الرحلات الرخيصة تضفي زخما على سوق السفر المغربي

يعول المسؤولون المغاربة على رحلات الطيران منخفضة التكلفة لإعطاء السفر الداخلي زخما أكبر بما يدعم السياحة، التي تشكل أحد روافد العملة الصعبة للبلد، خاصة مع عزم أكبر شركة أوروبية في هذه الفئة المنافسة على حيازة حصة في السوق الآخذة في النمو.

تحفز الإغراءات التي توفرها السلطات المغربية مع تتالي الفعاليات التي تحتضنها أبرز مدن البلاد، والاستحقاقات المرتقبة في السنوات المقبلة شركات الطيران الأجنبية على توسيع أعمالها في السوق المحلية.

وكشف مصدر حكومي ومسؤول في رايان أير لبلومبرغ الشرق الاثنين أن الشركة الأيرلندية منخفضة التكلفة تخطط لتسيير رحلات داخلية لأول مرة في البلاد ابتداء من 2024، بعدما تقدّمت بطلب رسمي للجهات التنظيمية المعنية.

ويقتصر سوق الرحلات الجوية الداخلية حاليا على شركتين، هما الخطوط الملكية المغربية الحكومية والعربية للطيران الإماراتية. ومع دخول رايان أير يتوقع أن تزداد المنافسة بما يخدم تطلعات الرباط إلى تنمية هذا المجال.

واستقبلت مطارات البلاد من بداية العام حتى نهاية أكتوبر الماضي 21.6 مليون مسافر، وكانت الحصة الأكبر منهم عبر رحلات دولية بنحو 19.5 مليون مسافر، فيما تمثل حصة السفر الجوي الداخلي 9.5 في المئة، أي نحو مليوني مسافر.

 

الزبير بوحوت: انضمام رايان أير يسهم في إنجاح خارطة طريق السياحة

ويتوقع المسؤول في رايان أير، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن يتم تسيير أولى الرحلات الداخلية في مارس المقبل بما يسهم في ربط عدد من المدن المغربية، التي تُسيّر منها الشركة الاقتصادية حاليا رحلات فقط إلى الخارج.

وتمت إحالة طلب رايان أير المصنفة الأولى أوروبيا، من رئاسة الحكومة إلى مديرية الطيران المدني بوزارة النقل واللوجستيك، ويُنتظر أن يتم الحسم فيه خلال الأشهر القليلة المقبلة، وهو ما سيحدث تغييرا كبيرا في سوق النقل الجوي الداخلي.

وقال الزبير بوحوت، الخبير في السياحة، إن “الدخول المرتقب لشركة رايان أير إلى السوق سيُسهم في إنجاح خارطة طريق السياحة، التي تعتمد في تحقيق أهدافها على تعزيز النقل الجوي لتشجيع السفر الداخلي وزيادة إيرادات القطاع”.

وكانت الحكومة قد اعتمدت في مارس الماضي خارطة طريق جديدة للسياحة تمتد حتى عام 2026 بميزانية تناهز 600 مليون دولار بهدف رفع عدد الزوار الوافدين من 11 مليونا عام 2022 إلى 17.5 مليونا.

ومن المتوقع أن يتم ذلك من خلال زيادة سعة النقل الجوي وتعزيز الترويج والتسويق وزيادة المعروض من الفنادق، في بلد تسهم فيه السياحة بنحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقا لبيانات مكتب الصرف الحكومي، بلغت إيرادات القطاع في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام 7.85 مليار دولار، بزيادة قدرها 24.8 في المئة على أساس سنوي.

ويُرجّح أن يصل عدد السياح هذا العام إلى 14 مليونا، وسيكون رقما قياسيا للقطاع، من 11 مليونا العام الماضي، بحسب فاطمة الزهراء عمور وزيرة السياحة التي تتوقع أن تستقبل بلادها 20 مليون سائح عام 2030 تاريخ استضافة كأس العالم.

 

الشركة الأيرلندية تعمل منذ 2006 في البلاد عبر تسيير رحلات من وإلى 10 مدن مغربية

وبدأت رايان أير العمل في السوق المغربية عام 2006 بتسيير رحلات دولية من وإلى عشرة مطارات في البلاد.

ونقلت الشركة الأيرلندية منذ بدء رحلاتها من وإلى البلاد حتى نهاية أكتوبر الماضي أكثر من 40 مليون مسافر.

وأعلنت في شهر أكتوبر الماضي عن إطلاق أكبر برنامج رحلات لشتاء 2023 – 2024 خاص بوجهة المغرب، يقضي بالوصول إلى 840 رحلة دولية أسبوعيا بزيادة 20 في المئة بمقارنة سنوية وذلك عبر 126 مسارا.

واعتبر بوحوت، الرئيس السابق للمجلس الجهوي للسياحة بمدينة ورزازات، أن “تعزيز النقل الجوي الداخلي بشركة ثالثة سيسهم في رفع مستوى التنافس من حيث الأسعار والجودة”.

وأوضح أن رايان أير تركز على المدن المتوسطة والصغيرة، وهو ما سيُشجع السياح الأجانب على التنقل إلى وجهات عديدة داخل البلاد، وبالتالي قضاء فترات سياحة أطول.

وكانت قد وقّعت العام الجاري على طلبية ضخمة تتضمن 390 طائرة بونيغ 737 ينتظر أن تتسلمها خلال العقد المقبل، ما يسمح برفع قدرتها دوليا من 225 مليون مسافر سنويا في 2026 إلى 300 مليون بحلول 2034.

وسيرفع البرنامج الجديد لرايان أير من مستوى ربط المغرب بمطارات أوروبا عبر رحلات جديدة مباشرة، تطال الأسواق الرئيسية للسياحة، بما في ذلك الدول الإسكندنافية وألمانيا وأوروبا الشرقية والمملكة المتحدة.

وتأتي خطط الشركة في خضم الإعلان عن استضافة المغرب، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، لكأس العالم المقرر في عام 2030.

Thumbnail

ومن أجل تحقيق زيادة رحلاتها إلى المغرب، قامت رايان أير بتخصيص طائرة إضافية لوجهة المغرب من طراز بوينغ 737 غيمشانجر بما يرفع إجمالي أسطولها إلى 12 طائرة، بكلفة استثمارية تقدر بنحو 1.2 مليار دولار، على مدى عقدين.

ويرى بوحوت أن استضافة أكبر حدث رياضي في العالم يتطلب من المغرب الرفع من قدرات النقل الجوي الداخلي، وهو ما سيتحقق بفتح هذه السوق لشركات طيران عديدة.

وتعتزم الملكية المغربية إنفاق ما يصل إلى 25 مليار دولار لمضاعفة أسطولها 4 مرات من 50 طائرة حاليا إلى 200 طائرة خلال الأعوام العشرة المقبلة.

وكان الرئيس التنفيذي للشركة عبدالحميد عدو قد قال الشهر الماضي على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش إن الهدف من شراء طائرات هو أن تصبح المملكة رابطا عالميا.

وتشير تصريحات عدو إلى أن بلاده سرعتها خطتها لشراء هذه الطائرات، حيث كان برنامجها السابق يتضمن شراء هذا العدد من الطائرات خلال 15 عاما.

وتسعى الحكومة إلى أن تكون الدار البيضاء مركزا حديثا يتمتع بقدرة استيعابية كبيرة، مع سوق ضخمة، خاصة مع حصول البلاد على حق تنظيم كأس العام.

وكانت الملكية المغربية تمتلك 60 طائرة قبل عام 2019، لكنها تخلت عن 10 منها، شملت طائرات مستأجرة لأمد طويل، فيما قررت بيع أخرى بعدما أمضت سنوات طويلة في الخدمة، بسبب انخفاض الطلب عقب تفشي الأزمة الصحية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: