الحكومة المغربية تسعى إلى فتح باب الحوار بعد تصعيد المدرسين

تسعى الحكومة المغربية إلى التهدئة مع احتجاجات المدرسين، المطالبين بسحب مرسوم النظام الأساسي للتعليم، وخوض إضراب عام وطني أيام 21 و22 و23 نوفمبر الجاري، وسط استعدادات للجلوس حالا وبدون أي إبطاء مع ممثلي الأساتذة من أجل تجويد النظام الأساسي وتبديد المخاوف حوله.

وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أن “موضوع التعليم استأثر بنقاش واسع داخل اجتماع المجلس الحكومي الأخير”، مبرزا “حرص الحكومة على أن يبقى الحوار مفتوحا مع مختلف الهيئات والنقابات التعليمية”.

وأشار إلى أن “اللجنة الوزارية، المكونة من وزير التربية الوطنية ووزير الميزانية والوزير المكلف بالشغل، مستعدة للجلوس بسرعة وقتما عبرت النقابات وكل المهتمين بالمجال عن رغبتهم في ذلك”. وشدد بايتاس على أن “الحكومة مستعدة للإنصات لكل الآراء من أجل إقرار نظام أساسي يلبي مختلف الطموحات الهادفة إلى جودة التعليم التي نطمح إليه جميعا”.

وحث المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد وزارة التربية المغربية على سحب النظام الأساسي الذي رفضه الأساتذة، والعودة إلى الحوار الجدي والمسؤول المفضي إلى نظام أساسي موحد من حيث المضامين والمقتضيات ومنصف لجميع الفئات، معبرا عن رفضه لأي اقتطاع غير مشروع من أجور المضربات والمضربين.

 

نادية فتاح العلوي: لا يجب أن يقتصر الحوار فقط على وضعية الأستاذ
نادية فتاح العلوي: لا يجب أن يقتصر الحوار فقط على وضعية الأستاذ

 

وجددت النقابات التعليمية رفضها للنظام الأساسي ودعمها لكل نضالات المدرسين ميدانيا، مع المطالبة بالزيادة في أجور وتعويضات كافة رجال ونساء التعليم، مهيبة بجميع الكوادر التعليمية بمقاطعة اللقاءات التواصلية للوزارة على جميع المستويات، سواء المحلية أو الإقليمية أو الجهوية، والاستعداد لمواجهة كل المخططات.

وتصر الوزارة على الاقتطاع من أجور الأساتذة المضربين عن العمل رغم المطالب التي وجهت إليها من أجل إعطاء فرصة للجنة الحوار لإنهاء الاحتقان، في الوقت الذي أكد التنسيق الوطني لرجال ونساء التعليم، الذي يضم 23 تنسيقة، على أن أي اقتطاع تعسفي من رواتب نساء ورجال التعليم من طرف الحكومة سيهدد مصلحة التلميذ بشكل مباشر، معتبرة ذلك تصعيدا سيدفع في اتجاه تصعيد أكبر، وعدم استكمال تنفيذ مقرر لم تحصل هيئة التدريس على أجرته.

ومع ذلك تتمسك الحكومة المغربية باستعدادها لإيجاد أفق مشترك مع نساء ورجال التعليم من أجل حل الإشكاليات المطروحة وضمان عودة التلاميذ إلى الأقسام.

وكان عزيز أخنوش قد أكد في وقت سابق أنه “سيترأس بصفته رئيسا للحكومة الاجتماع الأول لهذه اللجنة، وسيسهر على التتبع وإيجاد الحلول”، مشيرا إلى أن “باب الحوار مفتوح دائما، وأن الحكومة مستعدة لتجويد بعض مقتضيات النظام الأساسي”، لافتا إلى أن “تحقيق أهداف الدولة الاجتماعية يمر أساسا عبر تحقيق إنجازات ملموسة تقطع مع خسارة الزمن المدرسي”.

وحتى لا يتكرر فشل الحوار بين النقابات والوزارة مرة أخرى، أكد يونس فيراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على استعدادهم للحوار مع اللجنة الثلاثية التي كلفها رئيس الحكومة بمتابعة الموضوع مع ضمانات للاستجابة للمطالب وليس لتمطيط الزمن، مؤكدا على “وجود أطراف متعددة متدخلة في هذا الموضوع عليها تحمل مسؤوليتها الكاملة لإنهاء المعضلة شموليا”.

وقالت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي إن “الحكومة وقطاع التعليم وجميع المكونات منفتحة على الحوار لكن لا يجب أن يقتصر فقط على وضعية الأستاذ”، مضيفة أن “المسؤولية الكبيرة تقع على عاتق الحكومة، لكن تبقى المسؤولية مشتركة”.

ونوه المستشار البرلماني عن فريق الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب خالد السطي بـ”تدخل رئيس الحكومة وإحداث لجنة وزارية متمنيا التوصل إلى حل لهذا الإشكال العويص، مع إشراك كل المتدخلين والمعنيين، داعيا إلى الإسراع في الاستماع لكل النقابات التعليمية الفاعلة وممثلي الأساتذة المضربين، وليس المتغيبين كما تطلق عليهم الوزارة”.

◙ الحكومة المغربية تتمسك بالاستعداد لإيجاد أفق مشترك مع نساء ورجال التعليم من أجل حل الإشكاليات المطروحة وضمان عودة التلاميذ إلى الأقسام

ويعود رفض النظام الأساسي الجديد من طرف هيئة التدريس، في جزء منه حسب الباحث في قضايا التربية والتعليم مصطفى شكري، في تصريح لـه، إلى المنهجية غير التشاورية ولا التشاركية للوزارة إذ إن السرية لزمت مسار الإعداد، وذاعت الإشاعات والتسريبات، وكثر اللغط حول البنود والمضامين، وتعددت الرؤى حول المستجدات والمكتسبات، وكما غابت الديمقراطية في الإعداد غابت في التمرير القانوني بتغييب النقاش المجتمعي.

من جهته أوضح وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، أمام لجنة التعليم بالبرلمان، أن “نية الوزارة كانت إيجابية، لكن قراءة مضامين النظام الأساسي جاءت عكسية وربما يعود ذلك إلى أنها لم تتواصل بالشكل المطلوب من أجل تقديم توضيحات أكثر ومنح ضمانات أكبر”.

وحملت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك المسؤولية للوزارة الوصية والهيئات النقابية، باعتبارها “المسؤولة عما يعانيه قطاع التعليم”، داعية ما سمته كل عقلاء وحكماء الوطن إلى التدخل والانخراط الجاد من أجل إيقاف نزيف ضياع الزمن المدرسي للمتعلمين، وذلك “حرصا منها على المصلحة الفضلى للتلميذ وللمدرسة العمومية”.

كما دعت الجامعة، في بيان لها، إلى ضرورة “ضمان الحق في التمدرس لكل بنات وأبناء هذا الوطن في جو يوفر شروط التحصيل وجودة التعلم وتكافؤ الفرص”، مشددة كذلك على “عدم إهمال حقوق وكرامة كافة مكونات هيئات نساء ورجال التعليم باعتبارهم العمود الفقري للمدرسة العمومية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: