التعليم الديني يحصن المجتمع المغربي ويعزز منظومة قيمه

ماموني

يتسم التعليم الديني في المغرب بالوسطية والاعتدال والتسامح، وهي قيم كونية تساعد على بناء أسر متماسكة ومجتمع محصن. ويحظى التعليم الديني في المملكة باهتمام كبير من العاهل المغربي الملك محمد السادس، حيث يتزايد عدد  مؤسساته من سنة إلى أخرى. ويرى خبراء علم الاجتماع أن التعليم الديني يوضح كيفية التفاهم والتعامل للوصول إلى قواعد متكاملة في الأخلاق والعلم والعمل.

يحظى التعليم الديني في المغرب بأهمية كبرى لدى الأوساط الاجتماعية والسياسية لما له من تأثير عميق على المجتمع والأسرة والأفراد، ذلك أنه يحصن المجتمع ويعزز منظومة القيم داخله.

وأكد المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة دستورية) أن التعليم الديني له دور مهم داخل المنظومة في حماية الثوابت الدينية والحاجة إلى الارتقاء بها أكثر، حيث تساهم مؤسساته في تحصين المجتمع المغربي، والحفاظ على ثوابته الدينية وهويته التاريخية والحضارية، وذلك من خلال إرساء نظام تعليمي يتسم بالوسطية والاعتدال والتسامح واحترام الآخر.

وللتعليم الديني تأثير كبير على سلوك الفرد داخل الأسرة، حيث يمكّن من توجيه الأسرة المسلمة حتى تكون مميزه عن غيرها من الأسر، ويبين طرق تعامل أفراد الأسرة مع بعضهم بعضا، ويوضح كيفية التفاهم والتعامل للوصول إلى قواعد متكاملة في الأخلاق والعلم والعمل، فهو منظومة متكاملة ونافعة لمن يطبقها.

وقال عبدالله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج  إن “التعليم الديني يحظى بعناية العاهل المغربي الملك محمد السادس التي تصب في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحاء، وهي إستراتيجية نعتبرها جد مهمة، مبنية على ثوابت الدين الإسلامي الوسطي، مع تعليم الأديان والثقافات الأخرى، ووضع تكوين للأساتذة في هذا المجال، كما أنه من غير الممكن تدريس الدين بمعزل عن علوم الاجتماع والاقتصاد وتاريخ الأديان، حتى نتمكن من تكوين مواطن سليم محصن يستطيع فحص جميع الإشكاليات الدينية والدنيوية المطروحة بشكل علمي وعقلاني وبحس نقدي”.

التعليم الديني له دور مهم داخل المنظومة المجتمعية وذلك من خلال حماية الثوابت الدينية والحاجة إلى الارتقاء بها أكثر

ورفض أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية اختزال التعليم الديني في حفظ القرآن الكريم، مؤكدا أن طلبة تلك المدارس الذين يصل عددهم إلى 400 ألف يدرسون اللغات الأجنبية والمواد العلمية واللغة العربية بالموازاة مع حفظ القرآن، مؤكدا أن هذا التعليم مدرسة مغربية للأصالة وليس فيها ما يناقض ما يوجد في برامج التعليم العمومي ولا يصنع الإرهاب، و”لكن الإرهاب يمكن أن يصنع في 6 ملايين تلميذ آخر إذا لم نراقبهم”.

وقال التوفيق خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الأوقاف، أمام أعضاء لجنة الخارجية والشؤون الإسلامية بمجلس النواب، إن التعليم الديني منذ سنة 2000 إلى اليوم شهد تحولا كبيرا حيث وصل إلى 300 مؤسسة، مضيفا “نحن رخصنا لهؤلاء الذين يقرؤون القرآن بأن يلتحقوا بالتعليم في سنّ بعد سن التمدرس وبرامجه التي وضعتها الوزارة فيها كل المواصفات”.

وأوضح “إذا حصل الطالب على شهادة الإعدادي وعلى المعادلات بالتعليم العمومي بشهاداته وسنواته يمكنه أن ينتقل من التعليم العمومي إلى التعليم الديني، والعكس ممكن إذا كان هنالك ضمانة للقرآن الكريم، ما من شأنه أن يمكّن من الحفاظ على هذا التعليم من جهة، ومن إقناع جميع الأطراف بعيدا عن المزايدات في الغيرة على القرآن الكريم، من جهة أخرى”.

وشدد مدير دار الحديث الحسينية أحمد الخمليشي على أن قضية التعليم الديني تحظى بأهمية قصوى بالنظر إلى الفترة الزمنية الطويلة التي يتطلّبها الإلمام بالقراءات القرآنية المتواترة وصعوبة إتقانها، داعيا إلى التفكير في سبل لمواكبة هذه الفئة المحافظة على الموروث القرآني وإدماجها في الحياة المهنية، وجعل التعليم الديني مفيدا من الناحية الدينية والعقدية ومن ناحية ممارسة الحياة العملية.

Thumbnail

من جهته شدد فريق حزب الاستقلال داخل البرلمان على أهمية التعليم الديني، مؤكدا أنه يدخل في صلب الإستراتيجية الوطنية لتأهيل الحقل الديني التي أعلن عنها الملك محمد السادس، داعيا إلى ضرورة تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للعاملين بهذا القطاع.

وأكد رئيس المجلس العلمي المحلي بشيشاوة عبدالحق الأزهري، في ندوة علمية، أن المدارس الدينية تعمل على تعزيز منظومة القيم وحماية الأمن الروحي للمغاربة، كما أنها تدافع أيضا عن ثوابت المملكة، وتعمل على إشاعة نمط التدين المغربي، مع التشديد على محورية تلقين اللغات لطلبة التعليم العتيق، والعلوم القحة، إضافة إلى تمكينهم من تكوين مهني ييسّر قابلية التشغيل لديهم.

وسبق للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن أكد “حرصه على تأهيل المدارس الدينية، وصيانة تحفيظ القرآن الكريم، من كل استغلال أو انحراف يمسّ بالهوية المغربية، مع توفير مسالك وبرامج تكوين تدمج طلبتها في المنظومة التربوية الوطنية، وتجنّب تخريج الفكر المنغلق، وتشجع الانفتاح على الثقافات”.

وحرصت المملكة خلال العشرين سنة الماضية على تأهيل التعليم الديني من عدة جوانب، لاسيما من خلال التأطير القانوني والرفع من عدد المؤسسات، إذ انتقل عدد مدارس التعليم الديني، بحسب معطيات رسمية، من 114 مدرسة تعمل بنظام الدراسات والامتحانات إلى 295 مدرسة بطاقة استيعابية وصلت 36 ألف متمدرس  خلال الموسم الدراسي 2022 – 2023، مقابل 7683 متمدرسا خلال الموسم الدراسي 2006 ـ 2007.

Thumbnail

وعرف قطاع التعليم الديني تطورا نوعيا وكميا تعزز بصدور القانون بشأن التعليم العتيق والنصوص التنظيمية المفعلة له والتي تعتبر الإطار المرجعي لتأهيل وتطوير هذا التعليم وإدماجه في المنظومة التربوية وفق إستراتيجية تربوية متكاملة تراعي خصوصياته وتضمن انفتاحه على محيطه الاقتصادي والاجتماعي، وتمكّن من تحسين جودة التربية والتكوين بمؤسساته، والرفع من مستوى أداء أطرها التربوية والإدارية وكذا تزويدها بالمعدات والتجهيزات اللازمة للقيام بدورها على أحسن وجه.

وفي هذا الإطار، أوصى المجلس الأعلى للحسابات وهو يتحدث عن ضرورة تقييم منظومة التعليم الديني، بالعمل على تحيين الإطار الإستراتيجي، لتأهيل منظومة التعليمية، وفق رؤية مندمجة مبنية على تحديد دقيق للأهداف المتوخاة في هذا القطاع، مع الاعتماد على مؤشرات أداء تتيح إجراء تقييم منتظم لجميع مراحل التخطيط وإنجاز مشاريع التأهيل مع ضرورة تفعيل آليات التنسيق والتعاون والشراكة المنصوص عليها في قانون التعليم الديني مع جميع الفاعلين الأساسيين، لاسيما قطاعي التربية الوطنية والتعليم العالي، وذلك من أجل تحسين أداء المنظومة التربوية للتعليم العتيق.

وكشف الوزير أحمد التوفيق على إعداد دليل الإشراف التربوي بالتعليم الديني، وتطوير عملية التأطير والمراقبة التربوية والإدارية بمؤسسات التعليم الديني والشروع في تجويد عملية التنشيط التربوي داخلها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: