صرامة من نظيرتها الألمانية في تعقب واستهداف الإسلاميين على أراضيها من استغلال الجماعات الإسلامية لحرب غزة في تأجيج التوتر بين الجاليتين وهو ما ينعكس سلبا على الأمن العام.

ويتوقع على نطاق واسع أن تقوم السلطات الفرنسية على غرار نظيرتها الألمانية بحملات مداهمات واعتقالات في صفوف أنصار حركة حماس من الإسلاميين.

ويقول خبراء أمنيون إن قانون مكافحة الارهاب “المتطور” في فرنسا يسمح للأجهزة الأمنية بالقيام بحملات استباقية وقائية، مرجحين انطلاقها بشكل ملحوظ في قادم الأيام.

ولا يختلف سياق مواجهة الإسلاميين وخلاياهم في ألمانيا عن فرنسا، إذ يؤكد مراقبون أن الهدف واحد رغم اختلاف الطرق بين دولة وأخرى.

ويشير مراقبون إلى أن اختلاف سلسلة الإجراءات الوقائية والقوانين المتبعة في مكافحة الإرهاب لكل دولة على حدة يمثل نقيصة يجب تجاوزها من خلال معادلة أوروبية موحدة داخل دول القارة.

وتعد جماعة الإخوان المسلمين واحدة من أقدم الحركات الإسلامية وأكثرها نفوذاً إذ تهدف إلى إقامة نظام اجتماعي مواز. وتمتلك جماعة الإخوان المسلمين شبكة واسعة من الأشخاص والهياكل في فرنسا وأوروبا لتحقيق أجندتها الخاصة وممارسة التأثير على أبناء الجاليات المسلمة كما يتم إيلاء اهتمام خاص للسيطرة على المؤسسات الدينية والمنظمات والجمعيات الإسلامية.

إيران تستغل الغطاء الجمعياتي الألماني للتغطية على تحركات وسلوكيات المنظمات التابعة لها، وهي مراوغة يشير مراقبون إلى أنها لم تعد تؤتي أكلها

ولا تقتصر الجهود الفرنسية في مكافحة الإسلاميين المتطرفين على الداخل بل تشمل الخارج أيضا.

وصرّحت وزيرة الدولة الفرنسية لشؤون أوروبا لورانس بون، الأربعاء، بأنّ فرنسا تدعو إلى فرض عقوبات أوروبية تستهدف كبار مسؤولي حركة حماس الفلسطينية.

وقالت بون على هامش اجتماع وزراء خارجية دول “يوروميد 9” الذي يجمع تسع دول من جنوب الاتحاد الأوروبي، إنّ باريس “تدفع باتجاه عقوبات على المستوى الأوروبي ضدّ مسؤولين كبار في حماس، بشكل فردي، لأنّه في الوقت الحالي الاتحاد الأوروبي يدين المنظمة ككل فقط”.

وأضافت أنّ الفكرة ستتمحور حول “استهداف أفراد معيّنين” دون تحديد عدد أو هويات الأشخاص الذين من المحتمل أن تطالهم العقوبات “المالية بشكل رئيسي”، والتي قد تأخذ شكل تجميدٍ للأصول، حسبما أوضحت.

وتابعت الوزيرة أنّ فرنسا “ترغب في أن يخضع أشخاصٌ على صلة بحماس أو بحزب الله اللبناني حليفها الموالي لإيران، لنوع العقوبات ذاته الذي يطال أفراداً في إيران بسبب دورهم في الحرب في أوكرانيا”.

وتأمل وزيرة الدولة الفرنسية أن يتمّ تبنّي اقتراح باريس خلال الاجتماع المقبل لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في ديسمبر. وبحسب مقرّبين من بون، فإنّ برلين وروما تدعمان الاقتراح.

سويسرا على الخط

Thumbnail

أعلنت الحكومة السويسرية الأربعاء أنها تعتزم تقديم مشروع قانون بنهاية فبراير يحظر أنشطة حركة حماس وأنصارها المحتملين داخل سويسرا، معتبرة أن الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة الفلسطينية على إسرائيل يمثل “نقطة تحول في التاريخ”.

وقالت وزيرة العدل والشرطة إليزابيت بوم – شنايدر خلال مؤتمر صحفي إن “الهدف الوحيد للحظر هو منع الأنشطة الإرهابية لهذه المنظمة والأفراد الذين يدعمونها”.

وأوضحت أن حظرًا لأنشطة حماس من شأنه أن يسهّل طرد “الأشخاص الخطرين” ويسرع الإجراءات الجنائية ضد “إرهابيين محتملين”.

ويقول محللون إن مواقف الأحزاب الرئيسية في البلاد لا تترك مجالًا للشك بشأن نتيجة التصويت.

وكان حزب الشعب السويسري (يميني متطرف) الذي عزز مكانته في الانتخابات البرلمانية في 22 أكتوبر، طالب بذلك بقوة، تمامًا كالمنظمات اليهودية في البلاد.

ويعتبر البعض في سويسرا التي تفتخر بجهودها في الوساطات، أن مثل هذا الحظر قد يعرّض مكانتها في مجال المساعي الحميدة للخطر.

وقالت بوم – شنايدر “إن المجلس الفدرالي (أي الحكومة) يُدرك أن حظر منظمة ما يشكل اعتداءً كبيرًا على الحقوق الأساسية ويمكن أن يؤثر على مجال المناورة المتاح لسويسرا في السياسة الخارجية”.

غير أن المجلس الفدرالي يعتبر أن مصالح الأمن الداخلي وضرورة مكافحة “تمويل الإرهاب” تعلو فوق كل الاعتبارات الأخرى.

الحكومة السويسرية تعتزم تقديم مشروع قانون يحظر أنشطة حركة حماس وأنصارها المحتملين داخل سويسرا

وقال وزير الخارجية السويسري إغنازيو كاسيس خلال المؤتمر الصحفي نفسه “إن السابع من أكتوبر يمثل نقطة تحول في التاريخ”.

ولفتت بوم – شنايدر إلى أن البنوك والوسطاء الماليين الآخرين سيكونون ملزمين بالكشف والإبلاغ عن الأنشطة المحتملة في سويسرا لحركة حماس والمنظمات التابعة لها.

وشددت الوزيرة على أنه “ينبغي للمنظمات غير الحكومية ألا تستخدم أي تمويل سويسري لدعم أعمال حماس”.

وفي الوقت الراهن “ليست (السلطات) على علم بوجود أموال سويسرية استفادت منها حماس وأنشطتها”، حسبما قال كاسيس.

وذكّر كاسيس بأنها ليست المرة الأولى التي يحظر فيها المجلس الفدرالي في سويسرا أنشطة منظمة ما، إذ سبق أن حظر أنشطة تنظيمَي القاعدة والدولة الإسلامية.

واندلعت الحرب في غزة في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس على جنوب إسرائيل وأدّى إلى مقتل نحو 1200 شخص غالبيّتهم مدنيّون قضوا بمعظمهم في اليوم الأوّل للهجوم، وفق السلطات الإسرائيليّة. وتؤكد الأخيرة أن نحو 240 شخصا بينهم أجانب أخذوا رهائن في هجوم حماس ونقلوا إلى غزة.

وتوعّدت الدولة العبريّة حركة حماس بـ”القضاء” عليها، وتشنّ حملة قصف جوّي ومدفعي كثيف، وبدأت بعمليّات برّية اعتبارا من 27 أكتوبر، أوقعت 14128 قتيلا بينهم 5840 طفلا، وفق حكومة حماس.

وبعد أربعة أيام من هجوم حماس اعتبر المجلس الفدرالي في سويسرا أنه “يجب تصنيف حركة حماس منظمة إرهابية”.

وتمّ التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس الأربعاء ينصّ على هدنة إنسانية لمدة أربعة أيام في قطاع غزة وإطلاق سراح رهائن محتجزين لدى حماس مقابل أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: